الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 05th December,2005 العدد : 132

الأثنين 3 ,ذو القعدة 1426

مفكرة
ضد القصة
ماجد الحجيلان

كتب الصحافي والكاتب الساخر بلال فضل رسالة إلكترونية معقبا على ما ورد في هذه الزاوية حول مجموعته القصصية (بني بجم) وتجربته السينمائية اللافتة في العدد 127 بتاريخ 14 رمضان 1426 وفيها يناقش بعض الأفكار التي وردت هنا، وهذا تلخيص لأبرز ما رغب بلال في إيضاحه: (عندما بدأت القراءة تأبطتُ شرا.. بسبب وصفك لأفلامي بالهابطة ويعلم الله أنها ليست كذلك.. دعك من كلام النقاد أو حتى من قياسك هذه الأفلام على نوعيات أخرى تفضلها.. وهي في رأيي لا تقارن إلا بنفسها.. لأنها تتحدث عن واقع قد ترفضه لكنه موجود.. ربما بها بعض مواطن الضعف بسبب عشوائية السينما المصرية ورداءة الإخراج والإنتاج لكنني أفتخر بكل ما كتبته فيها صدقني وأتمنى نشرها يوما ما في كتب لعل الكل يدرك ذلك.. المهم ما علينا لن نخسر بعضنا بسبب رأي لك أحترمه.
وقد أسعدني جدا التفاتك للقصص التي ذكرتها وإن كنت (زعلت) لأنك لم تذكر مثلا قصة جزل أو قصة السنترال أو قصة السادات أو قصة الكومبو.. يعني (شوف) أنا طماع.. ربما لأنني حاولت أن أقدم من خلال أشكال هذه القصص خروجا عن الشكل التقليدي لكتابة القصة.
بالمناسبة أنا شاركت في كتابة سيناريو فيلم سعودي مؤخرا أعدك أنه لن يكون هابطا.. هاهاي.. كما أن لي فيلمين أحبهما اسمهما حرامية في كي جيتو وأبو علي لا أعتقد أنهما يمكن أن لا يعجباك حتى لو كنت من أصحاب المشاعر المرهفة التي قد تصدمها أفلام أخرى.. بالمناسبة لكي أصدقك القول لي فيلمان مستواهما متوسط وبهما مشاكل كثيرة هما سيد العاطفي وعلي سبايسي الله يجازي اللي كانوا السبب).
جاءت الإشارة إلى مجموعة (بني بجم) القصصية وبلال فضل في سياق الحديث عن القصة في السعودية والهجرة الجماعية للقاصين والقاصات إلى الفنون الأخرى والعتب على النقد. ولم يكن وصف الأفلام السابقة بالتجارية حصيلة نقد سينمائي شخصي فقد ورد في الزاوية بالعدد المشار إليه وجهة نظر بعض الأقلام في الصحافة الفنية في مصر التي لها معاييرها لوصف الأفلام وفق تقييمها لمستوى الإنتاج والإخراج، بينما ورد أيضا رأي بلال فضل في ذلك.
بعض الأعمال الإبداعية يخدمه الإنتاج وتقدمه السينما أو التلفزيون بشكل يضيف إليه ويعطيه أبعادا جديدة، والبعض الآخر يسيء إليه الطمع وطاحونة المال والمضاربة في سوق الإنتاج الفني الذي هو - بالإذن من الأستاذ عبد الله الماجد ووصفه لسوق النشر - أسوأ سوق لأجمل مهنة، وفي رمضان تبين من عمل مثل (الحور العين) كيف يتحول موضوع ثري وغني بالحالات الإنسانية التي هي ميدان الإبداع الدرامي إلى مجرد بزنس للمخرج والمنتج لا يرى فيها أكثر من فرصة جديدة للنصب على المحطات اللاهثة وراء الأسماء الطنانة، والاستخفاف بالمشاهدين الرمضانيين ذوي الأجفان المؤرقة والبطون المتخمة.
من الأشياء القليلة التي يمكن فيها الاتفاق مع الدكتور عبد الله الغذامي في مشروعاته الأخيرة اشتغاله على السرد وعلاقته بالمرأة وما دعاه (الحكي) الذي هو هواها الأثير، فالمرأة على ما يبدو تعشق الحكي وتراه معراجها الأساسي لسماء الكتابة، لكنه - يا للمفارقة - أمر لا يخص السعودية وحدها إذ يمكن ببداهة أن يقال إنها في بلد محافظ محرومة من مجالات أخرى، لكن ثلثي الكاتبات في بريطانيا العريقة التحرر نشرن مجموعات قصصية حسب ما أوردت إحدى المجلات البريطانية المتخصصة، ولبريطانيا حكاية مهمة مع القصة القصيرة تذكّر بحكايتها هنا، فقبل عامين أطلق مجموعة من الكتاب في بريطانيا حملة تحت عنوان (أنقذوا القصة القصيرة) ورصد مجلس الفنون في بريطانيا مبالغ ضخمة (لتمويل القصة القصيرة) وذلك لإقناع وسائل الإعلام والناشرين وربما القراء في إعادة النظر في القصة القصيرة التي رأى كتاب بريطانيون أنها (من الأنواع التي تتعرض للخطر) وطالبوا ب (إيقاف التمييز العنصري ضد القصة القصيرة) حسب تعبير الكاتبة مارغريت ولكنسن صاحبة عدد من مجموعات القصص الشهيرة، وكان مارك روبنسون الذي مول مشروع (أنقذوا قصتنا القصيرة) دعا لتبني مؤتمر عن (القصة القصيرة في القرن الحادي والعشرين) يعمل على تنفيذ مشروع ضخم بعنوان غريب هو (مشروع تنمية القارئ!).
وعندما أعلن عام 2003م عام إنقاذ القصة في بريطانيا تداعت لهذه الفكرة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا بشكوى مماثلة، ثم لُطمتْ القصة اللطمة الكبرى من الولايات المتحدة الأمريكية التي يأخذ الأمر فيها مستوى الأزمة إذ تكاد القصة تنطمر من المشهد الأدبي هناك، وجرى في معظم النقاشات تحديد قلة المراجعات النقدية للقصص، وكثرة التجريب، وعدم اهتمام دور النشر والقراء، أسبابا أساسية لتراجع القصة القصيرة حول العالم، وهي جميعا المشكلات ذاتها هنا فلعل من يجد في ذلك عزاءً.
ولماذا القفز للحديث عن قصص بلزاك أو ماركيز أو زكريا تامر أو ليلى العثمان فالحوار الجميل بين يوسف المحيميد ومنصور العتيق (مع حفظ الألقاب للأثيرين) المنشور في ثقافة الاقتصادية الأسبوع الماضي حول القصة والرواية أليق بالقراءة والتأمل.. حزن يوسف على القصة وتأمله لواقعها لا بد أن يثير الاهتمام، إذ ما زال للقصة أثرها الحميم فإشارة يوسف إلى قصته (مجرد علبة ليست رخيصة) والرسالة الهاتفية التي تعزيه في والده وتستشهد بها تدل على أن هناك شيئا ما يبقى حيا فيك مثلما تفعل رواية روسية تذهب مع قارئها إلى فراشه كل يوم وتشاركه أحلامه وآلامه.
يوسف، الذي في غمرة انشغاله بما هو مخبوء ومنسي كاد أن ينسى ما ليس مخبوءا ولا منسيا في قصصه ورواياته، يسأل نفسه عن القصة الأسئلة ذاتها التي تعاد هنا، فماذا؟.. ربما تحتاج القصة إلى صناعات رديفة وداعمة ومحفزة ومنها الأعمال التلفزيونية والسينمائية وهو ما يذكر بحكاية بلال فضل آنفا حول مشاركته في كتابة فيلم (سعودي)، سينما سعودية؟ أضحك الله سنك يا بلال!


hujailan@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved