الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 6th September,2004 العدد : 75

الأثنين 21 ,رجب 1425

نشيد الزيتون
قضية الأرض في الرواية الفلسطينية

تأليف: نضال الصالح
دمشق: اتحاد الكتاب العرب ، 2004
*****
(لقد أنجزت هذه الدراسة قبل نحو أحد عشر عاماً، ولئن كانت ثمة ظروف حالت دون صدورها آنذاك، فثمة الآن ظروف جديدة ألحت علي في دفعها إلى النشر، من أهمها: حمى التحولات العربية والعالمية التي تهدد بإبادة اسم فلسطين من الذاكرة وليس من الجغرافية فحسب.. وإذا كنت أهديتها آنذاك أي خلال سنوات الانتفاضة الأولى وأنجزتها بدافع منها، إلى أطفال الحجارة الذين يصنعون مستقبل فلسطين، فإنني أدفع بها إلى النشر الآن ولما يزل أبناء فلسطين يقارعون الاحتلال، ويؤكدون يوماً بعد آخر أن استعادة الحق الفلسطيني لا تتم بغير المقاومة، وأن التشبث بالأرض هو الطريق الوحيد لقيامة فلسطين من رماد الموت...).
بهذا التنويه يدلف الناقد نضال الصالح إلى أربعة عشر نصاً روائياً لكل من: غسان كنفاني، وجبرا إبراهيم جبرا، وإميل حبيبي، وسحر خليفة، وأفنان القاسم، ورشاد أبو شاور، وسواهم.. يقول الصالح في تقديم موضوع دراسته وفصولها:
تستأثر الرواية العربية الفلسطينية، الصادرة بعد النكبة خاصة، بموقع مميز بين مجمل النتاج الروائي العربي، ليس بسبب توجه أكثرها إلى قضية الصراع مع مغتصبي الأرض الفلسطينية فحسب، بل بسبب كفاءتها أيضاً في إعادة إنتاج هذا الصراع بأدوات فنية متقدمة جمالياً، وقلما تبدو حاضرة في الرواية العربية المعنية بالصراع نفسه، على تعدد أقطار الأخيرة، واختلاف اتجاهاتها الفنية، وتنوع رؤاها.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن الادعاء بأن هذه الرواية تشكل جغرافية إبداعية مستقلة بنفسها عن فضاء الرواية العربية، فإن ثمة خصائص تميزها من مكونات هذا الفضاء.
ومن أبرز تلك الخصائص إلحاح مبدعيها على قضية بعينها من قضايا الصراع، أي: (الأرض)، وإلى حد تكاد تبدو معه سجلاً تاماً ودقيقاً للمراحل المختلفة التي مر بها نضال الفلسطيني من أجل تشبثه بأرضه قبل النكبة، ومن أجل استعادة هذه الأرض بعدها. ومسوغ ذلك دعوى (الحق التاريخي) أو (الوعد التوراتي) اللذين تذرعت بهما الحركة الصهيونية، ولا تزال، لإنشاء (دولة يهودية) فوق أرض فلسطين، في مواجهة الحق الطبيعي، والتاريخي أيضاً، لأصحاب الأرض الشرعيين، العرب الفلسطينيين، الذين سكنوا تلك الأرض منذ أقدم حقب التاريخ، وعمروها بجهدهم وكفاحهم، وناضلوا للتشبث بها والدفاع عنها ضد ما تعرضت له من غزوات استعمارية متلاحقة كانت تتقنع بمزاعم مختلفة لنهب خيراتها من جهة، وللاستفادة من موقعها الجغرافي المميز من جهة ثانية، ولفصل مشرق الوطن العربي عن مغربه من جهة ثالثة.
تحاول هذه الدراسة تبين القضية الظاهرة المشار إليها آنفاً في النتاج الروائي الفلسطيني الصادر ما بين انطلاقة الكفاح الفلسطيني المسلح سنة 1965م وبداية الغزو الإسرائيلي للبنان سنة 1982م وغير خاف أن هذين الحدين الزمنيين للدراسة ليسا افتراضيين، بل ينهضان من طبيعة هذا النتاج، ومن طبيعة الحركة التي كانت تحكم مسيرته وتطوره وعلاقاته بأشكال الواقع الفلسطيني كافة: السياسية، والثقافية، والاجتماعية.
فكما كانت الانطلاقة حداً فاصلاً بين مرحلتين في النضال الوطني الفلسطيني، وكانت في الوقت نفسه منعطفاً مهماً في مسيرة الأدب الفلسطيني، ويتمثل هذا المنعطف في تأثير المقاومة في الذات الفلسطينية، فبعد أن كان الفلسطيني مصاباً بحال الذهول من النكبة الفادحة التي حلت بوطنه، وبحياته داخل هذا الوطن وخارجه، حولته المقاومة إلى إنسان جديد يرى في المقاومة خلاصه الوحيد من الشتات، وأعطت لنضاله الذي كان يتسم ببعثرته معنى متطوراً يضيف إلى اندفاعاته الفطرية من أجل العودة إلى فردوسه المفقود قيمة للفعل الجماعي، تنظيمياً وسياسياً.
لقد كان من الطبيعي أن تلقي الانطلاقة بظلالها تلك على الرواية الفلسطينية، على خطابها بمستوييه المضموني والبنائي، واتجاهاتها الفنية، ورؤى منتجيها. ولم تكن هذه الرواية بمنأى أيضاً عن الآثار الكثيرة التي خلفها الغزو الإسرائيلي للبنان سنة 1982م، والتي كان منها المذابح الوحشية التي ارتكبها الغزاة في مخيمي
صبرا وشاتيلا، ثم دفع فصائل المقاومة الفلسطينية إلى شتات جديد، لا يمكن سلطات الاحتلال من ابتلاع مساحات جديدة من الأرض العربية فحسب، بل يخلصه أيضاً من أهم قواعد المقاومة الفلسطينية التي كانت تهدد مؤسساته العسكرية، ومستوطناته، ومنشآته في عمق الأرض المحتلة.
تتوزع الدراسة بين مدخل وأربعة فصول، أملتها علي طبيعة المادة التي وفرتها لي مصادر الظاهرة. تناولت، في المدخل، نشأة الرواية الفلسطينية وتطورها حتى سنة 1965م، والموضوعات التي عالجتها، والسمات الرئيسية التي ميزت خطابها وصححت، في الوقت نفسه، الخطأ الذي وقعت فيه الدراسات التي أرخت لها، والذي يتعلق بتحديد أول عمل روائي فلسطيني يستوفي أدوات هذا الفن وعناصره.
وفي الفصل الأول قدمت موضوعين يتصلان بالظاهرة. تحدثت، في الأول عن قضية الأرض في الرواية العربية، وتوقفت، بشيء من التوسع، عند أعمال الروائيين الجزائريين لما وجدته من تشابه بين هذه الأعمال والرواية الفلسطينية، وأعدت هذا التشابه إلى مرجعه الواقعي، أي إلى تعرض الجزائر وفلسطين لشكل استعماري واحد يقوم على الاستيطان وابتلاع الأرض من أصحابها الشرعيين. وفي الثاني، عرضت لثلاثة نماذج روائية عربية تصدت للحديث عن قضية فلسطين، وعلى نحو خاص عن علاقة الفلسطيني بأرضه، وحرصت على أن تمثل هذه النماذج أقطاراً عربية متعددة واتجاهات فنية متغايرة.
وفي الفصل الثاني، المتن الذي يشكل مادة الدراسة، تناولت قضية الأرض في الرواية الفلسطينية من انطلاقة الكفاح المسلح إلى بداية الغزو الإسرائيلي للبنان.
وقد خصصت الجزء الأول منه لاستجلاء الظاهرة في رواية ما قبل الانطلاقة، وفرقت فيما بعد بين مستويين لها في الرواية التي تلت ذلك.
دعوت الأول: (رواية الشتات الفلسطيني)، أي الرواية التي كتبها فلسطينيون يقيمون خارج وطنهم فلسطين، والثاني: (رواية الأرض المحتلة)، أي الرواية التي كتبها فلسطينيون يرزحون تحت وطأة الاحتلال الصهيوني.
ودرست في الجزء الثالث تطور الظاهرة ما بين المرحلة التي سبقت انطلاقة الكفاح المسلح والمرحلة التي تلتها.
أما الفصل الثالث فقد تناولت فيه علاقة الفلسطيني بأرضه كما قدمتها مصادر الدراسة، وحاولت تغطية أكثر قطاعات المجتمع الفلسطيني على اختلاف الانتماءات الطبقية والمعرفية التي تكون شخصياته، والتي حددتها ب(الفلاح، الإقطاعي والمختار، ورجل الدين، والمقاتل، والمثقف، والمرأة، والصهيوني) وأجريت في خاتمة الفصل تركيباً لتجليات تلك العلاقة.
وخصصت الفصل الرابع لدراسة الشكل الفني فيما سأضطلع عليه في تضاعيف الدراسة ب(رواية الأرض الفلسطينية)، وقد قسمت هذا الفصل إلى ثلاثة أقسام أو موضوعات رأيت أنها تشكل التجربة الفنية لهذه الرواية تناولت، في الأول، وسائل التعبير الفني التي لجأ إليها الروائيون لصياغة محكيات نصوصهم، ولا سيما ما يتصل بقضية الأرض، ودرست، في القسمين الثاني والثالث، الجماليات الخاصة التي ميزت تلك النصوص من الرواية العربية، والتي تتمثل في عنصرين رئيسين هما المكان والرمز.
ثم ألحقت هذه الفصول بثبت بالرواية الفلسطينية حتى عام 1982م، وبمعجم للروائيين الفلسطينيين الذين شكلت أعمالهم مصادر الدراسة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved