الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th July,2005 العدد : 113

الأثنين 27 ,جمادى الاولى 1426

قراءات ثقافية في أساليب التفاوض الدولي
عبدالله الزازان
منذ سنوات اتجه العالم إلى أسلوب التفاوض كبديل لأسلوب القوة الذي كان سائداً أيام الحرب الباردة، وقد وسّع دعاة السلام في العالم أساليب التفاوض الدولي ولم تعد مقتصرة على الحروب والمنازعات وإنما امتدت إلى التعاون الشامل في كل مجالات الحياة: التجارة، الأمن، البيئة، التكنولوجيا، التبادل العلمي، الثقافي، الكوارث، التلوث. ونتيجة لذلك سارعت كثير من الدول إلى البحث عن أساليب جديدة ومتطورة في التفاوض فأنشأت مؤسسات ومراكز تدريب متطورة لإيجاد متخصصين ذوي مهارات تدريبية عالية في مختلف أساليب التفاوض.. وقد بادرت دور النشر في الغرب إلى استقطاب خبراء التفاوض ورصد تجاربهم ونشر المؤلفات والدراسات والأبحاث والنظريات والمبادئ الأساسية في حقل التفاوض. فقد نشرت مجلة الدراسات الدبلوماسية عرضاً لكتابين، الأول عن التفاوض الدولي (International Negotiation) تلخيص د. جميل محمود مراد، يتألف الكتاب من أربعة أجزاء رئيسية.
يتناول الجزء الأول دراسة وممارسة المفاوضات الدولية.
ويتناول الجزء الثاني المناهج العلمية للمفاوضات، ويستعرض الجزء الثالث تطبيق التفكير العلمي على المفاوضات، أما الجزء الرابع فيتطرق إلى التعليم والتدريب.
أما الكتاب الثاني فهو عن أساليب التفاوض الوطنية (National Negotiations Styies) عرض د. مصطفى عالم، يستعرض الكتاب أساليب مختلفة لخمس دول: الصين، الاتحاد السوفيتي السابق، اليابان، جمهورية مصر العربية، المكسيك. وقد شارك فيه مجموعة من الكتاب، فقد كتب (سولومون) عن السلوك التفاوضي عند الصينيين حيث (يرى أن الصينيين يميلون إلى بناء علاقة صداقة.. فأهم ما يميز المفاوض الصيني هو مقدرته على إبراز صداقته للطرق الآخر.. ويهدفون من ذلك إلى تقصي الأهداف باتباع عدد من الإستراتيجيات ترمي إلى استغلال مشاعر الصداقة.. يميل الصينيون أيضاً إلى استخدام أسلوب المساومة المستمرة حتى بعد إبرام الاتفاق).
كما كتب كل من (ليسون سلوس) و(سكوت ديفس) عن سلوك التفاوض لدى ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي. وسوف اختصر ما ذكره د. عالم من أن السوفيت يبدون أكثر عدوانية وأقل رقة، حيث يميلون إلى المواجهة والشدة واستخدام القوة، ويضعون الطرف الآخر في موقف دفاعي ويتبعون أسلوب الإرهاق بإطالة الجلسات والتعنت وإعطاء تنازلات متقطعة على شكل شرائح وتوقع الحصول على المقابل لكل تنازل.
وكتب (استيفن فايس) و(ناشاينال تاير) عن الأسلوب الياباني في التفاوض.. يقول د. عالم: إن اليابانيين يفضلون عدم الدخول في مفاوضات رسمية حيث يعتبرون أن رسمية التفاوض تمثل نوعاً من الصراع الاجتماعي، ويعتبرون أن العلاقات الشخصية شيء مهم في المفاوضات، ولكنهم لا يؤمنون باستغلال العلاقات الشخصية لأهداف غير مشروعة.
ويشرح مايكل هاريسون أسلوب التفاوض عند الفرنسيين بأن الفرنسيين يبتعدون عن الأسلوب الرسمي وخصوصاً فيما يتصل بالأمن القومي الفرنسي، بل إنهم يتشددون في إعطاء تنازلات باعتبار أن أي تنازل يؤثر على مكانتهم التاريخية، ولذلك فإنهم يحرصون على تجنب المواقف التي قد تضطرهم إلى تقديم تنازلات لدول أقوى منهم لكنهم في نفس الوقت مرنون في تغيير أنماط التفاوض حسب الوقت وسلوك الطرف المفاوض.
أما أسلوب التفاوض المصري فإنه حسب رؤية (وليم كواندات) فإنه يتبع تكتيكاً بيروقراطياً متطوراً.
يقول وليم: إن المصريين كثيرو الاعتزاز بتاريخهم وأن ظروف الاستقلال التي مروا بها والتدخلات الخارجية التي أصابت بلادهم تجعلهم يشككون دائماً في الطرف المفاوض إلا أنهم يظلون خبراء مهرة في اتخاذ تكتيك جرئ يفاجئ ويربك الخصوم، مثلاً فهم يعمدون مثلاً إلى تغيير الموقف التفاوضي بصورة مفاجئة ومذهلة مما يضع الخصم أمام تنازلات، وقد حدث ذلك في مفاوضات كامب ديفيد، كذلك فإنهم يتقنون أسلوب المساومة أو الوسيط.
ويقيّم (جورج جريسون) أسلوب التفاوض المكسيكي بأنه يأخذ نمطاً دفاعياً، فالمفاوضات غير الرسمية تعطي نتائج إيجابية وخصوصاً في الموضوعات الفنية، إلا أن المفاوض المكسيكي ليس لديه صلاحيات في تغيير الوضع التفاوضي وإن كان عنده حيز بسيط في تغيير التكتيك.. ويختتم د. مصطفى عالم عرضه بجملة من التوصيات العامة وهي:
أن يكون الهدف واضحاً والاستعداد جيداً.
فهم أسلوب الطرف المفاوض ومراعاة المواقف المتشددة التي قد تخل بالتفاوض.
تطوير العلاقة الشخصية بالطرف الآخر والابتعاد عن الاستغلال.
التركيز على التفاصيل خاصة إذا كان هناك مشاكل على الاتفاق.
الابتعاد عن الحساسيات القومية.
التفاهم عن طريق الجلسات غير الرسمية.
لقد أخذ التفاوض بعداً إستراتيجياً بل أصبح الفاعل الحقيقي في المسيرة العالمية. والسؤال بل الأسئلة التي تعترضنا:
هل حقيقة عندنا خبراء متخصصون ذوو مهارات عالية في مسائل التفاوض، لقد طوّر العالم أنماط التفاوض فصارت له مدارسه وإستراتيجياته وتكتيكاته، ولذلك فإن علينا أن نسارع الخطى في تدريب كوادر فعّالة سواء عن طريق الشروع في إيجاد معاهد عليا متخصصة أو عن طريق بعثات خارجية. فالتفاوض سلاح العصر الجديد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved