الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 06th March,2006 العدد : 143

الأثنين 6 ,صفر 1427

كيف كتب المازني مقالته الأخيرة عن محمود درويش
عبد المنعم رمضان

أعلم أن حالتي لا تشبه حالة إبراهيم عبد القادر المازني، أعلم ذلك، على الرغم من أنني أود أن ألهو لهوه، وأعبث عبثه، وألا يشق على قدرته على الاستغناء، ذات مرة كتب المازني يقول: (أنا ألقى الدكتور كل يوم، وأحادثه أكثر مما أحادث نفسي، ولكم قلت لنفسي وهو لا يدري: لا يا شيخ، دع كتاب الدكتور إلى سواه فإن للزمالة حقاً واجب الرعاية، وستخجل ان تلقاه بوجهك هذا ان نقدته، ثم لا أكاد أخلو بنفسي حتى يهمس في أذني ذلك العفريت اللعين: إن الأدب فوق الصداقة والزمالة وإن بروتوس كان يقول: إني أحب قيصر، ولكن روميه أحب إلي، وإن لك كتاباً كما له كتاب، فلينقده إذا أحب وليس من شأن النقد الأدبي أن يفسد ما بين الصديقين وهكذا حتى اقتنعت وتناولت القلم) انتهى كلام المازني. وحالتي ليست كحالته فهما المازني وطه حسين نجمان كبيران في سماء واسعة تظلهما وتظل غيرهما، بينما أرى محمود درويش نجماً كبيراً في سماء تضاءلت مساحتها، ولا أملك إلا أن اطأ الأرض التي اعشقها، وانظر إلى أعلى فأرى النجوم جميعاً وأرى نور محمود درويش أسطع من أنوار نجوم كثيرة، وحجمه أكبر، وحركته ثابتة، وهما المازني وطه حسين متنافسان إلى حد كبير، في حين ان إمكانية التنافس بين محمود درويش وغيره من رفاقه قد تكون غير محتملة، فما بالك بالتنافس بيننا، نحن من عالمين وجيلين وذائقتين ووطنين أحدهما يمكن أن تسمع صرير قلم أصغر كاتب فيه لأنه وطن صغير ولأنه محل نزاع مع اليهود (الأبناء المدللين للغرب المسيطر على العالم).
ولطه حسين مدرسة تضم تلاميذ ومريدين ومحبين ومرتزقة وبعضهم قد يشهر سلاحه في وجوه خصوم الدكتور ولمحمود درويش مدرسة أيضاً ولكنني لست من خصومه، إنني بالتأكيد من محبيه غير المغالين قد يحسب المازني حساب أنصار الدكتور لبعض خصومات بينهما، أما أنا فلا أحسب حساب أنصار درويش للفروق التي بيننا، فأنا المحب وهو المحبوب، أنا الناظر إلى أعلى وهو الذي لا تتعب عنقه، أنا القانط الفرح وهو الفرح الفرح، انه في خيلائه أجمل مني في خجلي، وأطيب مني في قلة حيلتي، وأرق مني في نسياني لحقوقي وإغفالي لواجباتي، وأعدل مني في اجترائي على من يشبهونه ولا يبلغون شأوه، ومحمود درويش رجل أنيس المحضر ذكي الفؤاد جرئ القلب تعجبك منه صراحته وتقع من نفسك رجولته وأنفته ويعلق بقلبك إخلاصه ووفاءه ويثقل عليك أحياناً اعتداده بنفسه، جالسته في بيت غالي شكري، كان قد أصدر ديوانه لماذا تركت الحصان وحيداً، تعمدت الخطأ وقلت له: أين تركت الحصان وحيداً، ابتسم ابتسامة الحويط العارف، وجالسته في برلين، وسمعته يتحدث عن قيلولته، ويتساءل عن الأساطير، وعن رموز الأساطير وهل بينهما رمز للنوم، لأنه يحب أن يصاحب هذا الرمز، استبعدت إمكانية أن يصاحبني محمود درويش فأنا من عبيد وعباد الليل، وشممت من قريب ومن بعيد رائحته الساطعة.
ومن أمتع ما مر بي، ليلة قضيتها في قراءة ديوانه الأخير كزهر اللوز أو أبعد، قضيتها هكذا بين سماع وسماع، أما السماع الأول فلعل القارئ الفطن أدرى به وأخبر وهو سماع فيه فضول وتشوف، فيه انتظار ورغبه، فيه همهمة وغمغمة ولهاث، أما السماع الثاني فقلّ من شجى به كما شجيت في ليلتي تلك، رحم الله المازني، أي والله مازلت إلى الساعة كلما خلوت بنفسي، أغمض عيني واتسمع وأحاول أن ابتعث ذلك الصوت البديع الذي هاجني إلى ما بي، كما لم يهجني صوت سواه، وقد أعجب لما يصب في الاذن، أين يذهب، لماذا لا يخرج من القلب ثانية، لماذا لا يستقر فيه، لماذا يذهب، وربما أثارني هذا العجز عن أحياء صوت، بأكبر من تصوره (الصوت) في ضمير الفؤاد، وقد أغالي في إكبار هذه الثروة الصوتية، وأتمنى لو رزقت شيئاً منها، ثم أعود فأسخر من نفسي، وأضحك من أمنية يستخفني إلى إنشائها الطرب العارض، ثم أسخر من سخريتي فالحادث أننا نحتاج إلى هذا الطرب وهذا السماع والحادث أن محمود درويش هو الشاعر الذي لم يشأ أن يتمرد داخل الشعر بمحاولة تغيير مساراته، فهو لم يفعل هذا، لم يعمد إلى فعل هذا، ترك هذا للشعراء المرضى السابقين واللاحقين، انه عرف طريق ثورته، قصد أن يبلغ بالموسيقى حدها الأخير كما يراه، حدها الختامي فأصبح وجودها الطاغي وكأنه فرصة تلاشيها، وقصد أيضاً أن يبلغ بالمعجم الشعري، الطافح بالجمال الذي يتحاشى ما عداه، المعجم المتفق مع سوية شعرية عربية ورثناها وتداولناها، قصد أن يبلغ به حده الأخير حده الختامي فأصبح وجود اللغة الطاغي عن طريق هذا المعجم وكأنه فرصة تلاشيها، ان حفاوة درويش بالموسيقى حولت الموسيقى إلى سائل أثيري، إلى كحول، وغرامه بالمعجم الجميل فعل باللغة الأمر ذاته، فأصبحت أثيريه فاتنة، أصبحت كحولاً، سرعان ما تتطاير وتترك مكانها شعورا بالانتعاش والبرودة، وتتمتع قصيدة درويش بالذكاء الفائق وذكاؤها يعوضها عن فقدان الحدس، انه يصل بالقصيدة إلى الموضوع الذي يسبق موقع الحدس تماماً وتظل دون الحدس على الرغم من قربها منه وقصيدته لأنها ذكية جداً قد تسخر من التطلع إلى الحدس ستعده إرثاً صوفياً مستهلكاً وبليداً، وتفضل الاعتماد على ما تملكه، ومحمود درويش ينغمز ببدنه كلّه في بحيرة الشعر ويجيد البقاء وقتاً طويلاً تحت مائها دون اختناق، ولا يسمح لنفسه إلا في مرات محدودة أن يتحرك باتجاه حواف البحيرة عله يرى ما يحيطها، هذا الكائن الشعري جداً المسمى محمود درويش، يعرف كيف يستولي وهو استيلاء مشروع يقوم به الشعراء الكبار دائماً، لأنه حقهم، يعرف كيف يستولي على حيل الشعراء المغمورين من جيله والأجيال التالية والأجيال الشابة جداً، ويعيد ترويضها، بل يعيد تخليقها، لتصبح تلك الحيل غير قابلة لأن تنتسب إلى شعر آخر سوى شعر درويش، ثم ينام، ينام في هدوء ويدهن جسمه برحيق النسيان، اعتذر عن كلمة يستولي وسوف أبحث عن كلمة نظيفة تلائم الجهود الثقافية التي يبذلها محمود درويش لتغيير جلد قصيدته وإعادة شحنها، لقد فعل درويش مع المفارقة، في عدد من قصائده، ما فعله مع الموسيقى والمعجم، فأصبحت راسخة حد التلاشي، وقد يعتقد البعض أن ذكاء محمود هو الذي يدفعه إلى إعلان انصرافه وخصومته مع القصيدة السياسية، البعض الآخر يظن أن الإنكار صحيح من جهة أقرب إلى جهة الوهم، فهو لم يعدّ يكتب فعلاً القصيدة السياسية، ربما يكون هذا التصريح ماكياجاً ضرورياً ليرى من يرغب كيف يتسامح الشاعر الفلسطيني وكيف يغفر، البعض يظن أيضاً أن الإنكار باطل من جهة أخرى أقرب إلى الثقة، فهو ما زال يكتب قصيدة ثراؤها يظهر في القراءات الجماعية، حيث يقف محمود أعلى من موقف الإمام، ويقف المستمعون إليه في موقف أدني من موقف المأمومين وتقف القصيدة فوق رؤوس الجميع مخفورة بكل ما هو عام، مهما كان فردياً، لأن هذه الفردية لا تعني الذاتية، فالفردية تصلح كمشترك والذاتية تفريق واجب، وتظل القصيدة ترفرف فوق الرؤوس لتتأكد من أنها تمثل انتصارات للشاعر ولجمهوره تعوض عن الهزائم التي يعانونها طوال الوقت، ويشعر الجمهور الذي لا يمكن أن نتجاهل ثقافته الفنية والجمالية والفكرية والسياسية مع التشديد على الأخيرة، مما يجعلنا مجبرين على عدم الخوف منه، عدم الاحتكام إليه أيضاً، وعدم إغفاله ثالثاً، يشعر الجمهور بالاحتياج الدائم إلى هذه القصائد العالية، القصائد العامة العالية، وصفة العامة لا تنال من القصائد، إنها فقط تحدد وجهتها، تصفها، وقصائد الحب والمرض لن يضمن لها الحب والمرض الخروج على صفتها العامة إلا إذا تحققت عناصر أخرى لا يهتم بها محمود، أذكر أن الشاعر أحمد حجازي يلح دائماً على زمنية القصائد ويعدها العتلة الأساس، وأنا ألح معه على زمنية القصيدة، ولكنني ألح أيضاً على لا زمنيتها وأعتبرهما معا العتلة الأساس، وقصائد درويش رغم جماليتها الفائقة، وأناقتها التي سنتحدث عنها، وتصورها أنها خرجت على القصيدة السياسية وهجرتها إلى قصيدة تعتني بشؤون أخرى، يخيل للبعض أنها شؤون الذات، قصائد درويش توافق عتلة أحمد حجازي وتجتازها بامتياز كبير، لكن حارس اللازمنية المتهم بالخلود، الحارس العجوز الأشيب المحنك قد يوقف محمود درويش أمامه يوقفه وقتاً طويلاً في طابور ربما يضم ناظم حكمت وأبا العتاهية والعباس بن الأحنف وحافظ إبراهيم والزهاوي وأبا ريشة، الأكيد أن الحارس سيعاود الاطلاع على وثائق درويش وأنه سوف يسمح له بالدخول فقصائد درويش تؤرجح الزمني وتلهث خلف اللا زمني، وتشغلنا، وتطمح في السكنى إلى جوار أبي الطيب المتنبي، باعتباره شاعر المستقبل البعيد، صديق الرموز الأسطورية، صاحب الأنا الضخمة، صديق سيف الدولة، كل الشعراء القائلين بأولية الزمنية إلى حد الاكتفاء بها، بحثوا عن أشباه سيف الدولة، تعلقوا بجمال عبد الناصر وياسر عرفات، محمود درويش في طموحه، يمشي دون عكاكيز، دون مصابيح، يسير دائماً في عز النور، يفتح عينيه عن آخرهما، يرى ونرى معه ما يراه بنور عينيه، لم يقتحم الظلام، لم يفكر أن يرى بحواسه الأخرى ما يخبئه الظلام من فراديس وجحيم، انه الشاعر المبصر جداً، يرى سلطان الوقت فور استيقاظه، ثم يرى بقية المخلوقات، ويقول للجميع: صباح الخير، وعندما تزيد مساحات الإبصار تزيد سطوة الزمنية ويعظم بطشها، مفاجآت الشاعر الأعمى ذات حظوة لدى القراء، وعديمة الحظوة لدى الجماهير، درويش يحب الجماهير ويعطف عليها، ويتحرج من القراء، الغالب أنه يمتعض من تكلفهم ولكنه يعطف عليهم، ولا يعبأ بالعمى يسخر ممن يزعم أن العمى موهبة، والإبصار عادة، انشغل المازني بالعمى، وكتب عن العمى والغريزة النوعية، ولكنه فكر في العمى الفيزيقي العضوي، عمى بشار وأبو العلاء وطه حسين، نحن نتكلم عن عمى آخر، عمى يضع الزمنية في مكانها، زمنية قصائد درويش قد تأتي من ينبوع ظاهر، فإذا كانت خريطة سير الشعر في المدن العليا، المدن التي أصبحت مدناً بحق هي خريطة الانتقال التدريجي أو الفجائي من الشعر العام إلى الشعر الخاص، فإن هزائمنا واحباطاتنا واحتمالات أن نقع في المستقبل القريب فريسة هزائم واحباطات أعنف، يجعلنا أحوج إلى ذلك الشاعر العام، بصيغته اللطيفة المعدلة، غير الخشن، الذي لم يعدّ تحققه يتم بسبب كتابته قصائد سياسية، ولكنه يتحقق عن طريق قصائد مليئة بالحب والفرح والحزن والمرض والموت قصائد الفرد الأعزل، الفرد الذي يشبهه كل الأفراد الآخرين، ويشبه كل الأفراد الآخرين، إننا بهذا المعنى أحوج إلى محمود درويش منّا إلى سواه، أتخيل قصيدة محمود تزورني في بيتي، سأتمنى أن يراها جيراني وهي تدق بابي، لأنني سأزهو بزيارتها لي، اعترف أنها ستجلس كل وقتها في حجرة الصالون، هكذا متأنقة، تضع ساقاً على ساق، تشرب شايها وأشرب شايي، لن تتورط وتدخل دورة مياهي حتى لو احتاجت لذلك، حتى لو كانت محصورة، لن تدخل معي غرفتي، إنها تلبس كل حليها، تضع كل عطورها، تخلق وحدتها هي نفسها بالوسائل الجمالية، لكنها وسائل فيها التفرد والسلب، يقول بودلير، وعلى لسانه يقول كامي، وعلى لسانهما أقول: هذه القصيدة تحب أن تحيا وتموت أمام مرآة، لأنها تعيش على المواجهة، ولا توجد إلا بالتحدي، وهي القصيدة التي لا تتأكد من وجودها هي نفسها إلا بعثورها على صورتها في وجوه الآخرين، الآخرون مرآتها، هم مرآة عمّا قليل تختفي، نقد محمد مستجاب سيرة محمود الربيعي بأنها مثل شقة ليس فيها دورة مياه، وهو غير محق لأنها سيرة تلتزم حقيقة ما حدث، أتخيل محمود درويش يضحك بصفاء ويقول، قصيدة عبد المنعم تقضي كل وقتها في غرفة الحمام، أعود وأقول قصيدة محمود درويش عليها أن تبدع دهشة الآخرين باستمرار، أن تكون الواحدة والأوحد في كل شيء، هي تلعب لعبة الحياة، هي لا تعيشها رغم الزعم، فهي غير قادرة على أن تعيشها، ستظل تلعبها حتى تموت يفيدني كأمي في أن أدرك أن اللحظات الوحيدة التي لا تلعب فيها هذه القصيدة وينكمش جلدها ويتكرمش، عندما تكون وحيدة وبدون مرآة، فهي غير موجودة إذا صارت وحيدة، العزلة هي الرعب الحقيقي الذي يحاصر هذه القصيدة، الرعب الذي لا تقدّر على هزيمته، ولكي تتفادي هذه القصيدة شعورها بالعزلة تحتمي بكل عطورها وجواهرها، وذهبها اللامع ولغتها اللامعة وحبها اللامع، تحتمي باهمال مياه الميتافزيقا وعدم السباحة فيها، وتكتفي بتحويل جالونات من هذه المياه إلى كرات ثلج، تتسلى باللعب بها، أو خلطها بمياه الشرب، وسوف تزعم أن الميتافزيقا مثل الحدس إرث شبه صوفي مستهلك وبليد، في مسرحية تاجر البندقية يحكي شكسبير عن تلك المرأة الجميلة التي مات عنها الدوق والدها، وترك لها ثروة ووصية، الوصية ألا تتزوج إلا بمن يفتح الصندوق المخبوء فيه صورتها، كانت هناك ثلاثة صناديق أحدها من الذهب والثاني من الفضة والثالث من الحديد، الأمير المغربي تقدم لخطبتها واختار الصندوق الأول الذي لمعانه يستوي مع جمال هذه المرأة، الأمير الفرنسي اختار الصندوق الثاني، تجنب الأول لشدة لمعانه وتجنب الثالث لانطفائه، الإيطالي العاشق هداه عشقه فاختار الثالث، حيث صورتها، لأنه أدرك أن ما يلمع جدا، أن ما يلمع فقط قد يغشك، الساذج من يعتقد فكرة خبيثة خلف اختياري هذه الحكاية، لمعان شعر درويش يختلف عن لمعان الصندوق، لأن الصندوق أجوف، وقصيدة درويش ليست جوفاء، الأمثولة تتعلق أكثر بمقالتي هذه فقد اخترت لها أن تشبه الصندوق الحديد ومع ذلك فحالتي لا تشبه حالة المازني لأنني عندما أمشي في البلاد الغريبة، أغني مع نفسي أغاني درويش القديمة، سجل أنا عربي، وعندما انظر في عيون إفرنجية فاتنة أغني بين ريتا وعيوني بندقية، وإذا ضاقت دنياي وضاق صدري، غنيت: وطني يعلمني حديد سلاسي، عنف النسور ورقة المتفائل، وإذا جذب قلبي رجاء النقاش وإميل حبيبي وسميرة عزام وفدوى طوقان وسهام داوود وليانه بدر وغسان كنفاني وسميح القاسم، وجدته ينجذب تلقائياً إلى محمود درويش إنني مفتون لأنه فاتن، رغم اختلاف زوايا النظر.


مصر

الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved