الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 06th February,2006 العدد : 139

الأثنين 7 ,محرم 1427

(النشر الورقي).. في مهبّّ التغيير..!
*استطلاع: عبدالحفيظ الشمري
يظل (النشر الورقي) هاجساً مؤثرا في ذهن الكاتب والمبدع في فنون أدبية كثيرة، فهو ورغم تطور الإمكانات الفنية لتقديم العمل الأدبي يرتبط بعلاقات حميمية تجمعه مع التقليد، والعفوية والتناول المفضي إلى ذائقة متوازنة مع المنجز الأدبي، فمع تحول الأدب الجديد نحو استلهام معطيات النشر الإلكتروني، وقنواته المتعددة في مجال الترويج للمنجز المعرفي نرى الكتاب التقليدي وقد أصبح مرتبطاً بالوجدان العربي، فلم تتغير هذه الحميمية التي ظلت لمئات السنين حتى جاء هذا التحول، ليصبح الكتاب أو النشر الورقي في مهب رياح التغيير، والتحول حتى تولد على صورة ما يعرف الآن بالنشر الالكتروني.
تجارب الإبداع الجديد جاءت مرتبطة بهذا التحول لتصبح غربة الكتاب التقليدي أشد وأقسى على القارئ، والمقتني.
في (المجلة الثقافية) حاولنا أن نستطلع آراء عدد من الباحثين والأدباء والمبدعين، لنقف على أهم منعطفات هذا التحول عن النشر الورقي إلى ما سواه من قنوات وتقنيات تتسم بالجدة والتحول.. فكانت فاتحة الحديث عن هموم النشر للناقد الدكتور عبدالله الغذامي حينما قال:
(أتردد كثيراً في التعاطي مع حالة النشر الجديدة نظراً لأنني مشغول الآن بما أقوم بإنتاجه، في وقت بتُّ أفكر بجدية في البحث عن حلول للتعامل مع حالات النشر الالكتروني وقنوات تداوله الأخرى.
لدي بعض الأعمال النقدية الجديدة والتي سترى النور قريباً من خلال النشر الورقي وكذلك الالكتروني، فقد بدأنا نتلمس حقيقة هذا التوجه الذي أصبح ضرورة ملحة في حياتنا المعرفية.
لقد لمست أهمية هذه الخطوة حينما بات يطلب مني في كل من الجزائر، وتونس وفلسطين بعض أعمالي التي قد يصعب بعثها لكل من أراد عبر الطرق العادية، أما وقد توفرت خدمة (النشر الالكتروني) فإنه بات من المناسب أن نتواصل معها بمن نريد من أجل أن نحقق للكلمة بعدها الحقيقي والصادق.
فكرة (النشر الالكتروني) لجأت إليها بالاضطرار نظراً لأنها الأقصر والأسرع في التواصل كما أني أرى في (النشر الورقي) حميمية وجماليات تواصل ظل لقرون هو الطريق الوحيد لوصول الكلمة إلى القارئ.
* المفكر الروائي الدكتور تركي الحمد يرى ظاهرة النشر الورقي والالكتروني على هذا النحو:
(لايغيب عن أي متأمل لمسيرة النشر في أي مكان ظاهرة تحول حالته من الطريقة العادية والمألوفة إلى نظام جديد.. إلا أن هذه التحولات من حالة إلى أخرى قد تجد من يعارضها؛ فحالة (النشر الورقي) التي يقال عنها أنا ستكون من الماضي تشبهها حالة الثورة على الإذاعة، ومن ثم ثورة التلفزيون على الإذاعة)..
فالنشر الالكتروني هو صورة مرعبة لبعض التقليديين الذين يرون في هذا التحول الجديد هدم لمسلمات الكتاب التقليدي إلا أن الأمر من وجهة نظر واقعية لايمكن أن يكون على هذا النحو من السوء إنما هي حالة إثرائية لعالم النشر، فقد يسهم النشر الالكتروني في مد جسور التواصل مع القارئ في كل مكان لتصبح الصورة تكاملية بين وسائل النشر في كل زمان ومكان.
أصدقك القول إن (النشر الورقي) له حميمية في ذات المتلقي العربي على وجه التحديد، لأن الكتاب أخذ أشكالا وأنماطا من التواصل مع الجماهير حتى بات هو المتحدث الرسمي في لسان الجميع، كما أنه أسلوب درج عليه الكتّاب منذ أمد بعيد حتى أصبح متأصلاً في ذات المبدع، لكن هذا التحول قد لا يغير في المضمون شيئاً إنما هي مجرد أنماط ووسائط يمكن للكاتب أن يتبعها من أجل أن يصل إلى القارئ في أي مكان وزمان.
فمن خلال هذه الرؤية التي يطرحها الدكتور الحمد نكشف أن (النشر الالكتروني) هو وليد فكر الآلة التي لا تعرف من العقل إلا ما قد يتم تلقينه، فإن هذا المشروع الحضاري قد يؤخذ من جانب يتمثل في سرعة وصوله وسهولة حفظه وتخزينه، لأن الكاتب يسعى إلى أن يكون منتشراً بين الناس في أي مكان وفي زمن قياسي يعجز عن تحقيقه الكتاب التقليدي.
*وحول الرؤية المتعلقة بالنشر تحدث الشاعر محمد جبر الحربي قائلاً:
(أميل كثيراً وأتحيز دائماً للعمل التقليدي الذي يرتبط بآلية عمل جاد ومتوازن على نحو ما عرضتم في هذا السباق المستفهم عن مصير (النشر الورقي)، إلا أنني وبكل يقين أجد أنه من الضروري أن نهتم بمعطيات النشر الجديدة، حيث تكمن أهمية (النشر الالكتروني) في كونه آلية عمل تقني مذهل. ورغم جماهيرية الكتاب التقليدي أو (النشر الورقي) إلا أنه بحاجة إلى التعامل مع التقنية من منطلق تقديم الأفضل نظراً لأنه يخدم الكاتب والقارئ على حد سواء.
تقنيات الكتاب الجديد ووسائل نشره العصرية ستكون مفيدة للجيل الجديد من الكتاب إن هم أحسنوا استخدامه، والتعامل معه بشكل حضاري ونافع.
فمن ايجابيات (النشر الالكتروني) هو سرعة التواصل بين الكاتب والقارئ، وسهولة بعث الناتج الأدبي والمعرفي بشكل يجعل الكاتب يضمن وصوله بلا صعوبات وفي وقت قياسي على عكس (النشر الورقي) الذي قد يتأخر في الوصول أو يتعرض للضياع والتلف.
إلا أنني أود التأكيد على أن للنشر الالكتروني عيوبا حيث يختلط الحابل بالنابل، لأن الكثير من المشاركين في مثل هذه القنوات والمواقع ووسائل النشر لا يستخدمون أسماءهم الصريحة مما يجعل الأمر غاية في التعمية والإبهام، لأن الأسماء الحقيقية تخلق نوعاً من التواصل الواقعي الذي لايمكن معه أن ترتاب بمن يكتبون من وراء حجب الاسماء المستعارة.
* الروائي ابراهيم الناصر الحميدان يشارك زملاءه في الهم الثقافي والمعرفي هذه الاشكالية التي لاتزال تبحث لها عن مخرج مناسب من أجل أن يصبح (النشر الالكتروني) أكثر واقعية، وأعم فائدة للكاتب والقارئ على حد سواء، فهو يقول:
حتى الآن يظل (النشر الورقي) هو المهم في حياتنا الثقافية والأدبية، لأن ما نراه من (نشر الكتروني) هو غير جاد، ولا فائدة فيه.
لقد لمَّح لي بعض المهتمين في مجال (النشر الالكتروني) بأنهم سيقومون بنشر أعمالي إلا أنه حتى الآن لم يتم شيء من ذلك، كما أنني أرى أنه من المبكر الوثوق بمثل هذه المجالات الحديثة نظراً لأنها لاتزال تعاني من عوائق البدايات كما أننا جيل قد لا نتعاطى هذه التجربة ولا نتفاعل معها بعكس الجيل الجديد الذي تمرس في مثل هذه الأعمال إلا أنني أوجه إليهم نصيحة أن يتعاطوا مع العمل الأدبي من خلال (النشر الالكتروني) بصدق وأوصيهم بأن يكونوا أكثر دقة في النقل وأكثر استرشاداً بواقعية ما يقال، وأن يتمكنوا من فرز الجيد من غيره بطريقة عصرية لأنني حقيقة لا زلت غير واثق بما يطرح من خلال الانترنت لأننا لم نجد أي جهة نظامية نستطيع أن نتعامل معها بما يكفل حقوقنا ككتاب نبحث عن عائد معنوي يحقق ما نصبو إليه في رحلتنا مع الكتابة والمعرفة.
* الأديب القاص جبير المليحان له تجربة رائدة في مجال (النشر الالكتروني) من خلال (شبكة القصة العربية) وما يندرج تحتها من قنوات نشر أخرى.. حيث يتداخل معنا على هذا النحو:
(النشر الالكتروني) مشروع معرفي عصري يحاول الخروج من أنفاق التقليدية، حيث حولنا وبشكل مبهج هذه الهواجس إلى مشروع ثقافي عصري في خلال (شبكة القصة العربية) فأصبحنا قادرين على اختصار الوقت والمسافات من أجل الوصول إلى كل قارئ في العالم العربي لتتسع وبشكل مدروس آليات عملنا في هذه المواقع حتى أصبحت لدينا تراكمات ناضجة من الأعمال الأدبية والإبداعية لنحقق في هذا السياق رغبة القارئ والمتلقي الجديد.
ومع التطور الذي لمسناه، والنجاح الذي حققناه أدركنا أهمية أن تعزز أنشطتنا بما لمستموه من نشر ورقي تمثل في كتاب (من القصة السعودية) حيث صدر عن طريق وزارة الثقافة والسياحة اليمنية هذا العام.
فمن المهم أن نتواجد في كلتا الجهتين (الورقي والالكتروني) من أجل أن تعم الفائدة ونحقق الهدف الذي من أجله قمنا بانشاء هذه الشبكة حيث نسعى في الأيام القادمة إلى تكثيف نشاطنا في النشر الالكتروني والورقي، فسنستقطب كل المبدعين والنقاد من أجل أن نحقق معادلة الأدب الجميل.
مما سبق عرضه في سياق هذا (الاستطلاع) نجد أن (النشر الالكتروني) هو العنصر المهم في تكوين حياتنا الثقافية الآن حيث تظل الحاجة ماسة إلى تفعيل هذه التجربة لأن التجارب الإبداعية الجديدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشر الالكتروني.
في وقت يصر فيه الكتاب الكبار والجيل المخضرم على أن (النشر الورقي) هو ضروري في حياتنا لأنه يرتبط بمنجز قرون عديدة حيث ظل الكتاب بشكله التقليدي عنصر مهم من عناصر بقاء هويتنا الثقافية والمعرفية، وعليه فإننا أمام ضرورة أن نزاوج بين قنوات النشر جميعها من أجل أن تعم الفائدة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved