الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 05th September,2005 العدد : 121

الأثنين 1 ,شعبان 1426

صدى لون
اغتيال المجسمات في جدة!!
محمد الخربوش
كنت واحداً من المعجبين جداً بما قامت به في فترات زمنية سابقة وما تزال أمانة محافظة جدة فيما يتعلق بالجانب الجمالي، وكنت قد أوردت في مطالبتي أمانة مدينة الرياض وغيرها من أمانات وبلديات المدن أن تحذو حذو أمانة جدة في هذا التوجه الجمالي الرائع، وأن تبادر هي الأخرى إلى النظر بصورة جادة إلى مسألة المجسمات والتراكيب الجمالية التي تضفي متى ما نفذت بطريقة فنية جادة على المكان التي تقام فيه لمسة جمالية رائعة تشد عين المتلقي وتبعث في نفسه المتعة والإحساس بالجمال في ما يحيط به من أشياء مادية، تختلف في تنوعها وخاماتها وألوانها ومعطياتها المختلفة.. إلا أنني قد قرأت ومنذ فترة لبعض الزملاء في جدة من التشكيليين والنقاد، كتابات تنم عن تذمرهم واستيائهم البالغ مما يحصل للمجسمات في جدة هذه الأيام من تدخل يد (عمال النظافة والصيانة) في عملية تغيير ملامح، وتجديد بعض هذه المجسمات؛ تارة بالدهان، وأخرى بالكشط والتلميع والمعالجة بالمزيلات والمنظفات المختلفة بدواعي التجديد وإزالة ما علق بها من صدأ وأكسدة وخلافه. حقيقة لمست ومن خلال كتابات الزملاء استياءهم الكبير، وعتبهم الأكبر على أمانة جدة لهذا النوع من الاجتهاد، الذي هو في واقع الأمر في غير محله إطلاقاً، ووجدتها فرصة عندما كنت في محافظة جدة نهاية الأسبوع الفارط للقيام بجولة على شوارع وكورنيش هذا الثغر الباسل؛ للاطلاع على هذه المجسمات، بعد أن تدخلت يد الصيانة والنظافة فيها، وبالفعل لقد وجدت أعمالاً غيرت معالمها وبكل أسف إلى الأسوأ، وتم معالجة بعض هذه المجسمات بالألوان والدهانات غير المقبولة، بل إن بعض هذه المجسمات أصبح نشازاً بعد أن تم تغيير لونه الأصلي، الذي اكتسب بفعل عوامل الرطوبة والهواء والضوء ألواناً جميلة بفعل الأكسدة، وأصبح معظم هذه المجسمات (معتقاً) بفعل العوامل الجوية المذكورة. إن ما قامت به أمانة جدة وهو نوع من الاجتهاد في واقع الأمر أدى وبكل أسف إلى التقليل من القيمة الجمالية لهذه المجسمات الفنية، والتي شيد بعضها قبل سنوات طويلة، وظل شامخاً ومقبولاً ويزداد مع الأيام جمالاً وبهاء. وأجدني هذه المرة ألقي باللوم على الأمانة، وقد كنت في فترة سابقة أثني على هذه المجسمات الجمالية، وأثني على هذا التوجه الجمالي لأمانة جدة، مبدياً في الوقت نفسه إعجابي الشديد بهذا الاستغلال الأمثل للخامات البيئية المتوافرة وتوظيفها توظيفاً جمالياً وفنياً وبيئياً بما يخدم المكان ويضفي عليه لمسة جمالية أخرى.
أتمنى على أمانة محافظة جدة، وهي السباقة دائماً إلى المبادرات ذات البعد الجمالي، التوقف عن هذه الصيانات وهذا العبث بهذه المجسمات تحت عباءة الصيانة والنظافة، وأن يسند الأمر في هذا الجانب إلى لجنة فنية مختصة تدرك جيداً الأبعاد الجمالية والفنية والنفسية التي تضيفها هذه المجسمات، وتدرك جدياً أن المساس بهذه الأعمال بحكم النظافة والصيانة هو نوع من الهدم لما تم بناؤه قبل سنين طويلة. وليت المسؤولين في الأمانة يتمعنون جيداً حيال المجسمات والتراكيب والمنحوتات الجمالية في بلدان العالم الأخرى؛ حتى يجدوا أعمالاً ومجسمات ومنحوتات جمالية شامخة في مكانها منذ مئات السنين، دون أي تدخل، أو تعديل، أو صيانة، أو نظافة، أو خلافه.
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
مداخلات
الثالثة
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved