الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th December,2006 العدد : 179

الأثنين 13 ,ذو القعدة 1427

تأنيب
عبد الله سليمان الطليان - الخرج
بشعور المرارة والألم سلك الطريق المؤدي إلى خارج المدينة، وهاهو من جديد يفشل في تحقيق أمنياته ورغباته وعادت كلمات والده تنزل على رأسه كالمطرقة (إنك إنسان فاشل) والتي تمزقه وتأسر تفكيره، يحدث نفسه بين حين وآخر: لماذا يلازمني هذا الفشل محصورا علي وحدي وانحدر بي إلى هذا الحال؟
يستجمع قواه ليقاوم تلك الضغوط للخروج من دائرة الضياع ولكن معالم حياته أصبحت مظلمة، جسمه يرحل إلى حيث الضعف والهزال، منكسر الهمة تراوح في نفسه عوامل اليأس والإحباط، ملابسه عديمة الاهتمام لأنه لا يمثل وزنا اجتماعيا مرموقا، تتغير الأشياء أمامه وهو قابع في حاله ينتظر أن يأتي الفرج، يعيش وفق روتين الحياة اليومي بدون طموح.
يردد كلمات الفشل بشيء من الهلوسة، لقد سحق وصار مثل بقايا الأشجار اليابسة، جلس على الأرض بعدما شعر بالتعب والإرهاق من السير في ذلك الجو الصيفي الحارق، وراح يمسح عرقه من على وجه، ثم أمسك بعود جاف أخذ يحفر به الأرض وتطلع إلى الطريق والسؤال يطرق تفكيره: أين سيحل به المقام؟ إن الهروب من الواقع لا يحل المشكلة بل ستظل تطارده وتؤرقه، قابل رجلاً في أثناء سيره بدا عليه مظهر الثراء، فنظر إليه وحدث نفسه: أتراه يعيش في كدر كما أعيشه؟ إن ذلك بعيد عنه، إن الهموم لم تجد إليه سبيلا، معاناتي صارت كابوسا لا يطاق.
إن الأحلام تجعل الإنسان يعيش في سعادة غامرة وقتية ثم يصحو ليجد أنه غارق إلى رأسه في واقعه المرير، إن الانغماس في التفكير سوف يحرقه ويصرع مخيلته، لماذا لا يخرج من ذلك، مال بنفسه إلى أعماق التدهور وانجرف نحو الهاوية وترك الفشل بصمات بارزة عليه، لقد تراكم في ذاكرته.
عندما كان صغيرا وقعت له حادثة ما زالت ماثلة أمامه ولم تغب عن ذهنه، ترسبت في عقله، عاد يوما من المدرسة وهو يحمل الشهادة، قابل والده الذي راح يكيل له كلمات الغضب والتعنيف وفقد السيطرة على نفسه فأمعن في ضربه بشدة حتى أنه كاد أن يهلك، وذلك عائد إلى رسوبه في نصف المواد الدراسية، عاشت معه تلك الحادثة في مراحل عمره المختلفة، انحنى بجسده نحو الأرض وانهمرت دموعه الحارقة على التراب، واسترسل في البكاء وبعدها نظر إلى جسمه وقال إنه سوف يرحل عاجلا أو آجلا، وتنتهي معاناته التي قتلت آخر ما تبقى منه، وهل هو جدير بمواصلة الحياة؟
نظر إلى يديه ورجليه وقال: ما الفائدة منهما لم تمنحني ما كنت أرجوه، أجهدهما ولكن لم أصل إلى مبتغاي، غيري أدرك طريقه وأنا ما زلت أعارك واقعي، ولكن خرجت صفر اليدين بعدما قتلني الإحباط واليأس، فمتى تكون النهاية؟
يمضي الوقت ويسدل النهار نوره لكي يبقى هناك رجل آخر يحاول أن يقاوم مما تبقى لديه من قوة هذا الفشل.


abdllh_800@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved