Culture Magazine Monday  05/11/2007 G Issue 221
سرد
الأثنين 25 ,شوال 1428   العدد  221
 
خرافة
ميسون أبو بكر

 

 

تزهر الأحلام في مواسم الفرح، تستبدل الحياةَ بعالمها الخرافي، فنُعلّق أمانينا كهدايا العيد، ونفتح النوافذ والأبواب لعواصف الفرح الثلجية انتظاراً لرجل الأعياد القادم بأماني غائبة، يصبح العالم كالموسيقى والقلب ككمنجة حب يعزف أفراحاً معلنة.

تسقط نجمة من السماء في محبرتي فيتلّون بها الحبر وتفيض حروفاً أرسم بنورها سماء أخرى تحتل سطوري العارية.

في لحظات .. تقرع أجراس الساعة معلنة انتهاء الحفلة، تطلق الفرحة للريح ساقيها، وتفر هاربة من نهدة الحلم، تطوي الحياة ثياب بهجتها، تبتلع البحور أمواجها والشواطئ أصدافها، تتبلّل السماء بغيمات سوداء فتنطفئ النجوم وتفر فراشات النور وأعلن من الحياة استقالتي، وأعود ألملم كل أمانيّ التي تخيلتها لأعود أحترق بها وبكل الذكريات.

تتسلّل رائحة العطر التي تحبها من دبابيس شعري تذكر بك، يخرج رماد لفافات التبغ التي أطفأتها بمنفضة قلبي مع أنفاسي، أختنق بتفاصيل حكايتنا ودقائقها، يوجعني حنيني إليك، نحن متورطون في حنيننا وذكرياتنا التي تبقى في أرشيف الذاكرة بكل حضورها دون أن تختنق بغبار الأيام والسنين المارة فوقها.

لا أشعر بي أني أنا، لا أدري أهي حمّى الموت أم الحب، أتوجه إلى السماء وأسرع أقيم طقوس القداسة لا خوفاً من الموت بل طلباً لهدأة النفس.

من حلوى القلب نصنع للحب تمثالاً نعود نأكله وقت تستيقظ غرائز الجوع فينا، وقت نعود لجاهليتنا .. نعلن ولادتنا في غمرة الفرح ثم نعود نرتب كلمات نكتبها على لوحة نعشنا، ونفرح بزخم الدموع والأصوات المنتحبة على مواتنا، نفرح بكرنفالات الموت وحفلات التأبين وننسى أننا تشيّعنا في خضمّها.

ما أجمل البداية، البدايات مختلفة لكنها لها نهاية واحدة، نعرف هذا ونبدأ ثم ننتهي ونبكي حين نصل خط النهاية المتوقعة.

مثقلون نحن بتلك الحياة المتواطئة مع الألم والموت، ومتورطة أنا في حبك حتى النخاع، كيف انتهي بك للاشيء .. للجنون، هل كنت في حياتي الحقيقة الوحيدة المطلقة التي لم أقدر على استيعابها؟ أم أني كنت اصطنعتك من وحي خيالي ثم صدقت ما توهّمته وبت أسمع للوهم صوتاً وأرى للخيال خطاً وأشعر أن لك أنفاساً أتقاسمها معك.

أين تراني أرحل لأكون على منجى منك ومن جنوني؟ أريد تعويذة تطرد من رأسي كل ما هو لك .. تطرد شبح الحب ورائحة الألم ولوثة جنوني بك.

أثقلتني بالحياة وبالحب هل كنت كاذباً؟؟ هل الحب كائن خرافي ودراكولا يقتات من دمنا وفرحنا؟

كنت سألتك آلاف المرات قبل أن أتورّط بحبك إن كنت تقدر أن تحمل قلبي، أن تستوعب امرأة بحجم هذا الكون هي مساحة عواطفها، كنت استحلفتك بأغلى ما هو لديك أن لا ترحل بي على هودج العشاق .. أخاف أن تبتلعني حفر الرمال المتحركة أو تضيّعني النجوم ثم أعود من رحلة الوهم دونك.

حين يفيض البحر بما فيه يلفظ موتاه زبداً يتنفّسه الفجر، وحين أفيض بالشوق إليك لا أملك إلاّ أن أتحرّر من أنفاس تسكنها مع زفراتي ودموعي.

سأكون امرأة تحيا لتموت آلاف المرات على صفحات تكتبها فتبعثرها الريح وتعود تجمعها وتقرأها في محراب الصمت كلما اكتمل البدر.

الليلة أتلو صلواتي، أقرأ ما كنت كتبت، الليلة لمّا اكتمل البدر ولم يأتني بك أيقنت ليس هو الحبّ ما جمّعنا يوما.

maysoonabubaker@yahoo.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة