Culture Magazine Monday  05/11/2007 G Issue 221
فضاءات
الأثنين 25 ,شوال 1428   العدد  221
 
قصاصات من ذاكرة حصة «11»
( الوظيفة )
أميرة القحطاني

 

 

تقول صديقتي حصة:

لم أجد صعوبة في إيصال رسالتي ومرفقاتها. أوقفت سيارتي بقرب مجلس حاكم المدينة وقبل أن أخطو خطوة واحده كان احد الحراس يقف بجانبي وبيده بندقية : ممنوع الوقوف في هذا المكان

- لا بأس سأتحرك فورا أنا احمل رسالة للشيخ وأود تسليمها له ؟

- ممنوع الدخول لغير المصرح لهم

- لا أريد الدخول أريد منك إيصالها إن كان ذلك ممكناً ؟

- لا ليس لدي صلاحية ولكن سأطلب لك أحد رجال الشيخ من الداخل وأرجو منك أن تحركي سيارتك وتقفي هناك - وكان يشير إلى موقف للسيارات يبعد حوالي 10 أمتار عن باب المجلس .

بعد ذلك بقليل كنت أتحدث إلى شاب نحيف في منتصف العشرينيات يرتدي نظارة طبية ويحمل بيده جهازا لاسلكيا : نعم أختي ؟

- لدي رسالة أود إيصالها للشيخ ومعها هذه المرفقات - لاحظ أنها ثقيلة فالتقطها من يدي - .

- عفوا هل هي مشكلة تتعلق بحاجة مادية أو ما شابه ؟

- لا لا طبعا لست بحاجة إلى شيء أنا موظفة في إحدى الدوائر الحكومية ولدينا مشكلات كبيرة بالعمل لن يحلها إلا حاكم المدينة لذا وجدت أن أ...........

وقاطعني بلباقة : ألم تعرضيها على المدير العام للدائرة ؟

- لو كان هناك منفذ آخر غير الشيخ لما حضرت إلى هنا . الدائرة التي أعمل بها تغوص في وحل الفساد الإداري وقد رأيت انه ومن واجبي كمواطنة صالحة إخبار الحاكم بما يدور خلف الأبواب الموصدة وأتمنى منك أن تقدر موقفي كموظفة ربما تتعرض لكثير من المضايقات في حال انتشر هذا الخبر.

- لا عليك لن يعرف أحد بهذا الأمر والملف سيكون على مكتب حاكم المدينة في اقرب وقت ممكن .

توقعت أن تعود هذه الخطوة بالسعادة على أحمد لذا وبمجرد عودتي إلى البيت اتصلت به :

- كان عليك أخذ رأيي في هذا الأمر الخطير يا حصة قبل البدء فيه .

- لماذا آخذ رأيك في واجب مفروض على كل موظف يحب بلدة

- لو كان الأمر بهذه البساطة لما كان هناك فساد إداري من الأصل هل تعتقدين بأنك الوحيدة التي تستطيعين الوصول إلى مجلس الحاكم ؟

- ماذا تقصد ؟!

- ستأخذ رسالتك ( لفه ) كاملة ثم تعود إلى المدير العام للدائرة .

- كلامك غير منطقي؛ الرسالة لدى رجال الشيخ ولا أعتقد بأنهم يجرؤن على إخفائها عنه

- لن يخفوها عنه سيحدثونه عنها ولكن هل تعتقدين بأن لدى الشيخ وقتاً لقراءة ملف به مئات الأوراق وهل تتصورين انه سيقوم بالبحث والتقصي عن صحة هذه الأوراق بنفسه ؟ الحاكم لدية قضايا أهم بكثير من مشكلة موظف أو مدير فاسد لذا سيطلب من الموظفين لدى مكتبة بأن يتحروا عن الأمر ويطلعوه على النتائج وبما أن المديرين في مكتب الحاكم بشر مثلنا ولديهم مصالح مشتركة مع بقية المديرين الكبار في الدوائر الحكومية وغالبا يكونون أصدقاء يلتقون في مجلس الحاكم وفي المناسبات الخاصة والعامة سيقومون بتحويل الملف مع رسالتك إلى المدير العام للدائرة ليرفق لهم مبررات مطبوخة ومعده جيدا لسد الثغرات التي استطعت أنت إثباتها عليهم ثم يسلمون هذا الملف المعدل للحاكم مع رسالة صغيرة تقول بأن الموظفة حصة لديها ملف مليء بالمخالفات الإدارية - طبعا سيملئون ملفك بها - لذا قامت بهذه الخطوة من باب الانتقام لا غير و( توته توته خلصت الحدوتة وكأنك يا بو زيد ما غزيت ) وستجدين نفسك في مواجهه مباشرة مع زبالة الدائرة الفاسدة !! .

وقد حدث بالفعل ما قاله لي احمد وبالحرف الواحد .

هكذا إذن نحن نعيش في مافيا مكونة من بطانة فاسدة زائد مديرين فاسدين متصلين ببعضهم البعض عن طريق المصالح الشخصية المشتركة ( شيلني وأشيلك ) ولتخرب البلد بمن فيها .

انتشر خبر الرسالة وأول من تخلى عني مديري بالرغم من إنني لم أمسه في ذلك التقرير :

- قبل سنتين قلت لي إن الناس تتحدث عني وعنك ولم أعر ذلك أي اهتمام لكنني اكتشفت في هذه الفترة بأنك محقة وأن أفضل حل لهذه المشكلة أن تطلبي النقل من هذه الإدارة وتأكدي بأنني حزين جدا لفقد موظفة مجتهدة مثلك و..

- بعد سنتين يابو محمد تحدثني عن سمعتك وسمعتي ؟ على العموم أشكرك لأنك لم تضع لي ملفا أحمر من ضمن ملفاتك السرية

- وأشكرك لأنك لم تضعي لي ملفا مع ملفاتك التي ذهبت للشيخ

- تعادلنا يا بومحمد والفرق بين ملفاتنا أن ملفاتي ذهبت لتبني وملفاتك بقيت لتدمر !

من الطبيعي أن يكشر أبو محمد عن أنيابة فالمدير العام الذي كان يدعمني رحل وموضوع ( الشيخ ) ارتد كالخنجر المسموم إلى خاصرتي وعائلتي لا أستطيع اطلاعها على هذه الأمور لأنها وبدون شك ستنسف مستقبلي المهني بالكامل .

بعد هذه الرسالة بشهر وجدت نفسي منقولة إلى إدارة جديدة ووجدت ( سماهر ) زميلتي في غرفة التدريب والتي لا اعرف كيف أو بواسطة من دخلت إلى هذه البلد (مديرة لي ) وقد تخيلت بأن هذه أقصى عقوبة من الممكن أن أصل إليها ولكن وللأسف كانت هذه مجرد بداية .يتبع

-دبي amerahj@yahoo.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة