البلوزة الصوف
أحلام خميس الزعيم
|
(نظراتهم تحيطني!!..
هل خلت المدرسة وساحاتها من حدث غيري؟! تباً لهم.. عيونهم تكاد تطير من محاجرها لتلحقني، أصابعهم ترغب أن تطول حتى تصلني فتلكزني)..
تسارعت قدماها بتسارع نبضها لتبحث عن مكان تدس فيه جسدها الصغير بعيدا عنهن، تركض والأصوات تتبعها وتغمض عينيها بشدة فتغزوها المناظر.. (المريول) الذي أعطته مدام نادية لأمها مع بعض المال أجراً لخدمتها في البيت هو الشيء الوحيد الذي تمتلكه لتذهب به إلى المدرسة. ورغم أن هذا المريول لا يصل إلا لشبر قبل كعبها إلا أن وجوده كان سبب سعادة كبيرة لهيام التي تناست أنه لا يعدو كونه مريول قديم استعملته ابنة مدام نادية مع الكثير غيره حتى انتفخ جسدها الذي تحشوه كل يوم بالبطاطس المقلية والدجاج واللحم والحلويات ولم يعد قادرا - هذا المريول - على تحملها..
الآن.. بعد ثلاث سنوات حان لجسد هيام أن يتضخم بهيكل عظمي ووجه مصفر، ولم يعد ذلك المريول قادرا على تحمل أعباء هذا التضخم، أعلن (سحاب) هذا المريول أنه سيفتح ولن يغلق.. أخبرتها أمها أنها ستحاول أن تدبر ثمن (سحاب) جديد، فقط عليها أن تصبر بضعة أيام. سترتدي هيام فوق مريولها (بلوزة) صوف - هي الوحيدة التي تمتلكها - حتى تستر عيب مريولها المدرسي. تلك البلوزة تفاعلت مع شمس أغسطس لتثبت ألا مكان للفقراء مثلها على وجه الأرض، أما ضحكات زميلاتها اللاتي لم يتورعن عن إخفاء عجبهن وسخريتهن بمظهر بلوزة صوف في شهر أغسطس أصابها بالاختناق..
لا زالت أقدامها تحث الخطى والمشاهد تزدحم برأسها الصغير، تريد أن تبتعد وتلحقها أصواتهن لتوقظها وتذكرها أنها ما زالت معهن!!.
صوت ابن مدام نادية الغليظ حين فاجأها بضربة على رأسها فحرمت بعدها لذة الخروج من الغرفة والقراءة على بلاط الدرج البارد!!..
المائدة التي شاهدتها حين أوصلت طلبات مدام نادية.. الأطباق المحشوة بالأرز واللحم والمكسرات..
مجموعة من الطالبات بقربها يتغامزن ويرفعن أصواتهن..
- سيكون يوما ماطرا بغزارة.. اسألوا هيام.
صرخة عالية تهز جدران المدرسة.. وجدران العمارة.. ثم جدران الحي..
كفى. كفى!!
a7lam-alz3eem@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
