الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th September,2006 العدد : 169

الأثنين 11 ,شعبان 1427

وميض ..عبد الرحمن السليمان
الرسامون الأدباء

العلاقة بين الاهتمامات التشكيلية وبعض الفنون الأدبية كبيرة، فعدد ممن يرسمون كانت وربما لم تزل لديهم اهتمامات مماثلة في مجال الآداب. أثارني هذا الموضوع بعد نشر الأستاذ محمد القشعمي موضوعاً عن الفنان الراحل عبد الحليم رضوي يبين فيه اهتماماً جديداً وقديماً في نفس الوقت، فيه كتب رضوي شعراً وخواطر أدبية تنضاف إلى اهتماماته وهو الذي نحت ورسم وكتب.
في الساحة العربية العديد من النماذج المماثلة بل والتي تقاسم الاهتمامان إبداعات الفنان إلا أننا نلمس لدى بعضهم تفاوتاً أو رجحان كفة جانب على الآخر بل إنه يعرف كرسام أو كقاص أو كشاعر تحديداً وتغيب معه اهتماماته الأخرى، فالكاتب والناقد الفلسطيني المعروف جبرا إبراهيم جبرا هو أيضاً روائي وقاص ومترجم درس في جامعة كمبريدج البريطانية كانت له اهتمامات مبكرة في الرسم، ومع محدوديتها أو محدودية حضوره التشكيلي إلا أنه لفت في هذا الجانب من خلال الكتابات التي عرفت به على نحو أكبر في ساحة الفن التشكيلي العربية حتى اعتبر أحد نقادها، وجبرا أحد مؤسسي جماعة بغداد للفن الحديث عام 1951 مع الفنان العراقي الشهير جواد سليم، وأحد المشاركين في معرضها الأول مع شاكر حسن آل سعيد ومحمود صبري ولورنا سليم وآخرين، كما أنه كتب نص بيان الجماعة الثاني عام 1955
في المملكة كانت للقاص والكاتب الراحل عبد العزيز مشري اهتمامات في مجال الرسم، وكان له بعض التواجد في معارض شهدتها المنطقة الشرقية أواخر السبعينيات وكانت خامته الاحبار خاصة الأسود ، أما مواضيعه فكانت أقرب للرسومات المصاحبة للأعمال الأدبية، وكانت تنقل إحساساً عفوياً بالفكرة إلا أن مشري واصل اهتماماته الأدبية ليحتل مكانة كبيرة في مجال القصة السعودية، ولم يعرف كثيراً كرسام أو صاحب اهتمام بالرسم إلا عند فئة محدودة من معارفه. الأمر ينطبق على أدونيس الذي عرض بعض رسوماته مؤخراً في البحرين وهو الشاعر الأكثر شهرة، ورسوماته القليلة كانت ملامسة تشكيلية لعالمه مع الحرف العربي. ويتقاسم الفن التشكيلي والأدب اهتمامات بعضهم من أمثال الفنان التشكيلي المصري عز الدين نجيب الذي كتب رواية بعنوان (الصامتون)، وكذلك الفنانة التشكيلية ثريا البقصمي التي كتبت القصة وكتبت ورسمت للأطفال. هناك رسام وقاص سعودي مبتعد عن الساحتين هو عبد الله العتيق، اسم آخر معروف كفنان تشكيلي وهو عبد الله إدريس صاحب اهتمامات أدبية مختلفة تنعكس في رسوماته، ويعرف الأمير بدر بن عبد المحسن كشاعر لكنه تعاطى الرسم، وكانت أعماله التشكيلية أقرب إلى وحي قصائده، أو تتلاقى مع مضامينها، ولعلنا في تجربة الأمير خالد الفيصل التشكيلية نجد مقابلاً مهماً لأعماله الشعرية، وإن لم تأخذ ذات الحجم الذي عرف عنه كشاعر إلا أنه لامست جوانب إنسانية متعددة، وعبرت عن نفس الرسام الشاعر خاصة في أعماله التي استوحاها من بعض القصائد العربية الشهيرة، وكذلك أعماله الأخرى.
وواقع اهتمامات بعضهم بالفن والأدب قد يضع رجوح كفة على أخرى، يقول ناني بالتستريني وهو شاعر ورسام وروائي وصاحب اهتمامات ثقافية مختلفة (أنه لا مفر من الانحياز) لكن هذا المثقف الإيطالي متعدد المواهب والاهتمامات يقول: إنه ينطلق من الشعر في كل ما يقوم به، ومن هنا فإن إصداراته الشعرية تتغلب على سواها على أنه أقام معارضه الفنية في عدد من المدن الأوروبية، ولعلنا نتذكر الفنان والشاعر والقاص جبران خليل جبران الذي اعتبر رومانتيكيا ثم أحد المبشرين بالحداثة العربية أو أحد روادها لعلنا نجد أن الجانب التشكيلي المغمور لدى بعضهم ينعكس كتابة وهو ما نلمسه لدى بعضهم ممن لم يجدوا أو يقتنعوا بأدائهم التشكيلي، ومع ذلك نجد نسبة من النجاح في ممارستهم الكتابية خاصة النقدية. عديدون مارسوا نوعاً من الكتابة الشعرية أو القصصية أو حتى إلى ما هو أقرب من الخاطرة، ومع ذلك تبقى هذه الممارسة حالة وقتية لا تواكب غالباً النتاج الفني التشكيلي في الجهة المقابلة، ومثلما قال بالستريني لا مفر من الانحياز.


solimanart@gmail.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved