الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 06th February,2006 العدد : 139

الأثنين 7 ,محرم 1427

(ميتا لغوية) قصيدة النثر
أزمة المعارك المستجلبة لمنجز الاستحقاق والاعتراف..

*ميرغني معتصم
يظل إقصاء التحليل الشكلي للمزاوجة الاستيعابية لقصيدة النثر على خلفية أن هذا التحليل ينأى بالمحاكاة عن الشعر ويلبسه خصائص لغوية تضيق بأفق المعنى، ما يفضي بقصيدة النثر إلى استعصاء الهضم الموضوعي والشكلي، هو ضرب من النفي المكابر إلى أنها - أي قصيدة النثر - لا تتسق داخلياً بالنظر إلى فوضاها الخارجية، بل قصور إدراكي حسي يدلف بها إلى منحى المجانية، أو ذلك المُستدرَك الذي يضعها في خندق التنافس وأشكال النصوص المجاورة أو تنتقل بمعاييرها لتتسيده.
الأمر قد يتجاوز الحكم المعياري، ذلك أن طبيعة الفعل الغرضي والخواص الموضوعية لقصيدة النثر، ليست تحايلاً محترفاً على التاريخية المنهجية لهذا المنحى التعبيري وشعريته، بل يكمن في أن نظرية الأدب غضت طرفها عنها لأزمان في تهيُّب يشوبه استحياء على فنيتها كتعبيرية وجمالياتها كتلقٍ. ويبدو أن بودلير في (قصيدة نثر)، قد استنبط حالة مجسية للقدرة الكامنة لهذه القصيدة لأن تتغنى بأنماط أدبية متباينة.
وبيانية التتبع الأسلوبي، لم تخضع زمناً إلى الاستقراء الاعتباطي بقدر الركون إلى قواعد ممارسة النصوص عبر أسس التجريد والتخصيص الدلالي وإن طالته أحياناً (ميتالغوية) تُفسَر بسذاجة أنها غموض وهروب متعمد من ناصية الحذق والموهبة، وهو تجاوز مستبطن بأن الحيرة المحركة هي تفسيرية مضيئة للسمة الإبداعية. والتفصيل في مقومات القصيدة النثرية كمرصد للسمات، قد يفضي إلى تأثيرية مناوئة للموروث التاريخي المتبجح به للنصوص المجاورة التي ظلت حبيسة سياقها وغرضها، وبالتالي لفظت - على نحو متعمد - المقاربات التطبيقية وهيمنت الوصايا المحنطة.
إن توخينا أن التضاد الماثل بين مفردتي (قصيدة) و (نثر)، هو تناقض لا يستوي أمامه منطق التعبير والدلالة في المفردتين، إذ تمرست الذاكرة الشعرية العربية على استيعاب كلمة (قصيدة) فهماً كلاسيكياً محدوداً، فيما تجاوزت أن التفعيلة ارتقاء حتمي لبحور الخليل و الفراهيدي لاستشراف آماد تعبيرية أوسع ومخيط أشمل لمصطلح (الشعرية)، فإن التناص التناسخي بين الأولى والنثرية لا يجرد الثانية من أغراضها وإشراقيتها ولا يضعها في منزلة المتمردة. وحري بنا أن نفصح دون مواربة، أن هناك من يحاول أن يضفي على الذاكرة الشعرية نفسها، منعطف التباس مطلق أمام تحديد مختلق لمفهوم الشعرية والقصيدة، وأن هناك منحى لا يعلن عن ذاته بل يركن إلى الاستقراء والاستكشاف الداخلي للمشهد الخاص.
حين تتسق قصيدة النثر وقانون التآلف في بلوغ إيقاعها الداخلي، لن تجنح بتقنياتها عن مرجعيات (الصوتيين)، و(الصوريين) في علاقاتهم التفسيرية لدلالات الموسيقى الكامنة والظاهرة لهذا النمط عبر مرانات نظرية سجالية، مارسها (الدلاليون) سلفاً إبان الفترة التشريحية لقصيدة النثر في أعمال بامون حتى سات جون بيري، الذين برعوا في تماهي نصوصهم مع واقعهم النفسي ومن ثم القدرة الخارقة على الانتقال إلى مشاعرية المتلقي. ثم متى وأين وكيف أصبح دهاقنة، مثلك رامبو، وهنري، وفلوديل، نكرات شعرية؟؛ ولا أظننا سنقفز على دحض أدونيس والخال في معرض ردهم على نازك الملائكة وموقفها من قصيدة النثر بحسب ما استشهد به الأستاذ اللبدي.
في مقتضب كهذا , لن نقطف ثماراً متجددة أو حتى أن نخلص إلى متقاربات مظان الأثر ومتباعدات تنافر الأفكار , تفضي إلى حتميات تخصب لدى كل طرف جزم الآخر ليعتنق نحو محور تطبيقي مشترك لتأسيس زمن إخصاب متآلف بعد حقب التجريب التنظيري توطئةً لمشجب تواصلي في الخطاب الأدائي لمنجز الشعر والحدث الأدبي .
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved