الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 06th March,2006 العدد : 143

الأثنين 6 ,صفر 1427

لا علاقة لدرويش بتنظيم قصيدة النثر
محمد الصغير( أولاد أحمد)

-1-
هي لا ترغب في النظر إليه وهو يتحاشى التلفت حتى لا يقع بصره عليها هو يمشي مشية العارف إلى أين وهي ممتدة على بلاط الانتظار: انتظار قطارين في ذات اللحظة واحد فات... وآخر لن يطل أبدا هي تومئ إليه أن تعالى يا... وهو يرد على ظلها بلغة الظل عينها. هي اسمها قصيدة النثر وهو يسمى: محمود درويش
-2-
يكتب محمود درويش الشعر الجيد الأنيق والنثر العالي المتوفر على شعرية لا تقل علوا. وبتلقائية -واضحة للعيان- يقسم شعره إلى قصائد وملاحم ونصوص ويقسم نثره إلى مقالات ويوميات ونصوص... أيضا. فهل أن القصيدة هي كل ما ينقضه لينخرط في تنظيم (قصيدة النثر) الذائع الصيت والقليل الإنجازات الوقورة ؟ والحقيقة أنها مفارقة -شبيهة بالفاجعة- تلك التي تتعلق بالتسمية ذاتها.
-3-
عندما تيقن شارل بودلير من عدم وجود أي قانون فرنسي يلزمه بكتابة القصيدة الموزونة (وهو الذي دأب على كتابتها إلى جانب كتابة النثر مقالة ودراسة وتوهيما) كتب نصا متحررا من الوزن سماه: (القصيد منثورا) أو (القصيدة في حالة نثر) والواضح أنه كان يقصد القصيدة غير الموزونة في شبه تأكيد على أن القصيدة ظلت - دائما- مرتبطة بالوزن والإيقاع لقد كان السيد شارل حرا في تسمية مولوده الجديد الطارئ... غير أن مواليده لا يمكن أن يكونوا أبناء شرعيين للشعراء العرب الذين يتوفر تراثهم على أجناس كتابية متنوعة لعل أهمها (قصيدة النثر) ذاتها( قبل أن تصير إلى مصطلح) في أشكالها المطموسة والإلهية والصوفية والعلائية والتوحيدية. . وغيرها.
-4-
سيظل بإمكان القارئ - دائما- أن يعثر على محمودين متحدين: محمود: الشاعر ودرويش: الناثر، دون أن يشعر بأنه يلاقي شخصين مختلفين أو كاتبين لا تشابه بينهما. ولا شك- والشواهد كثيرة - أن محمود درويش في طريقه إلى كتابة النص الكلي الشامل بلغة البشر.
-5-
في الطريق إلى مدينة قفصة الجنوبية - كان ذلك سنة 1995- أسر لي محمود درويش أن كثيرا من الحداثة يزعجه وأن قدرا لا بأس به من الكلاسيكية لا يقلقه. فلعل هذا الهمس سيساعد جماعة تنظيم (قصيدة النثر) على الانتباه إلى أن السجع لا يعوض القافية وإلى أن السطر لا يعوض البيت وإلى أن التقنية لا تعوض الموهبة وإلى أن التقعر لا يعوض الصدق.
-6-
سلام على الذي يكتب ما يجهله وداعا للذي يكتب ما يعرفه حمائم إلى محمود درويش، أولا: السلام، ثانيا: عليك لا أحبك لانك تحبني, حبي لك غريزة لو كنت نمساويا مثل (تراكل) لأعدت التأكيد: جميل شعرك بحيث لا نتمنى أجمل منه. لأجل هذا: أمدحك مجانا وأسب أعداءك... بمقابل ! كن شاهدتي أكن شاهدتك وليحقق كل منا في موت صاحبه على الخبر اليقين يتسلل, ذات يوم إلى عظامنا.. مع هدير الطوفان. الحق... الحق لا أتمنى شيئا محددا لفلسطيني مثلك فقط لا تنسني- بعد العودة مع الحقيبة. أفترض دائما أنك تكتب بقلم فيروزي من أسفل إلى فوق وأنك تراقص ظلك... أحيانا. حسنا فعلت: لم تدَّع أنك شاعر.. الشعر تهمة الناس وحاجتهم ! نعم يا عزيزي لم يبق لك مكان بجانب الأرض سوى حصان في (البروة) -ولأجلك أيها الرائع- أصدق ناقدا فقط قال: الشاعر هو وسيلة اللغة لإنتاج الشعر. نم ملء جفونك مثل أبيك أصلا الصواب والخطأ مسألتان غير شعريتين. إن كنت نصحتني بقراءة شارلي شابلن وبمشاهدة رابندرادات طاغور... فقد فعلت. تجنبتهم ما استطعت كان يكفي أن تظهر... حتى لا تكون منتظرا هناك شعر وهنالك نثر فشكرا لروحك النبيلة وقد شيدت لجسدها ظلين عاليين. أنا أيضا أتساءل بمرارة: لم لم يدرسوا السخرية في شعرك ؟! أتساءل معك... مستعيرا شاربي نيتشه وقبعة جورج بارناردشو ! عندما أسمع أن على القصيدة أن تكون شعرا كلها... أحتج مع جدنا النحوي: (إذا كان لا يتوصل إلى ما يحتاج إليه إلا بما لا يحتاج إليه فقد صار ما لا يحتاج إليه يحتاج إليه كل ما تعيبه عليك دولة اسرائيل هو أنك لست شاعرا يهوديا !! بعد غصن الزيتون بإمكانهم أن يستوردوا السؤال من الإسكندرية: والآن: ماذا نفعل بدون برابرة ؟! منذ جئت إلى تونس... والشاطئ أحمر ! مذ وصلت إلى قرطاج... وأمي تضع -جانبا- حصتك من القمح والأدعية كيف لا أصدق الطير وقد سمعتها تنشد في السماء: -عربي فقط أغلب هذا الشعر العربي الحديث ! أعرف دكتورا في إحدى الجامعات اشترى سيارة (رولز رويس) بأجرة تدريس ثلاثة أبيات من قصيدتك (أحمد الزعتر) وأعرف آخر... زوج ابنته من ناقد كلاسيكي بأجرة الأبيات ذاتها !! ما ظللنا نبحث عنه طيلة 14 قرنا وجده شاعر معاصر من أمريكا اللاتينية: إذا كان الشعر عصفورا فالصورة جناحه الأيمن والإيقاع جناحه الأيسر لكن الشعر ليس العصفور، إنه: الطيران ،المتربصون كثر، رجاء: لا تمت قبل أن نموت.


تونس

الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved