الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 05th September,2005 العدد : 121

الأثنين 1 ,شعبان 1426

وصيّة الوردة البيضاء
شعر: حسن محمد الزهراني
(شاعر السحاب)
ما بالُ وَرد الضحى ألقى الندى وَصِبَا
وهو الذي كان يزهو روعة وصِبَا!
وأين كف النسيم العذب كيف ذوتْ؟
ونبع أحلامنا الدّقّاق هل نضبا؟
يا آهة صدعت صدر النُّهى كمداً
وأشعلت قبل غافي أدمعي السحبا
فأمطرت غُصصاً من لوعتي وسقتْ
محاجري من سواقي وَقْدها عتبا
استنطق الرملَ صمتي واستحال دمي
أنشودةً وضلوعي للشجى حطبا
فقمتُ أبكي وأذرو للدجى كبدي
وكل من كان حولي خرّ منتحبا
تبتّل الحزن في مِحراب بهجتنا
وَقَنْدَلَ الوجعُ الممشوقُ والتهبا
جواد أُلْفَتِنا الغالي قضى وطراً
من عمرنا في مغاني وجدنا وكبا
والعندليب الذي أشجى ترنّمه
أرواحنا مات من إطراقنا غضبا
وشمس شقوتنا ضلّ المدار بها
وبدرنا من أماسي أُنْسِنا غربا
كنّا هنا حلما كنا هنا نغماً
كنا خيالاً على هام الهوى نُصِبا
جسمانِ عشنا بقلبٍ واحدٍ فسطا
على وريديه جهرا غاسقٌ وقبا
أهديتُ عينيك كحل العِشق من قلمي
فمدتا لي إلى عرش العلا سببا
أبحرتُ في فلك الإلهام بينهما
فأشعلا في خوافي بوحيَ الشهبا
( كفّاك والمَرْوُ ) في أهداب محبرتي
رَسْمَانِ من نور عيني زفرتي شَرِبا
أساور القلق الممتد عبر دمي
من وجنتيك أتتْ قيثارتي رغبا
فغافلتْ وترَ النجوى فرقّ لها
وخِلتْه من دياجي سرِّنا قرُبا
فأمطرت صمته نوحاً وشق لنا
فجراً على كل أعناق المنى صُلِبا
( وصيةُ الوردة البيضاء ) هاكَ فمي
وصيةً وارفعي عن وَجْدِه الحُجُبَا
لا تتركي صوتَه المذبوحَ قارعةً
للخوف يشكو إلى مشكاتِهِ الكُربا
وصية الوردة البيضاء أذهلني
بنانُكِ الغضِّ شجّ الأرضَ وانسكبا
فاهتزت البِيدُ عطرا والسما أرجا
وساقط السعدُ من عذق الشذا رُطبا
ومدّ ظلا على ريحانِ لهفتِنا
وماسَ خصرَ الثواني وانتشى طربا
وصية الوردة البيضاء ما لِيَدِي
مشلولةً وغنائي بات مُضطربا
من ربع قرنٍ خيوطُ الفجرِ تغزلُنا
طهراً وتكسو قوام العفة الحسبا
أتذكرين ( حصاناً ) تمتطين كما
تهوين في سائر الأحيان طيش صبا؟
ومقعدا مخملي العطف من كتفي
والمهدُ حضنٌ بديباج الحنان رَبَا
تذكري وجه أمي وهْيَ ضاحكة
من ضحكتينا نناجي الطير واللعبا
تذكري صوت أمي وهْيَ غاضبة
وقد ملأنا زوايا دارها صخبا
تذكري دفتر الشعر الذي بليتْ
أوراقُهُ واشطبي إن شئت ما كُتِبَا
حورية الروح ما للروح من أملٍ
سواكِ يا كوكبا بعد الضياء خبا
فأين تمضين ؟ من لي إن رحلت ؟ وما
معنى وجودي ؟ وقد خلفتِني عَطِبا
أيْتَمْتِ شعري وأبنائي ومُوجَعَةً
تبكيك إذْ كنتِ أُمّاً بيننا وأبَا
في كلِّ شبرٍ بهذا البيت قد رسمتْ
يداكِ ذكرى صفاءٍ عابقٍ سُلَبا
في كل ثانية من عمرنا عزفتْ
أنغامُ صوتِكِ لحنا بالمنى خُضِبا
ما زلتِ في دفتري حرفاً ، وفي خَلَدي
نهر المعاني، وفي جِيد السهى ذهبا
فأين تمضينَ ؟ من لي إن رحلتِ؟ وما
معنى وجودي؟ وقد خلفتِني عَطِبا؟
الواقفونَ معي بُحَّتْ حناجرُهُمْ
وأغدقوا البؤسَ من آهاتِهِمْ سغبا
شاختْ قناديلُ أحلامي وبعثرني
برقُ القنوطِ الذي بينَ العروقِ حبا
فجئتُ أُهدي هشيمَ الروحِ ( مبخرةً )
أوقدتُ دمعَ الجوى في جوفِها لهبا
ألقيتُ قلبي عليها كيْ يفوحَ لها
في ( موكبِ العرسِ ) عطراً من دمي سُكِبَا
فاستنشقي نبضاتِ الودِّ وامتزجي
بعطرِها واقطفي منْ غَيْمِها عنبا
أأنتِ راحلةٌ بالنورِ من فلقي؟
أتتركيني لداجي حسرتي حصباً؟
أأنتِ راحلةٌ ؟ كل القلوب بكتْ
لكنَّ قلبي على سكبِ الدموعِ أبَى
من أينَ للقلبِ دمعٌ يا مغادرةً
بنبضه ؟ فتداعى في اللظى إرَبَا
أأنتِ راحلةٌ ؟ من للزهورِ ومنْ
يُغري الفراشاتِ ؟ يحدو في المروجِ ظِبَا؟
أتنتهي قصةُ العشقِ التي وَشمتْ
في جبهةِ الفجرِ منْ حبرِ التقى أدبَا
كلُّ المرايا بكتْ عينيكِ وانطفأتْ
أضواؤها ومُحيّا شوقِها شَحُبَا
واحرّ قلبي على قلبي وواأسفا
على فراقك والنور الذي حُجِبا
من ربع قرن وشعري نبعُ عاطفةٍ
يسقيك شهدَ الهوى ما منَّ ما وَهَبا
أهكذا تتركيني ميِّتاً وأنا
حي أناغي غرابَ البينِ إنْ نَعِبا؟
أبَعْدَ طيبِ التصافي يا سنا لُغتي
نُمسي على مَشْرِقي طرفِ الرضا غُرَبا؟
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
مداخلات
الثالثة
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved