مزقي ورقي
محمد جبر الحربي
|
وهذه قصيدة جميلة للشاعرة السعودية آمال بيومي،عر معها أنها كتبت من القلب لتصل إلى القلب, فيها بوح دافئ بل حارق، وفيها ألم دفين يظهر على السطح ما يظهر، ويحيل إلى ما يختبئ هناك في غرف القلب.
ولآمال تجربة طويلة ومتنوعة، ولكنها تجربة غير ميالة للضوء والواجهات.
وآمال مثلنا بدأت الشعر بمشاغبة القصائد العمودية ثم ترددت بين التفعيلة والنثر.
وقد اخترت لها هذه القصيدة من مجموعتها (وقوفاً على باب عاد) كنموذج لأنني شعرت بالقرب منها، رغم وفرة القصائد وتنوعها فنيا ومرحلياً.
وهذه القصيدة من الشعر الذي يقدم نفسه بشفافية دون حاجة إلى إفساده بالكلام، وإذا ما عرفنا أنها كتبت لحالة إنسانية كبرى، وتحديداً لشهداء ملجأ العامرية، أمكننا أن نستمع دونما ضجيج إلى الشاعر وهو يبكي نفسه والعالم الذي أصبح مقبرة واسعة.
آمال بيومي كغيرها من الشاعرات والقاصات السعوديات اللواتي يحتجن لا إلى الدعم بل إلى التحفيز ليعدن إلى أماكنهن المتقدمة، ويخرجن من عزلة الكآبة والمرارة والوأد.
هذه هي القصيدة (مزقي ورقي)، وهذه هي آمال في لحظة صفاء إنساني عال:
كل الدروب إلى الحرف مسدودة
فعلام الكلام؟!
أأقول لك الآن إن دمي قد تفجر
إن الحروف ذئاب بصدري تعوي؟!
أأترك دمعي أمامك يغسل كل الذي لوثته الجباه؟!
عبثا تنظرين، وكفك مشدودة..
شفاهك مقبوضة
لا تبوحي
الجدار..
الجدار!!
بيننا فوهات الجدار
عيون الطريق وحنجرتي اللاهثة.
بيننا كلماتك حين يضيق بك الصمت
قد أحرقوا..
بأصابعنا
كل جسرٍ تهدم
كل دمٍ سال
ثم بكيناه.. في سرنا
كل أم تلملم عبر الحطام بقايا ضنىً
نسجت باسمه سجننا.
... ... ...
بيننا الصمت
لا تكسري طوقه عن يدي
أأنقض عن معصمي الدماء
أجمل بالحزن أنشودة صدأت؟!
لممي ورقي..
كل حرف تعثر في القيد
ثم استراح على شاهد القبر..
مزقي ورقي..
قد أظل زمان الوقوف على شفة الجرف
هذا أوان الحصاد.
mjharbi@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
