الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 05th June,2006 العدد : 156

الأثنين 9 ,جمادى الاولى 1427

مات فاشتهر أدبه وعرفه الجمهور!!
كان يكتب بإبداع، وكانت له العديد من الأعمال الأدبية المتميزة من روايات وقصص ومقالات تستحق المتابعة والثناء، وكان محل إعجاب أصحابه (وبعض) من المهتمين بالشأن الأدبي والثقافي.. كان يكتب ويؤلف وكان يسعد بكلمة إطراء يسمعها ممن هم حوله، ولكنه كان يأمل أن يحظى بفرصة الانتشار الواسع لتصل مؤلفاته إلى أكبر عدد من القراء، ولكنه لم يجد من يعينه على ذلك، كان يشعر بشيء من الغبطة (والحسد أحياناً) و(الدهشة أحياناً كثيرة)، وهو يرى أولئك المطربين وهم يحظون بفرصة تسويق نتاجهم الفني من خلال الكثير من القنوات الفضائية والتي تكفلت بعمل الدعاية والإعلان لكل أعمال أولئك المطربين رغم أن كثيراً منهم يقدم أعمالاً (هابطة) لا تستحق المتابعة والدعاية، ولكن ومع هذا فهم يحظون بفرصة كبيرة في تسويق أعمالهم مهما كان هدفها أو كانت قيمتها الفنية رخيصة!!
كان يفكر في ذلك كثيراً.. ولكنه لم يجد من يعينه على ذلك ولم يجد هيئة أو مؤسسة إعلامية تهتم بتسويق نتاجه الأدبي بشكل أكثر إيجابية ويتواءم مع حجمه ككاتب ومؤلف متميز ومبدع، حتى أصبح يهدي الكثير من مؤلفاته أكثر مما يبيع منها!! ولكنه لم يفقد الأمل واستمر بإبداعه الأدبي ولعل مما يعينه على ذلك الاستمرار تلك الكلمات المحمّلة بالثناء والإعجاب والتي يسمعها من أصدقائه المقربين، ومن بعض المهتمين بالشأن الأدبي والثقافي فتلك الكلمات هي الدافع الذي يشجعه للاستمرار في طريقه الأدبي.. ومضت الأيام والسنين واستمر الحال كما هو عليه بالنسبة لهذا الأديب، ومع أنه قد طال به العمر وأصبح شيخاً كبيراً إلا أن حبه للأدب وللكتابة استمر معه إلى أن دنت منيته ومات في غرفته وبين كتبه بعد رحلة طويلة مع الأدب والثقافة.
وهنا أتى دور المهتمين من الإعلاميين الذين يلهثون وراء الأخبار التي قد تجلب لصحفهم الربح والتسويق وجلب أكبر قدر من القراء لصحفهم، وهو الحال نفسه بالنسبة لتلك القنوات الفضائية التي تسعد بمثل تلك الأخبار وتلك الشخصيات ليتحول الخبر الصغير في تلك القنوات الفضائية إلى قنبلة إعلامية تصل أصداؤها إلى الجميع وذلك من خلال إقامة الحلقات الحوارية حول تلك الشخصية والتي تجلب لقنواتهم مزيداً من الجمهور والمتابعين.. وبالتأكيد فصاحبنا الأديب ليس ببعيد عن ذلك كله، وبالفعل قامت الصحف بنشر خبر وفاة هذا الأديب وامتلأت صفحات تلك الصحف بأخباره التي تتناول حياته بالتفصيل وتتناول أبرز مؤلفاته وكتبه، والحال كذلك بالنسبة لتلك القنوات الفضائية التي هي الأخرى قامت بإعداد البرامج والحلقات الحوارية التي تناقش حياة هذا الأديب وتناقش أبرز إنتاجه الأدبي.. حتى أصبح هذا الأديب مشهوراً وأصبح الجمهور يطلب مؤلفاته ويتحدث عنه وعن شخصيته!! ولكن بعد ماذا؟! بعد أن مات هذا الأديب وأصبح تحت التراب!!
سؤالي هنا: ماذا لو تعود لهذا الأديب حياته من جديد ويكتب له الله الحياة من جديد؟ فهل ستستمر تلك الصحف وتلك القنوات الفضائية بإبراز حياة هذا الأديب ومؤلفاته؟
أم أنها ستتوقف حال انتشار خبر عدم وفاته وعودته للحياة مجدداً؟!!
هذه القصة ما هي إلا واقع يعيشه كثير من أدبائنا ومثقفينا الذين قطعوا أشواطاً كبيرة في المجال الأدبي والثقافي وقدموا للمجتمع أعمالاً أدبية ثرية ومفيدة، ولكنهم لم يجدوا من يشجعهم أو يسلط الضوء عليهم وعلى مؤلفاتهم لتأخذ حقها من الانتشار ولتستفيد منها أكبر شريحة من المجتمع، فكما نعلم جميعاً أن الأديب والمثقف يعتبران ثروة للوطن متى ما وجدا الاهتمام والتقدير الكافي..
أليس من الأجدر أن يأخذ الأدباء والمثقفون حقهم الإعلامي من خلال قيام مؤسسة إعلامية تكون مهمتها إبراز مؤلفاتهم ونتاجهم الأدبي وتسويقه بشكل أكثر فاعلية ليصل إلى أكبر قدر من الجمهور وليستفيد منه المجتمع، بدلاً مما يجري حالياً ويعاني منه الأدباء والمثقفون من ضيق كبير في نطاق التسويق لمؤلفاتهم، حتى إننا لا نكاد نعرف أن هناك رواية جديدة أو أن هناك كتاباً أدبياً جديداً لأحد الأدباء إلا من خلال بعض الأصدقاء وبعض المهتمين بالشأن الأدبي!! في حين أن الغالبية من الناس لا تدري شيئاً عن تلك المؤلفات وقد لا تكون سمعت عن هذا الأديب أو ذاك المثقف!!


فايز بن ظاهر الشراري
الجوف - طبرجل
fauz11@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved