داويت جرحي والزمان طبيبُ |
بالصبر أطحن صخرة وأذيبُ |
لا أدعي جلداً.. ولكن للهوى |
حكم يطاع بشرعه المحبوبُ |
أسلمته أمري وأعلم أنني |
حطب.. وأما دربه فلهيبُ |
أحببته حتماً عليّ لأنهُ |
كلي: صباً وطفولة ومشيبُ |
جربت أن لا أستجيب فعابني |
شرفي.. وهدد بالخصام نسيبُ |
هو من غصوني المورقات جذورها |
هل للغصون من الجذور هروبُ؟ |
حيناً ينيب ضُحاي عن ديجورهِ |
غماً... وحيناً عن ضحاه أنوبُ |
عاندته يوماً فعاند معزفي |
لحني وجف على فمي التطريبُ |
ورأيت أن العاشقين تعاضدوا |
ضدي.. وقالت بالجفاء عَروبُ |
كتب الوفاء عليَّ دون إرادتي |
فاللوح قبل ولادتي مكتوبُ! |
قد ثاب لو أن الجنون يثوبُ |
وأجاب لو أن القتيل يجيبُ |
صب ولا كالآخرين: ضلوعهُ |
نخل.. وأما قلبه فشعوبُ |
قد كان أقسم أن يموت على هوى |
وإن استخف بعشقه المحبوبُ |
ضاقت به قبل الديار هواجسٌ |
وتقاذفته ملاجئٌ ودوربُ |
ما أن يكحل بالشروق جفونهُ |
حتى يخيط المقلتين غروبُ |
يمشي به الوجع المذل ويرتعي |
دمَه اشتياقٌ أن يطل حبيبُ |
تلهو بزورقه الرياح وتستبي |
أيامه أنى أقام خطوبُ |
(ليلاه) في حضن الغزاة سبيئةٌ |
أما العشير فسيفه معضوبُ(1) |
أجل.. البلاد نجيبةٌ يا صاحبي |
والنهر النخل الجريح نجيبُ |
لكن بعض (رؤوسنا) يا صاحبي |
جبلت على فسَد فليس تثوبُ |
غرسوا بنا سل الشقاق.. فليلنا |
متأبد.. وصباحنا معصوبُ |
بتنا لفأس الطائفية محطباً |
فلكل حقل (سادن) و(نقيبُ) |
علل العراق كثيرة.. وأضرها |
أن الجهاد (الذبح) و(التسليبُ)(2) |
وطن ولكن للفجيعة.. ماؤهُ |
قيحٌ.. وأما خبزه فنحيبُ |
مسلولة أنهاره... ومهيضةٌ |
أطياره.. ونخيله مصلوبُ |
(قومي همو قتلوا أميم أخي) ولا |
ذنب سوى أن القتيل قريبُ(3) |
أكذوبة تحريرنا يا صاحبي |
والشاهدان: الظلم والتعذيبُ |
أكذوبة حرية الإنسان في |
وطن يسوس به الجموع (غريبُ) |
مدن تباد بزعم أن (مخرباً) |
فيها.. وطبع (محرري) التخريبُ(4) |
وحشية تندي لقسوة نابها |
خجلاً ضباع قفاره والذيبُ |
أكذوبة أن يستحيل غزالةً |
ذئب.. وحقلاً للأمان حروبُ |
ما لي أبثك يا نديم قريحتي |
شجني وفيك من الهموم سهوبُ؟ |
هل نحن إلا أمة مغلوبةٌ |
رأت المشورة ما يقول مريبُ؟ |
ما نفع توحيد اللسان لأمةٍ |
إن لم توحد أذرع وقلوبُ؟ |
هي أمة أعداؤها منها.. متى |
طار الجناح وبعضه معطوبُ؟ |
من أين يأتينا الأمان و(بعضنا) |
لعدوّنا والطامعين ربيبُ؟(5) |
ومدجج بالحقد ينخر قلبه |
ضغن إذا قاد الجموع لبيبُ |
حاز العيوب جميعها فكأنهُ |
مأوى رأت فيه الكمالَ عيوبُ |
أعمى البصيرة فيه من خيلائهِ |
مسٌّ ومن صدأ الظنون رسيبُ |
إن قام يخطب فهو (عنترة) الفتى |
و(الحارس القومي) و(الرعبوبُ) |
أما إذا شهر الحسام عدوهُ |
عند النزال فإنه (شيبوبُ)! |
وهو (الأديب الفيلسوف) وفكره |
فلسٌ بسوق حماقة مضروبُ |
هل نحن إلا أمة مغلوبةٌ |
فإلامَ يشكو العاشق المغلوبُ؟ |
لا بد من غرق السفين إذا انبرى |
لقيادها (المنبوذ) و(المجذوبُ) |
يا (صالحاً) في الدنييين أرحمةٌ |
هذا الهوى؟ أم لعنة وذنوبُ؟ |
أجفوا نعيم المارقين وإن سعى |
لي منه صحن بالقطاف خضيبُ |
لو كنتُ خباً لاغترفت وإنما(7) |
كفي كقلبي زاهد وقشيبُ |
باق على هذا الهوى ولو انه |
سبب به عاش الشقاء تروبُ(8) |
ثلثا دمي ماء الفرات وثلثه |
طين بدمع المتعبين مذوبُ |
شكراً تقي العشق باسم صبابتي |
(والشكر موصول به الترحيب)(9) |