الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 4th October,2004 العدد : 79

الأثنين 20 ,شعبان 1425

تكوين
محمد الدبيسي
عبدالفتاح أبو مدين(وعلامات)*
في تقدمته لكتاب(عبدالفتاح أبو مدين) الجديد الصادر عن نادي جدة الأدبي(وعلامات).. ينص الأستاذ (راضي صدوق) على أن (أبا مدين) (رجل من صناعة نفسه وعصاميته) وفي كتاب(الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد) الصادر عام 1401هـ في ثلاثة أجزاء.. يصف د. إبراهيم الفوزان..(عبدالفتاح أبو مدين) بأنه (غزير الإنتاج في المقالة الأدبية والاجتماعية ويعتبر من أدباء مرحلة الثورة التجديدية).
أما تاريخ الصحافة السعودية.. فيشهد بأن (أبا مدين) قد أصدر جريدة الأضواء مع محمد سعيد باعشن عام 76هـ. وأصدر منفرداً.. مجلة (الرائد) عام 79هـ.
* وأما الضمير الثقافي في بلادنا فيشهد بأن عبدالفتاح.. قد أفنى عمره.. واستنفد جهده وصحته ليكون للثقافة حضور وللأدب مكانته.. وللأدباء ملتقياتهم.. ومنتدياتهم.. استنباتاً من أرجاء الوطن واستقطاباً من الخارج.. منذ كانت الثقافة قضيته وهمه الأصيل..! يوليها كل ذلك الجهد العظيم والتفاني الرائع.. والعناية اللائقة..
* عبدالفتاح (الظاهرة).. التي لم تكرر.. في تاريخنا الثقافي..! أحال نادي جدة الى نموذج مؤسسي لا يسير وفقاً لإجراءات إدارية.. وروتين وظيفي صفيق.. ووخم بيروقراطي متهالك..! بل اعتباراً بأنه منبر تنوير.. ومباءة إصلاح.. وسدى فعل ثقافي بكل محاميل الكلمة ودلالتها.. وصدق الممارسة ورقيها..
لم تكن استدانته مبلغا مالياً لاقامة (ملتقى قراءة النص) الأخير.. آخر مروءات المثقف والإنسان.. المحتكم إلى المبدأ.. والمخلص للمعرفة.. والمؤمن بدوره ورسالته..!
* ولم تكن مسيرة (علامات في النقد) وقد أضحت مرجعاً نقدياً عربياً وصيغة لمعنى مسؤولية الثقافة.. ووثيقة للباحثين والدارسين في كل أنحاء الوطن العربي.. إلا دلالة على معنى الثقافة المسؤولية.. والجهد المؤازر بالتخطيط والمتابعة.. كل ذلك.. يجعل من هذه الظاهرة الثقافية في مشهدنا.. معلما حقيقاً بالتأمل وقميناً بالاحترام.. لا ينتظر (عبدالفتاح) هذه الكلمات.. لتزفه بخيلاء مدائحي.. أو تدون علامة في سجل إنجازه العظيم او تضيف الى مكانته رتوشا مناقبية..! وهو المنقبة الوضاءة في سياق ثقافة ترتعش بوهن القائمين على مؤسساتها.. وتنتعش وترتقي.. عندما تضحى رسالة ومسؤولية.. لا يعيها إلا المنضوون تحت نبراسها.. والباحثون عما يكرس أهميتها.. ويعزز دورها التنويري..!
* ولكل ذلك.. يأخذ كتابه الجديد (وعلامات) دلالة العطف على المحتذى العلمي ورصيده في ذهن القارئ (علامات في النقد) وكذا دلالة العطف في (الاهتداء).. الى جملة اطروحات.. ضمتها هذه الاضبارة.. التي تجمع ثلاثاً وعشرين دراسة ومقالة.. تكون الثقافة محورها والبحث القرائي التحليلي اجراءها.. وتحرز الموضوعية اسلوبها الصياغي.. الذي يوجز خبرة (نصف قرن) من القراءة والمعرفة.. والتجربة، تستبطن معايشه المراحل الأولى للثقافة في بلادنا.. وتحولاتها.. كما تعيها ذاكرة المؤلف..
* وعبدالفتاح عندما يكتب عن (شوقي والمتنبي) ص221 (ومن أحسن قولاً) ص191 (ونفثات من اقلام الشباب) ص387 لا يلم شتات المعلومات المبثوثة في المنون.. عن هذه القضايا أو الشخصيات، ولايربط بين متفرقات توحد نهجها الدلالي، وإنما يضع مدخله القرائي.. المؤسس على المرجعية الثقافية.. والذهنية والمدربة معرفياً في مطالع معالجاته القرائية.. يصغي لذائقة راكم الزمن عمقها.. لتضيف المعلومة.. وتصوغ الرؤية التحليلة مفهوماً وبعداً يوازي بين المعلومة والرأي..! المبني على دقة النظر وعلمية الاستنتاج..
حتى في المقالات التي أخذت طابع المراجعة.. مثل (بين محمد صادق شاكر وطه حسين) ص 245 (مع تأملات وذكريات) ص155 (الحجاج وحكم التاريخ) و(رجل دولة وتاريخ).
* حيث تشير معالجاته.. الى منظومة قيم معرفية يلج عبر الاحتكام اليها.. الى مساءلة من استقرأ انتاجهم وكتاباتهم.. بوعي موضوعي، وفاعلية تتوخى
الاحتكام الى الرؤية المنهجية.. وسلامة الاستدلال.. ببيان اسلوبي يوجز اشكالية الافتراق.. بين الرأي المنصوص عليه، والرأي المخالف..؟ كناتج للتلقي وكاختلاف في الاتجاه.. ومن هنا تأخذ الاطروحات أهميتها
العلمية في التدقيق النظري، والاختلاف التطبيقي.. المرتهن لرؤية ترصد المعلومة أو الرأي.. وتحلل نتيجتهما وتضيف اشكالية التساؤل والنقاش.. لتوظيف الاختلاف بتحرير منطقي لمحركاته وأساساته الموضوعية..!
* ومسبار (أبو مدين) القرائي.. يتقصى عناصر الموضوعات المتفرقة التي حفل بها الكتاب.. ليعطي أهمية ثقافية تضيء أكثر من قضية..
تشكل حساسية اهتماماته والتزامه الأخلاقي.. وشخصيته الأدبية.. في الحراك الثقافي المعاصر..!
اذ يعي مقومات الرأي العلمي، وعلاقته بالسيرورة المجتمعية واشكالية اتجاهاتها.. واسترفاق رؤية شمولية واعية في مسار معالجته لقضاياها
كما في(الإسلام وقيم العصر) ص173 و(خصوصية الثقافة في عصر العولمة) ص263 و(القراءة للجميع.. كيف؟) ص365 .
* اذ يتوافر على رصيد تجربة الحياة.. والوعي بالاحتياجات الموضوعية للحاضر.. والمنطلق الأجدى بالاتباع..! بوعي.. يحتوي حساسية البنية المجتمعية والثقافية ومكوناتها العامة.. وكيفية بث ما يدعم الحركة التنويرية في مختلف أطيافها.. منطلقاً من تصور شمولي لمعوقات الوعي والتقدم في حاضرنا المعاصر كما في (خصوصية الثقافة في عصر العولمة) ص263 وذلك.. ما يجعل لمثل هذه المعالجات وجاهة ومنطقية على صعيد الرؤية والمنهج والنتائج..
* إن أهمية هذا الكتاب لدي.. تنبع من اشكاليات القضايا التي تطرق اليها المؤلف، كفاحص يدرك موضع الاشكال، ومثال المأزق في جملة القضايا التي عرض لها، وناقشها، وهو ينهل من رصيد مرجعي في الممارسة الثقافية.. قوامها تجربة نصف قرن من الاشتجار بالأدب والتأصيل للبنية الثقافية، والمشاركة في تحرير خطابها..
وهو ما يشكل منهجية خارجية عن المساق الأكاديمي.. ومتعالية على مثالات الاتباعية..! واجترار المعلومة وإعادة نسخها..؟ الى الوعي بكيفية تعاطي أمثلة أو منجزات الخطاب ذاته.. بإجراء يفحص ويصحح، ويقوم، فضيلة معرفية، يدركها المؤلف لتعكس ثقافته الأصلية، وبنية شخصيته الأدبية الرائدة..!


md1413@hotmail.com
*وعلامات ، عبد الفتاح ابو مدين، نادي جدة الثقافي الادبي، الطبعة الاولى 1425هـ. 2004م

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved