الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 6th October,2003 العدد : 31

الأثنين 10 ,شعبان 1424

قصة قصيرة
حرية قفص
خالد الخضري
شديدة الفرح، تتغنى طرباً بالهدية التي قدمتها إليها، هي تحب العصافير، تحب أن تعيش إلى جوارها، تريد لحياتها أن تكون حديقة غناء تكسوها الأزهار وتغرد في سمائها العصافير.
إنها حقاً أجمل هدية..
هل أسعدتك فعلاً؟
نعم، عصفوران جميلان، يمثلان السعادة، أريد أن أعلقهما هنا وسط الصالون ليكملا جمال مدخل المنزل..
فكرة رائعة..
ظل صغر حجم القفص أمراً مزعجاً بالنسبة لها، يقلقها هذا الأمر، فهي لا تريد لزوج العصافير أن يعيشا ولو لحظة شعور بالضيق، قالت بلهجة جادة:
هل تأكدت يا أحمد أنهما ذكر وأنثى؟
نعم، نعم..
رده كان موافقاً لما تريد، يريد أن يشعر أنها في قمة السعادة، يريدها أن تستشعر هذا الأمر مهما كلف الثمن.
سارعت نحوه، وهو يجلس على كنب الصالون، فاجأته بالخبر::
أحمد، أشعر أن العصفورين تعيسان للغاية.
... ،...
لأن حريتهما مقيدة، هما محبوسان ألا ترى؟
وماذا تريدين أن نفعل؟
إما أن أحضر لهما قفصاً كبيراً جداً، أو نجد حلاً آخر..
وهل تعتقدين أن القفص مهما كبر سيشعرهما بالحرية؟
القفص قفص، مهما كبر، سواء أكان من حديد أو مذهباً، يظل يمثل قمة الاحتجاز للحريات..
آه، لقد أعادته إلى ذكرياته مع أصدقائه عندما كانوا عزاباً، يسمع صوت محمد أحد أصدقائهم وهو يردد «الزواج قتل للحريات، حتى وإن كان قفصاً ذهبياً»، وقد كان لا ينوي الزواج مطلقا، حتى لا يحتجز داخل قفص.
فاجأته أمل بإخراج العصفورين من قفصهما، وتركتهما طليقين في صالون المنزل يمرحان لما تمتعا به من حرية، هذا الشعور البهيج الذي شعر به العصفوران لم يستمر طويلاً، حيث تضايق ربا المنزل من وضعهما، لأن لكل شيء ثمناً، وأول ما يمكن أن تدفع ثمنه غالياً «الحرية» فثمن حرية العصفورين اتساخ أثاث المنزل جراء ما يخلفانه، تتساقط ليلاً ونهاراً على الأثاث.
أحمد، ماذا نصنع؟
أحمد صامت كما هي عادته في مثل هذه المواقف
العصفوران، لقد عاثا بأثاث المنزل..
فكري في حل مناسب، واصنعي ما بدا لك..
هكذا أنت لا تريد أن تساعديني في شيء..
لم أتوقع أن يتسبب العصفوران في مشكلة لنا بهذا الحجم، وإلا لكنت قتلتهما قبل أن أحضرهما إليك..
حرام عليك، تقتل عصافير؟
بادرت أمل لإعادة العصفورين إلى حيث كانا في القفص، واستمرت في رعايتهما، كل صباح تقوم بوضع الطعام والشراب لهما، ولكنها فوجئت أن أحدهما أضرب عن الطعام والشراب تماماً، وظلت تراقبهما بشكل مستمر فشعرت بمحاولات العصفور الآخر مع خليله المضرب عن الطعام ومحاولته إقناعه بالإقلاع عن الاضراب.. ولكن دون جدوى.
عاد أحمد من عمله وعندما دخل المنزل إذا به يفاجأ بوجود أمل جاثية على الأرض، وقد فارقت الحياة، وبجوارها العصفور المضرب عن الأكل الذي فارق الحياة هو الآخر، وظل عصفور في القفص ينظر إليهما بنظراته الغريبة، ولم يعرف أحد من قتل الآخر العصفور أم أمل؟..
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
المحررون
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved