ما بال عينك منها الماء منسكب |
كأنه من كلى مفرية سَرِب |
تزدان للعين إبهاجاً إذا سفرت |
وتحرج العين فيها حين تنقلب |
ديار مية إذ مي تساعفنا |
ولا يرى مثلها عجم ولا عرب |
لمياء في شفتيها حوة لعس |
وفي اللثاث وفي اثيابها شنب |
براقة الجيد واللبات واضحة |
كأنها ظبية أفضى بها لبب |
كحلاً في برح صفراء في نعج |
كأنها فضة قد مسها ذهب |
عجزاً ممكورة خمصانة قلق |
عنها الوشاح وتم الجسم والقصب |
والقرط في حرة الذفرى معلقة |
تباعد الحبل منها فهو يضطرب |
زين الثياب وإن أثوابها استلبت |
على الحشية يوماً زانها السلب |
تلك الفتاة التي علقتها عرضا |
إن الكريم وذا الإسلام يختلب |
تريك سنة وجه غير مقرفة |
ملساء ليس بها خال ولا ندب |
ليست بفاحشة في بيت جارتها |
ولا تعاب ولا ترمى بها الريب |
سافت بطيّبة العرنين مارنها |
بالمسك والعنبر الهندي مختضب |
هذه الأبيات لذي الرمة من قصيدة طويلة قال عنها صديقه وجاره الشاعر الفحل (جرير): (لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته هذه لكان أشعر الناس..) ومثل هذا التعاطي في الإطراء بين شاعرين عربيين فذين في زمن مضى يجدد نفسه في تعاطٍ آخر راقٍ بين شاعرين وشميين معاصرين هما الشاعر الأستاذ عبدالرحمن العبدالكريم من شقراء والشاعر الدكتور إبراهيم الزيد.. فحين اطلع الأستاذ العبدالكريم على قصيدة الزيد التي يقول فيها.. وهي بعنوان.. ريح الخزامي:ما في التغني بحب الدار من باس |
إذا أتى الحب عن صدق وإحساس |
فحبك الدار حب منك ساكنها |
وحبك الأرض إيماء إلى الناس |
وليس في ذاك إيماء إلى دمن |
من الدوارس إني لست بالناسي |
أفدي ثراك بلادي أينما وجدت |
بدافق من دماء القلب والراس |
ولا أبالي بما ألقاه من فتى |
إذا كبحت جماح الطامع القاسي |
فموطن المجد لا أرضاه ممتهناً |
ولو فقدت به ترداد أنفاسي |
فحبة الرمل في أرضي ولو ظمئت |
أغلى من التير بل أبهى من الماس |
يرح الخزامى بها يذكي مودتنا |
وريق الشيح تجديد لإيناسي |
ومنبت الرمت في أرضي ولو بعدت |
يسري نداه بنا أشهى من الآس |
فعيشة المرء في عز بموطنه |
أغلى وفاء من الدنيا (بتكساس) |
أستشعر الحب إن فارقت حوزتها |
يلج بي هاجس يذكي لوسواس |
أحب نجداً إذا هاج الصبا سحراً |
كما أحب حجاز الله نبراسي |
وأفتدي برعماً فوق السراة نما |
يضاحك الشمس في دل ومياسي |
فأهلها الصيد أهلي والكرام هموا |
زكوا أصولاً وبدوا كل أجناس |
حين اطلع الشاعر العبدالكريم على قصيدة ريح الخزامى هذه عارضها بقصيدته ريح الروض التي يقول فيها:ذو الخرد البيض سهل غير مشكاس |
في القدر يفضل عباس بن مرداس.. |
يا صانع الحس شعرا من جوانحه |
بكا غد يتهادى عبر قرطاس |
لا فض فوك ولا المختار ما نفحت |
ريح الخزامى ندياً خير نبراس |
تحية من بطاح الوشم أرسلها |
منها ومن ساكنيها بعد أرماس |
أزفها من ربى شقرا معطرة |
بالشيح بالرمث بل روض وبسباس |
ألوى بنا الدهر كل في متاهته |
للرزق يسعى بنشاب وأقواس |
إني وأنت كمن شدا إلى قرن |
للغوص في لجنة من دون مرجاس |
لا فخر أن تفتخر إلا بمكرمة.. |
تريش ملتجئاً ذلاً إلى الناس |
نشرت في جريدة الندوة - الثلاثاء 14-6- 1413هـ العدد 10227