الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th September,2006 العدد : 169

الأثنين 11 ,شعبان 1427

معوقات الإسهام الفاعل لوسائل الإعلام السعودية في نشر ثقافة الإبداع(*) 3-4
بدر بن أحمد كريِّم*

وأفاد محمد عبدالعزيز الخميس بأن الإبداع الذي لا يتجاوز 2% من المجتمع يحتاج إلى مؤسسات خدمية، تبلور الأفكار الجديدة المفيدة؛ بحكم أنها المولد الأساس للرقي والتقدم داخل أي مجتمع، بغية اللحاق بركاب المجتمعات المتقدمة.
ورأى أنّ حياة الأفراد في مجتمعات العالم لم تكن لتتطور لولا الخوارزمي، وجابر بن حيان، وابن خلدون، وأديسون، وجراهام بل، وإسحاق نيوتن، وطالب بإيجاد قوات اتصال بين المفكرين، ومراكز أبحاث، ومعامل علمية لاحتضان الأفكار الجديدة، وتحويلها إلى واقع ملموس، صيانة لها من التحليق خارج السرب، أو الانقراض على المدى البعيد.
من جانب آخر، ذهب الدكتور هتّان توفيق (الأستاذ المساعد بقسم العلوم الرياضية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن) إلى أنّ (بداية الإصلاح يجب أن تنطلق من الإعلام المحلي، ثم العربي فالعالمي) (38)، فيما اتهم الإعلام العربي بأنه (لم يؤد رسالته كاملة بتثقيف الرأي العام، وزيادة وعيه، وتوجيهه) (39)، وانتقد تحوُّل الإعلام العربي في كثير من الأحيان (إلى أهداف ترفيهية تعتمد على ما يطلبه نوع من الجمهور، دون النظر إلى تعارضها مع الأهداف الأساسية المطلوبة من الإعلام، كما أدت زيادة توجيهه للجماهير نحو عالم الفن، واهتمامه الكثير بالرياضة إلى زيادة المنتمين إلى التوجهات الرياضية والفنية، وحماس أكبر لقطاع كبير في الناس لمجاراة نجومهم، وبذل الكثير من الجهد، والوقت، للوصول إلى شهرتهم الإعلامية). (40)
ونجَم عن هذا التحوُّل الإعلامي وفقاً للدكتور هتان توفيق قلة في أعداد المبدعين، والمخترعين في الوطن العربي؛ وبالتالي ضعف الاهتمام الإعلامي، لانتفاء طرح الموضوعات المتصلة بالإبداع، أو قلتها بشكل لا يجعل منها مادة قادرة على تحقيق الأهداف الإعلامية المطلوبة، وعزا ذلك إلى (الأرباح العائدة من الاستثمار في الفن، وكونها لا تقارن بتلك المستفادة من الاستثمار في الموهوبين) (41)، مشيراً إلى أنّ العوائد المالية للفن أكثر وسريعة، بينما عوائد استثمار الموهوبين تحتاج إلى صبر؛ لأنه استثمار طويل الأجل يتأخر تحصيل أرباحه فترة من الزمن.
وفي ضوء ما تقدم يستنتج المهتم بدراسة واقع إسهام وسائل الإعلام السعودية في نشر ثقافة الإبداع في المجتمع بأنها مقصرة إزاء الموهوبين، والمتميزين، والمخترعين، والمبتكرين، والمتفوقين عقلياً في المجتمع السعودي، وأن تركيز اهتمامها على الرياضة والفن جاء على حساب الاهتمام بالموهوبين، والمبدعين، والمبتكرين، رغم أن المادة 18 من السياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية طالبت الإعلام السعودي بأن يقوم بنصيبه في دعم النهضة العلمية والثقافية، فضلاً عن أن المادة 9 من هذه السياسة طالبت الإعلام السعودي بأن يولي (برامج الأطفال التوجيهية، والترفيهية، والتثقيفية، ما تستحقه من جهد واهتمام)، وأن يضع هذه البرامج (على أسس تربوية، علمية، مدروسة، ويعهد بها إلى ذوي الاختصاص الدقيق)؛ لأن الطفل السعودي كما قالت هذه المادة (فطرة نقية صافية وتربة خصبة) إلى جانب أن (صورة مجتمع الغد إنما تلمح من خلال طفل اليوم).
وفي المقابل طالبت المادة 11 من السياسة الإعلامية السعودية بتخصيص برامج مدروسة للشباب، تعالج مشكلاتهم، وتلبي حاجاتهم، وتصونهم من كل انحراف، وتعدهم إعداداً سليماً قوياً في الدين، والخلق، والسلوك، وأن يرعى الإعلام السعودي الشباب رعاية خاصة، تنبثق من الإدراك الواعي للمرحلة الخطرة التي يمرون بها، ابتداءً من مرحلة المراهقة إلى بلوغ مرحلة الرشد.
رابعاً: معوقات الإسهام الفاعل لوسائل الإعلام السعودية في نشر الثقافة الإبداعية:
1 المعوقات المتعلقة بالمجتمع، وتشمل:
أ ضعف جهود الجهات الحكومية ذات العلاقة بنشر الثقافة الإبداعية
هناك أزمة عميقة بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بنشر الثقافة الإبداعية، ليس على مستوى المجتمع السعودي فحسب، بل حتى على مستوى المؤسسات التنظيمية، تتجلى من خلال مؤشرات متعددة، منها: الضعف الذي يسود أداء هذه المؤسسات، وبخاصة المؤسسات الإعلامية؛ مما نجم عنه نقص فاعليتها وعجز تأثيرها، ومن هنا فإن السمة الغالبة على أداء هذه المؤسسات، ضعف قدرتها على نشر الثقافة الإبداعية؛ ولذلك فإن الأسئلة التي تطرح نفسها على الساحة: هل تأتى هذا الضعف عن الأنانية الفردية كما يرى البعض، أم بالثقافة الإدارية والتنظيمية، أم بالبنية الاجتماعية، أم بالنظام التعليمي، أم بتعدد الجهات التي تشرف على نشر الثقافة؟
ليس هناك شك في أن النظام التعليمي هو المسؤول الأول عن هذا الضعف، ثم الأسرة التي رسخت تقاليد منعت أفرادها، من القيام بمبادرات فردية ذاتية، ثم تغيب الأفق المجتمعي، وعدم ربطه بالتقنية المهنية، وعدم نشوء مؤسسات موازية تلبي حاجات المجتمع من ثقافة الإبداع، ومن أهمها المؤسسات الأهلية غير الربحية التي ينبغي أن تبتعد عن البيروقراطية، وتمارس أساليب ديمقراطية أو شبه ديمقراطية في نشر هذه الثقافة، وتتيح للأفراد حصولهم على حقوقهم منها، وتقدم المواطن النموذجي الذي تنادَى وتشاوَر في الأمر، فهبّ يبحث عن ثقافة إبداعية، تنمّي روح المبادرة الفردية، ولا تدمر روح العمل الجماعي (إن يد الله مع الجماعة) ولا تعمق استراتيجيات الأنانية.
ومن الملاحظ أنه على الرغم مما تقوم به مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين من جهود في هذه المضمار، إلا أن ما تبذله والجهات المماثلة يعد محدوداً؛ إذ تقل الجهود الهادفة لتبسيط المعارف العلمية، وإيصالها إلى أكبر كم من الجماهير، إلى جانب ضعف الجهات ذات العلاقة، وبخاصة مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، في مجال إعداد وتأهيل الإعلاميين والإعلاميات السعوديين، القادرين على القيام بمهام الإعلام العلمي، ومن المؤمل والمنتظر أن تعمل هذه المؤسسة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة مثل: أقسام الإعلام في الجامعات السعودية، والجمعية السعودية للإعلام والاتصال، على تنظيم برامج تدريبية في الداخل والخارج، للإعلاميين العاملين في هذه المؤسسة، أو في الأقسام العلمية في الصحف, والمجلات، والإذاعة، والرائي في المجتمع السعودي.
(38) مجلة الموهوبين، ع 8، رمضان 1424هـ.
(39) المرجع السابق.
(40) المرجع السابق.
(41) المرجع السابق.


* العضو السابق في مجلس الشورى والمحاضر حالياً بقسم الإعلام في كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

الصفحة الرئيسة
فضاءات
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved