الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th December,2006 العدد : 179

الأثنين 13 ,ذو القعدة 1427

مناجاة صديقٍ في الغربة..!
حمد بن دعيج الدعيج*

إلى أخي الصديق.. والقريب الحبيب.. الأستاذ الدكتور أبي خالد إبراهيم بن محمد بن حمد آل زيد.. وهو في رحلته العلاجية في أمريكا منذ قرابة السنتين.. أبعث وأهدي هذه المشاعر الأخوية المتواضعة في حق رجل كبير.. في علمه وأدبه الجم.. وطيب معشره يشهد له بذلك - وأَزْيَد - سيرته العلمية العطرة.. المنتهية بالدكتوراه ثم الأستاذية (بروفيسور) منذ أن اختط طريقه وبدأ خطواته الدراسية الأولى في مدينة مرات بالوشم.. وأكملها في رحاب مكة المكرمة (الخالدية الابتدائية) فالطائف (دار التوحيد) فمكة مرة أخرى حيث تقيم أسرته (كلية الشريعة والدراسات الإسلامية) عام 1380ه.. ثم في بريطانيا (إكستر) 1401ه حيث نال شهادة الدكتوراه في التاريخ بتحقيق كتاب (المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب) كما سيأتي ذكره، وما تخلل هذه المسيرة في أدائه - وبكل حماس وجدية وإخلاص - أعماله التي زاولها في مواقع وميادين متعددة في خدمة دينه وملكيه ووطنه.. وأمته العربية والإسلامية التي لم تغب عن ذهنه في كل أشعاره وآثاره الأدبية والتاريخية والتوثيقية، فقد سعد به ميدان التربية والتعليم، وحظي به مجال الإدارة الحكومية في إمارة منطقة عسير مديراً عاماً لديوان الإمارة - في فترة إعارة - متشرفاً بالعمل في رفقة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز - المدرسة الراقية في كل فن - وفقه الله، وذلك في بداية تسلم سموه مهام الإمارة هناك.. ثم في إمارة منطقة الباحة، وكيلاً لمعالي أميرها النشط المرحوم إن شاء الله إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم.. ثم أميراً لها بالنيابة بعد وفاة معالي الأمير وقبل تعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز وفقه الله أميراً لها.. ثم عودته لميدانه الرحب ومجاله المحبب، حيث الحرم الجامعي في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة عضواً بهيئة التدريس بها في مادة التاريخ، وتدرجه بأبحاثه العلمية حتى حصل على درجة (الأستاذية) مستمراً في أداء عمله بهمة وموضوعية وتجردٍ وفق أصول البحث والتحقيق المطلوب ممن يشغل مثل كرسيه في الجامعة.. إلى جانب حرصه ورعايته لطلبته.. وما قدم خلال مسيرته العلمية هذه من آثار مميزة تتمثل في إصداراته المتعددة منذ عام 1398ه فما بعدها - وأبحاث تاريخية، ودراسات توثيقية كان في صدارتها تحقيق للكتاب الذي سبق أن صدر من تأليف عمه الشيخ عبدالرحمن ابن حمد بن زيد المغيري رحمه الله والموسوم ب (المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب) كما سلف ذكره والذي أصبح من أهم المراجع في بابه، لربطه الفروع بالأصول من أنساب أبناء الجزيرة العربية وتجرده فيما قدمه الكتاب الأساسي والتحقيق.. ولن ينسى له الشباب في مدينة مرات إسهاماته المشكورة - ضمن نخبة من زملائه في مرات - في إنشاء ومتابعة (النادي الأدبي والثقافي) في مرات في أواخر السبعينات الهجرية من القرن الماضي، والذي استمر عدة سنوات بعد إنشائه حيث كان يقيمه في ليالي الجُمَع - طلبة مرات في الإجازات الصيفية للمدارس - كل عام حين عودتهم إلى بلدهم من رحلاتهم العلمية لما فوق الابتدائية آنذاك في الرياض والطائف ومكة المكرمة.. وكان هذا النادي بحقٍ يمثل أول منبر إشعاعٍ وتوعية يقام في الوشم آنذاك.. ولا أنسى هِمَّة أبي خالد وفقه الله وشفاه وحرصه الشديد على أن يرى إصداراً خاصاً عن جده الأعلى لأمه الفاضلة - وهو أيضا جدي الخامس - الشيخ - أحمد بن علي بن دعيج قاضي مرات للإمام فيصل بن تركي آل سعود رحمهم الله جميعاً (ت 1268ه)، (1) وأرجو أن يتحقق أمله إن شاء الله..
كما أبتهل إلى الله تعالى أن يمن على أبي خالد بتمام الشفاء، وأن يعود إلينا قريباً بمزيد من الصحة والعافية ليسعد به أهله وأصدقاؤه ومحبوه وقراؤه وهم كثر بحمد الله.. ولكي تكتمل عيناه وتتعطر أنفاسه بشميم ورؤية وطنه الغالي، والعيش الكريم بين أفيائه.. وفي ربوعه الأثيرة لديه، كيف لا.! وكل من يتصفح دواوينه الثلاثة (المحراب المهجور، أغنيه الشمس، جراح الليل) وأشعاره اللاحقة لها وأفكاره المنشورة في الصحف والمجلات المحلية يدرك بكل وضوح، ويحس ويلمس ويعايش كم تغنى أبو خالد بحب هذا الوطن ربوعاً وأهلين، كم تغنى برحاب سهوله، وبشموخ جباله، وباندياح وتشعب وديانه، وظليل أشجاره، وأريج أزهاره..
كم تغنى وصدح لأشبال هذا الوطن وشبابه.. كم افتخر بعقيدته، واعتز بقادته، وأشاد بأمجاد ماضيه وأمته العربية والإسلامية.. كم طرح الأماني العِراض، ونشر التفاؤل، ونثر الآمال لمستقبل مشرق يحلم به لهذا الوطن الغالي، وذلك ما تحقق ويتحقق تباعاً وبقفزات إلى الأمام بفضل الله ومزيد آلائه ثم بإخلاص مهمة قيادته الرشيدة وعزيمة أبنائه المخلصين.. ولا يفوتني أن أقدم أخلص الشكر وأوفاه لجريدة (الجزيرة) الغراء بقيادة رئيس تحريرها الأستاذ الفاضل - خالد بن حمد المالك.. ولملحقها الأدبي والثقافي المتميز (المجلة الثقافية) بإشراف الأستاذ الأديب - إبراهيم بن عبدالرحمن التركي وزملائه الكرام في نهجهم المقدَّر بإصدار هذا الملف عن محب الجميع الأستاذ الدكتور الشاعر والمؤرخ - إبراهيم بن محمد الزيد ضمن ملفات أخرى تحمل - من أدباء وكتاب أوفياء - دفء العواطف.. وتضم عبق المشاعر.. ونفحات الوفاء والتقدير للرواد والمجدين من الأدباء والمفكرين في بلادنا الغالية.. والسعيدة بقيادتها المخلصة.. ورجالها المخلصين..
ومعذرة في الاسترسال في استهلال هذه الأبيات المتواضعة التي كنت بدأت مطلعها وأنا في رحلة بالطائرة.. وكنت وقتها أتصور المسافات والآماد الطويلة التي بيني وبين أخي الدكتور إبراهيم وهو يواصل العلاج في أمريكا.. وأرى قافيتها وقد استعصت عليّ مما دفعني - لعجزي وقلة بضاعتي في الشعر - إلى تكرار بعض مفرداتها.. وأعترف سلفاً بأنها أقرب إلى النظم منها إلى الشعر المجنِّح.. فأكرر الاعتذار..
عبر المحيط.. وفي الإشراق والفسق
نبثك الوجد ملء القلب والحدق
مهما نأيت فإن الشوق يحملنا
إلى رحابك - إبراهيم - بالعبق
نستمطر الرب من أنداء رحمته
سحائباً بالشفا تكسوك بالألق
وتنثر الوبل هتانا يمحصكم
من السقام.. بلا آهٍ ولا أرق
وتزرع البِشر والآمال في مهجٍ
حرّى.. من البعد في شوق وفي حرق
قد كنت أترعتها حباً وتكرمةً
فبادلتك الوفا.. والفضل للسبق (2)
شتى الحقول سقيتم دونما كللٍ
قفر الدروب سلكتم دونما قلق (3)
علماً تفيضونه بحثاً وتجليةً
لكشف تاريخنا المملوء بالعبق
شعراً تغنت به الدنيا.. وتربية
كنتم بها قدوة غراء في الأفق
وفي الإمارة (4) أبليتم فكان لكم
ذكر (5) يشوق من الإنجاز والخلق
أعيذك الله أن تبقى رهين جوىً
سُقماً ونأياً عن الأهلين في فرق
وليهنك الأجر في صبر ظفرت به
على البلاء.. وهذا شأن كل تقي
وليجزل الله بالحسنى لمن رهنت
لأجلك العمر في لطفٍ بلا نزق
تلك ام خالدٍ الفضلى فكم بذلت
لك الوفاء بقلب مخصبٍ غدِق
وفي البنين.. مع الإخوان كلهمُ
وشائج الحب تدني كل مفترق
يارب أسعدهما إلفين ما بقيا
ممتعين بفضلٍ منك متّسِق
أرجو لكم عودة عجلى إلى حرمٍ
قد كنتمُ فيه مغمورين بالألق
أرجوكم شربة من نبع زمزمه
فيها الشفاء من الأدواء والرهق
إني لأرجو ب (قروى) (6) عود جيرتنا
والكل في بهجة يبتل بالودق
من كل نائبةٍ تؤذي أحبتنا
نعوذ بالله رب الناس والفَلَق
***
1- كتاب: روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين.. تأليف الشيخ محمد العثمان القاضي الجزء الأول ص 72 -73 وكذلك كتاب علماء نجد خلال ستة وثمانية قرون تاليف الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام رحمه الله.
2- اشارة لجولات المفتشين والموجين الميدانية في براري واودية وجبال الطائف حيث كان يعمل
3- اثارة لاعماله التوثيقية وتحقيق بعض الكتاب
4- اثارة لما ذكر في المقدمة من عمله بأمارتي منطقتي عسير والباحة
5- مقل (كان) قبلها عقل تام هنا
6- قروى أحد أحياء مدينة الطائف


* عضو مجلس الشورى

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved