الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th December,2006 العدد : 179

الأثنين 13 ,ذو القعدة 1427

الخطراوي وأسرة الوادي المبارك
الرائد لا يكذب اهله ..!!2-3
محمد الدبيسي

ثانياً: المستوى المنهجي:
الخطراوي كما عرفناه.. وكما عرَّفتنا به مؤلفاته وكتاباته.. حيادياً غير مجامل ولا مراهن في القضية الفكرية.. لا يتردد في التصريح بأن كثيراً من خصومه في الساحة الثقافية يعدون حياده العلمي نكراناً لحقوق الصداقة ومجافاة لشروطها.. وربما كانوا محقين في ذلك بحكم تصورهم.. ولكنه لا يأبه بذلك كما يقول في المقدمة:
(وقد تحريت الصدق فلم أغمط أحداً أو أضيف إليه ما ليس له.. أما أولئك الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا.. فإني لم آبه لقولهم.. ولم أبال بموقفهم.. لأنهم فطروا على التسلق.. واغتيال جهود الآخرين.. وقد جدوا كثيراً في محاربة الخطراوي وأمثاله.. ويأبى الله إلا أن يتم نوره) ص3..
وإذا كان هذا المقطع يرمز إلى الاعتداد البالغ بالذات من قبل المؤلف.. فإنه كذلك يشي بالموقف الملتزم بمسلك قيمي في البحث العلمي، يدلل على ذلك الحياد.. الذي نزعم أن المؤلف قد استوفى شروطه.. واتخذه نبراساً يضيء له كشف الحقيقة.. وكتابة التاريخ الثقافي..!
(التاريخ الثقافي) الذي تستودعه الذاكرة الثقافية ويصبح حقاً متاحاً للكل.. منجزا جماعيا للمجموعة الإنسانية التي تشترك في تكوينه والتعبير عنه.. وإن كان هنا يتخذ منحى ذا خصوصية، حيث يعبر عن حقبة تاريخية وثقافية معينة، ومكان تعبر تجلياته عن معاني تلك الخصوصية.
فهو حضورها الحي والدائم وسجل صنائعها.. يتلقاه القراء وتسبر عبره حركة ماضيها.. وإرثها الثقافي والأدبي والإرهاصات الأولى التي مهدت لقيام هذه الحركة واستقرارها والمفاصل المهمة التي مرت بها خلال نشأتها وتنامي منجزاتها وأثرها في الواقع العام.
ويقارب الخطراوي الوعي بهذا المفهوم.. في المخطط التفصيلي لأبواب الكتاب وفصوله التي اتخذت تراتباً منطقياً في تواليها وانتظامها.. واستيعابها لأجواء تلك الحقبة ومعطياتها وسياقها ونتائجها حيث بدأ بمقاربة توضيحية لطبيعة المعطيات الأدبية العامة.. التي تفتحت عيون الأسرة عليها.. فقال:
فتحنا أعيننا حين عرفنا القراءة وبدأنا رحلة العذاب الأبدي مع الحرف في السبعينات أي السنوات الآتية بعد الستين.. والمكونة بعشرة السبعين (61- 62-70هـ) على أسماء لامعة ورواد بارزين.. من كتاب الشعر والنثر كالعقاد والرافعي والزيات والمعداوي. وجبران ونعيمة. ومارون عبود وغيرهم.. ووصلت إلى أيدينا مجلات رائعة.. كالرسالة والأديب ثم الأدب ص4
وبما أن الموضوع الرئيس للكتاب (أسرة وجماعة أدبية) نجده يقدم توطئة تعرف القارئ بهذه الجماعات في الوطن العربي ولاسيما في العواصم التي كانت مراكز لإنتاج الثقافة.. ويشير إلى فكرة نشوء هذه الجماعات ونماذج منها: كأسرة الجبل الملهم في الشام.. والتي جاء على وزنها كما يذكر الخطراوي (أسرة الوادي المبارك).. وجماعة الأدب الحديث ورابطة الأدب الحديث في مصر ورابطة القلم الجديد بتونس وجماعة أبولو. ص5.
وفي هذا الإطار العام للجماعات الأدبية في الوطن العربي.. يعرض المؤلف للتجاذب بين هذه الجماعات وشداة الأدب الصاعدين في الحجاز.. ونحدد الحجاز هنا.. كإقليم.. كان سباقاً في التأسيس للحركة الثقافية وتسنم موضع الريادة فيها بحسب شهادة الباحثين في تاريخ الأدب في بلادنا.
ويخلص الخطراوي في فصل سماه (النشأة والميلاد) إلى تحديد ولادة أسرة الوادي المبارك ومؤسسيها الأول، وهم: (محمد العامر الرميح ومحمد هاشم رشيد وحسن مصطفى صيرفي سنة 1371هـ) ص17. انضم إليهم فيها بعد: عبدالعزيز الربيع وعبدالرحمن الشبل وعبدالرحيم أبو بكر ومحمد العيد الخطراوي.
ويؤكد المؤلف مرة أخرى حياده العلمي المنهجي.. فيذكر أن هؤلاء السبعة هم أول مجلس إدارة لنادي المدينة المنورة.. التي استقام عوده على أرضية أدبية راسخة متينة.. كان لأسرة الوادي المبارك شرف تأسيسها وترسيخ دعائمها..
فيقول (.... أقول لمعشر حاولوا أن يقحموا بغير علم أشخاصاً آخرين.. ليسوا في العير ولا في النفير.. ولفئة أخرى تصر على إلباس نفسها توب شرف التأسيس وماهم في ذلك من شيء..) ص40 ثم يعرض للرسالة التي أراد الأسرة إيصالها والمبدأ الذي ارتضته لنشاطها فيقول: (إنما أسست أسرة الوادي المبارك بغية تحقيق طموحات أعضائها.. حول نظرتهم للحياة.. ورؤيتهم للوجود حيث يعمرون بتلك المنجزات سني حياتهم.. ويجعلون لها طعما ولونا مغايرا لما كانت عليه) ص143.
فهو هنا.. يحرر الموقف والمبدأ العام الذي قامت عليه الأسرة.. تحقيق الطموحات الأدبية الثقافية وإثبات الذات وفق النظرة للحياة والوجود.. وتحقيق المنجزات التي تكون طعماً ولوناً مغايراً للحياة..! فكأن هذا الموقف يلخص رؤية مشتركة بين أعضاء الأسرة؛ نظرة للحياة والوجود.. وتوقا إلى مغايرة السائد الواقعي العام الذي حكم ذلك الواقع.. وهو قدر المثقف.. الذي يبحث عن أفق مغاير لنشاطه، ويحرر حيزا غيريا للمبدأ الذي يعمل لأجله، فهم يربأون بهممهم وقدراتهم عن السائد إلى تحقيق منجزات تذيقهم الطعم المغاير للحياة وتريهم اللون الجديد الذي يشكلون أطيافه عبر نشاط وفاعلية أسرة الوادي المبارك.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved