الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 06th February,2006 العدد : 139

الأثنين 7 ,محرم 1427

« الثقافية»: ملاحظات في اللغة والمنهج..!
د. أحمد الخاني
إن تطوير أدوات الثقافة من أهم عوامل انتشارها ولا أعني بهذه الأدوات الشكل واللون والصورة وإنما أعني فن إدارة الحوار ليغري بالمشاركة والتفاعل، والتواصل والتوهج والإبداع.
والإبداع الأدبي لا يقتصر على الصورة الشعرية المبتكرة أو الفكرة التي لم تسبق وإنما يشمل الأساليب النثرية أيضاً من حيث النسق البياني والمراوحة بين الخبر والإنشاء؛ نعم لقد أصبحت مدارس النثر من التراث الغابر وطغت لغة الصحافة فلا صنعة ولا تصنيع ولا تصنع، وإن أصبحت الكتابة حرة بعجرها وبجرها، لا يستطيع الناقد المتابع أن يعقد لها قاعدة ويطلق عليها اسماً غير (الكتابة الصحفية) إلا أن بعض الأدباء الكتاب نلحظهم يهتمون بأساليبهم لتكون أكثر جاذبيةً وتشويقاً.
في العدد قبل الماضي شاركت في (ثقافيته)، وأراني اليوم مشدوداً إلى أن أشارك في هذا العدد 137 فلقد أصبحت هذه المجلة الزهرة التي تنشر الرحيق.
* يطالعنا في مستهل هذا العدد عنوان:(الأدب هو الذهب) للدكتور عبدالله باشراحيل حيث يخاطب رئيس نادي أبها الأدبي بهذا التكثيف الوجداني (على رسلك أيها الأستاذ الكبير محمد الحميد فوالله لك في نفسي تقدير وحب ما تمنيت أن تبخسه حقه).
ومن باب التداعي فقد ذكرني هذا الموقف قصة حفظها لنا تاريخ الأدب، وفحواها أن عبدالملك بن مروان ظفر بشاعر خارجي - عمران بن حطان - فلما مثل بين يديه قال له:
كيف قولك يا عمران في شبيب؟
ألم تخاطبه بأمير المؤمنين بقولك:(ومنا أمير المؤمنين شبيب)
فقال شبيب ما هكذا قلت يا أمير المؤمنين
فقال عبدالملك: وكيف قلت:
قال شبيب: قلت (ومنا - أمير المؤمنين - شبيب)
فأطرق عبدالملك هنيهة ثم قال: أطلقوه فأطلقوه. ثم التفت إلى جلسائه وقال: طالما أنه خرج منها).
طالما أنه خرج منها يا أستاذنا الكبير عبدالفتاح أبو مدين وأنت أب للأدباء وأنت قدوة رعاك الله فما كان لك أن تقسو هذه القسوة قال الله عز وجل:{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (53)سورة الإسراء.
* في مقال الأستاذ الفاضل محمد الدبيسي خالد الأنشاصي (وموسيقى الجنائز) لفظة (موسيقا) أجنبية تكتب بالألف: فرنسا، أمريكا، انكلترا. وأنا ألتمس لك العذر فهي من الخطأ الشائع ونحن مؤتمنون على اللغة فالمعذرة إذا أبديت هذه الملاحظة البسيطة والكريم يتقبل الهدية.
يبدأ الدبيسي مقالة (بكل ما يمكن أن تضفيه الحميمية.. قرأت المقطع الأول والمقطع الثاني وما وجدت المبتدأ لهذا الخبر (بكل) فليت الكاتب يدلنا على المبتدأ أين يقع؟
* وعنوان يقول: عناد المطيري يصافح الفصيح:
الشعر العامي: هذا هو الاسم المناسب لهذا اللون من الشعر، ولا يصح أن يسمى بالشعر الشعبي لأن الأدب الشعبي، شعره ونثره يكون اسم صاحبه مجهولاً مثل كتاب ألف ليلة وليلة وغيره. (وابن خلدون له رأي واضح في هذا الشعر ضمنه في مقدمته والجزء السادس من كتابه (العبر) يسمي هذا اللون من القول (الشعر البدوي) ويحدد تاريخ نشأته بالقرنين الخامس والسادس الهجريين ويحدد الموطن الذي نبت فيه هذا الشعر، نشأ في بني هلال لما هاجروا إلى أفريقيا ونأى العهد بهم عن موطن الفصاحة الجزيرة العربية، وبعد أن مر عليهم حوالي مئتي عام في إفريقيا نشأت العجمة بينهم، ونجم الشعر الذي لا يراعي قواعد اللغة).
من كتابي (الصالونات الأدبية) مخطوط.
يقول الشاعر عناد في شعره الفصيح: أترفع تهنئة للوصيف ونترك أحبابنا للرصيف؟
ولقد استوقفني من القصيدة هذا الأسلوب البلاغي:
مع الريح نمضي على أن نعود
إذا ما دعانا الظلام الكثيف
فتحية للشاعر عناد وأرجو أن يكون رائد التحول من الشعر العامي إلى الشعر الفصيح وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :(رحم الله امرأً أصلح من لسانه).
* ومقال للأستاذ عبدالله الجفري بعنوان: العاشقان في تقييم الشمري.
وتقييم من الخطأ الشائع أيضاً والصواب تقويم.
والمقال بطاقة محبة للأديب الأستاذ عبدالحفيظ الشمري (أحجار لئيمة لغادة عبدالله الخضير).
أتهم نفسي فأقول إن قصور مداركي هي التي قعدت بي عن أن أفهم المراد من هذا المقال ولا أقول: إن قصور أدوات الكاتبة الفاضلة عن توصيل المعلومة أو الفكرة هي السبب.
* إحسان عباس يقول: إن الكاتب إذا لم تفهم عنه ما يريد يكون هو السبب في عدم التواصل المعرفي من باب (لماذا لا تقول ما يفهم؟).
وأنا ربما ألتمس العذر لهذا الكاتب أو ذاك فأقول: ربما كان القصور الكامن في أنفسنا هو السبب (لماذا لا تفهم ما يقال؟)
والقول الفصل في هذه الإحالة هو الحكمة المأثورة؟ (إنما لك ما وُعِيَ عنك).
* تقول الكاتبة غادة الخضير:
حجر أول:
لم أعد أكذب
ولم أعد أتحمل
لكنني صرت حزيناً قليلاً
وشارداً قليلاً
ومنتظراً حجراً لئيماً يرسم آخر دوائر الذاكرة..!!)
أما لماذا كان الحجر لئيماً؟ أَلأنه يرسم دوائر الذاكرة؟ لا أدري.
حجر ثانٍ:
الماء..
وكفى..)..
أسألُ هذا السؤال: هل الأدب النسائي غامض؟
أم أن الغموض كان في نفس الرجل؟
وهل هذا الأدب النسائي مفهوم لدى النساء؟
أم أنه أدب طلاسم؟.
* ولصديق الأدب الأستاذ سعد البواردي عنوان ثابت هو (استراحة داخل صومعة الفكر) يعلق الأستاذ محروس أكرم الهاجري من الأحساء بقوله في العدد نفسه:
مع تقديري للأديب سعد البواردي وأسبوعياته (استراحة داخل صومعة الفكر) وهي دراسة نقدية للشعراء (مجموعاتهم الشعرية) فإنني أستغرب من العنوان الذي تخيره، ففي رأيي أن هذا العنوان قد هضم الفكر معنى، فالفكر أحرى أن يكون طليقاً حراً لا مقيداً بالسلاسل، فالفكر يستحق كلمة (خارج) لا (داخل)..)
ولي في هذا العنوان رأي آخر:
البيعة لليهود وهم المغضوب عليهم.
والصومعة للنصارى وهم الضالون.
والمسجد للإسلام والحمد لله.
فأنا أقترح أن يكون العنوان:
( استراحة في محراب الفكر) استلهاماً من عقيدة التوحيد ومسجدها ومحرابها والله يخير لكم.
* وأخيراً:
(كيف أثق في أمة..؟!)
وهذا العنوان للأخ الدكتور زهير محمد جميل كتبي من مكة المكرمة.
وبداية أقول: إنك في القلب يا أخي زهير، ومقالك هذا كان الحافز لأن أدون مقالي من أوله إلى آخره.
بعد مقدمة جميلة جداً تسأل: كيف تريدني أن أثق في أمة وفيها شاعر عظيم اسمه عمرو بن كلثوم التغلبي وصل به الغرور والتعالي والغطرسة والكبر والتكبر على الآخر لدرجة خطيرة حين قال:
ونشرب إن وردنا الماء صفواً
ويشرب غيرنا كدراً وطينا
أنا أضع نفسي المسؤول وأتصور أنك تسألني شخصياً فأجيبك:
إنك يا أخي قد أنكرت التكبر والتعالي على الآخر وهذا أمر تُحمد عليه والجواب عندك يا أخي وأنت في مهبط الوحي، لقد نزل الوحي على بلدتك المكرمة، زادها الله شرفاً، حتى يفهم الناس أن التكبر لله لا للبشر، وهذا إنسان جاهلي فلو كان حياً لقال له جدك الذي فهم الإسلام عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
لا يا أ خي لا يصح لمن كان أوله نطفة مذرة وفي جوفه العذرة أن يتكبر على الناس، ولقد روينا عن أشياخنا يا أخي زهير أن مَنْ أُصيب بشيء من الغرور فإنما ينقص من عقله بمقدار الغرور الذي أُصيب به، ولذلك ترى أن أكثر زعماء العالم مجانين، نيرون، هتلر، ستالين، شارون مجنون إلى لعق الدم فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر وجعله عبرة لمن يعتبر.
ثم تختم مقالتك بهذه الصرخة (ساعدوني على البحث عن أمة أستطيع أن أثق فيها).
أخي زهير أنت في مكة اذهب إلى التنعيم فهناك عطر خبيب الشهيد القائل وهو على خشبة الصلب:
ولست أبالي حين أُقتل مسلماً
على أي جنب كان في الله مصرعي
عطر خبيب وصدى صوت خبيب يدوي في ضمير كل مسلم صباح مساء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأنت أول من يسمع هذا النداء وإنك بقية السيف من أحفاد ذلك الشهيد العظيم - رضي الله تعالى - عنه وأرضاه.
واسمع صوت زيد بن الدثنة رفيق خبيب بالأسر يسأله أبو سفيان يقول: اصدقني يا يزيد: هل تحب أن يكون محمد مكانك وأنت في أهلك؟
أنت أدرى بالجواب يا زهير: والله ما أحب أن أكون آمناً في أهلي ومحمد - صلى الله عليه وسلم - في أهله تشوكه شوكة في إصبعه).
أحمد لك غيرتك ويجب أن تثق في أمة يقول الله لها:{وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}(46) سورة الأنفال فتنازعت ففشلت أرفع نداء بقوله: (يا مسلمي العالم اتحدوا) أجمع المسلمين اليوم على كلمة التوحيد:
لا إله إلا الله محمد رسول الله
وشكراً (للثقافة) التي أتاحت لنا هذه الفرصة للحوار معك.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved