Culture Magazine Monday  05/11/2007 G Issue 221
نصوص
الأثنين 25 ,شوال 1428   العدد  221
 
خالد الخضري في (عطر أرواحنا)
في المجموعة استقصاء حميمي لأرق المشاعر الإنسانية
عبدالحفيظ الشمري

 

 

القاص خالد الخضري يصدر مجموعته الجديدة (عطر أرواحنا) بعد عطاء روائي تمثل في (جوانا)، ليقرن الخضري بين التجربتين برابط وجداني غامر تصطبغ فيه حالات السرد، إذ يدرك القارئ أن الكاتب عني كثيرا بأمر العاطفة التي تفيض من أعماق شخوص القصص في مجموعة (عطر أرواحنا الجديدة) ليظل الهاجس الفطري مبنيا على كم هائل من (الحب) الذي تجسد في أول قصة حملت اسم المجموعة، فتستدل على عطر الأرواح بأنه الحب الذي يصوغ من الإنسان علاقاته الوجدانية.

مجموعة (عطر أرواحنا) للخضري رحلة في كوامن الذات التي تبني واقعها على أمر متخيل، يفترض فيه (الحب)، ويتجسد فيه (الوفاء) وتعمره (السعادة)، ويحوطه (العطر) وما إلى تلك المترادفات الجمالية في النسق الوجداني المحبب، لتتوالى القصص على هيئة مكاشفة لوجوه الجمال، كما في قصة (قفازات) التي أسرت شيئا من الجمال الفطري.

فيما القصة التالية للقفازات ذات إطار إفصاحي يتمثل في كشف المسافة بين القول والفعل أو الرؤية والواقعة على نحو (الجنازة الأخيرة) حيث يرى (البطل الراوي) أن السعادة تكون عادة مثل البشر تكبر وتصغر، وتمرض وتشقى وتعيش وتفنى على نحو (سعادة) هذا الإنسان الذي أنهكته وقائع الأيام فلم يعد هناك أمل ببقاء السعادة.

في قصة (سيدي الحب) يرتبط البوح الوجداني كقول بالجنون كفعل ليجسد القاص (الخضري) قضية الحب التي تشغل بال البطل، لنراه وقد اسند قصة قيس بن الملوح وليلاه إلى مواطن موقفه الجريح.. ذلك الذي ينزف وجدا وشوقا إلى رؤية كائن يهبه (الحب) في زمن اللا حب.

فالأحداث في قصة (سيدي الحب) تتوارد على هيئة استدعاء مألوف لحكاية الحب الأزلية.. فيما تتضح معالم المكان المحير بين الحديقة وبيت الفتاة الموسوم بالصمت والسكينة التي تؤذي (البطل) المتيم، وتسد عليه منافذ التفكير.

فالحب الذي يبحث عنه بعض هؤلاء الشخوص في المجموعة هو ذلك العطر الذي يذيع مفاتنه أمام الملأ قاصدا من وراء هذه الحكاية إطالة أمد الفأل ببقاء هذا العنصر الإنساني المعبر أطول مدة ممكنة أمام هذه التحولات العصرية المؤذية.

(عطر أرواحنا) كتاب سردي لحالة الولع في استقصاء مفردات الخطاب الوجداني.. تلك التي تتداخل مع ما سواها من رؤى تسعى إلى تعميق القطيعة بين الإنسان ونبل المشاعر، فمن هذه الرؤى التي يرصدها لنا القاص الخضري هي حالات الموت مجازا وواقعا على نحو موت الضمير والعاطفة، والأشواق، والأحلام، والفرح، إضافة إلى ما قد يستقطبه من مشاهد جنائزية للأبطال الذين يروحون دون أن يحققوا ولو شيئا يسيرا من هذه الأحاسيس والمشاعر الإنسانية الصادقة.

في القصص بحث عن النتائج المتوقعة لكل ما يزرعه الإنسان إن خيرا أو شرا، مؤكدا في هذا السياق على أن رحلة البحث عن السعادة قد لا تتكلل بثمار إيجابية إنما قد يحل فيها اليأس، ويغشاها الاصفرار لتصبح تلك الأحلام السعيدة ذابلة كأوراق عشبة برية هدها العناء.

فقصة (هذيان) تعيد ترتيب هذه الرؤية بما يحقق فرضية النهاية لكل شيء، فحينما تذبل نضارة الشباب والجمال في المرأة، وتغيب شمس الصحة خلف حجب الألم.. لا يبقى إلا الأبناء.. هؤلاء الذين يسمهم الكاتب بالشعلة المضيئة، فما يكون من أمر (المرأة) في نص هذيان إلا أن تغلق على ذاتها جميع الأبواب المعنوية المتمثلة في جمال المشاعر، والمادية في البيت الذي تتقاسمه مع رجل على النقيض منها.. إذ يحب الحياة ويقبل على الدنيا فيما تلوذ هي بعصمة صمت عميق تجعل الرجل مجرد ثرثار، وقد تأخذ أحاديثه الوجدانية والعاطفية على شاكلة الهذيان الذي لا يرجى منه خيرا لتسير قافلة الأسرة في هذا البيت الصغير على هذا النحو المتناقض بين رغبة في الحياة وأخرى تقدس الصمت. يعتمد القاص خالد الخضري في صياغة مشروعه القصصي هذا على فكرة السرد المتكئ على الحكاية الوجدانية بكل عناصر جمالها وبهائها، فيما يغيِّب عامدا قبحيات كثيرة، ويتجاوز بدربة واقتدار محطات كثيرة للحزن ومنعطفات حادة في صلب علاقته مع الآخر المتمثل في قضية المرأة والأسرة، والمجتمع محاولا في هذا الاسترسال أن يبني كل هذه القصص على معمار واحد يسمى (الحب) الذي أومأ له بعطر الأرواح حيث حمل هذا الوصف عنوان هذه المجموعة الرشيقة.

***

إشارة:

* عطر أرواحنا (قصص)

* خالد محمد الخضري

* دار الكفاح - الدمام 1428هـ - 2007م

* لوحة الغلاف للفنان سعيد الخضري

* تقع المجموعة في نحو (84 صفحة) من القطع المتوسط

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة