الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 6th October,2003 العدد : 31

الأثنين 10 ,شعبان 1424

سريب

* تأليف/ أحمد الفيتوري
* القاهرة/ ركز الحضارة العربية 2002م.
سريب، هي الرواية الأولى للناقد أحمد الفيتوري، فقد ركب الموجة هو الآخر باتجاه السرد. واختار ان يجعل لغتها، اللهجة الليبية المغرقة في العامية، فالرواية الأصلية هي جدته، لذلك فقد صبغ النص بالعفوية والبساطة حتى أنها تعد في بعض مقاطعها رواية هزلية، مملوءة بصور حية للحياة الفطرية والبدائية للأجيال الأولى من سكان ليبيا، وتعد أول رواية وهي وان كانت تصف الحياة الليبية، إلا أنها في الواقع صورة يمكن أن تتوافق مع الحياة العامة في أي قطر عربي الايمان بالأشباح والعجائب التي لا يناقشها العقل بل يؤمن بها كحقيقة يجب التعايش معها هي من مقومات الثقافة العامة للعوام، فالجن والعفاريت بمفاهيم اسطورية متطرفة بعيداً عن تهذيب الدين لهذه المفاهيم، تجعلها فوق طاقة الفكر والعقل والفهم وهي جزء من الحياة الفكرية في العقل العربي الشعبي، والجن والعفاريت والشياطين هم شركاء الإنسان في كل مكان يعيش فيه، وإذا كان يصعب على الإنسان أن يراهم فإنه من السهل عليه أن يجعلهم يتقمصون حيواناته من خراف وجمال، أو أن يجعلهم تلك الحشرات التي تملأ الصحراء فيتعامل معها، ليس كحشرة بل على أنها مخلوق من أهل الخفاء، يتخفى عن الإنسان بهذا التقمص الشكلي، سواء ليضر الإنسان أو ليكتفي شره، فالثقافة الفكرية عن البسطاء توزع القوة والفكر والمكر بين الإنس والجن بالتساوي، لذا فإن أيا منهم يستطيع أن يتغلب على الآخر.
وفي مشاهد من الرواية: يقول الراوي: سرق الخال حوائج أمي من ذهب ورداء الحرير وقمجة وأشياء أخرى لا أعرفها، في اليوم التالي سمعت جدتي ثم أمي ثم زوجة عمي وجاراتنا ثم من يترددون على الدكان وفي المدرسة أن عفريتة امرأة تلبس الذهب والحرير، كانت قتلت ظلما من أخيها ليلة عرسها ستراً عن فضيحة خلقية، هذه العفريتة ظهرت عروسا تحجل على مسرح ربوة الحقفة.. لم أصدق ما سمعت، لكن لم أعرف لمَ يصدق الناس ما لا يعرفون..» بطل الرواية تعارك مع أحد أبناء الحي، وضربه الآخر وأوجعه، وقامت أخت هذا الغريب وصفعت بطل الرواية أيضاً «في ذلك اليوم فقط انزعجت ألا يكون لي إخوة في عمري، فتمنيت أن يكون لي الكثير منهم، وأن يكبروا بسرعة، وتحققت هذه الأمنية التي ندمت عليها فيما بعد لما تجاوز عددهم الدرزينة».
تدور حياة بطل الرواية في تناقضات شديدة، فهو يعيش في بيئة تشارك الجن والعفاريت في أمورها، ويشاركها الجن أيضاً في المأكل والمشرب والمسكن، ولكن عليهم أن يخشى كل منهم الآخر ويحترم حقوقه، فالجدة لا تنظف البيت إلا بمكنسة عراجين النخل اليابسة لأنها لا تجرح الجن، مما سبب له الكثير من البلبلة والخوف في حياته، فهو يعلم حسبما يسمع من القصص أن الجن يعملون في الليل، ويتنقلون في الشوارع المظلمة، لذا فهو يخاف الظلمة، ولكنه مطالب بالحركة والسير ليلاً من أهله ومن المجتمع ليثبت لهم أنه ليس بخائف من الظلام أو من الجن، وإذا لم يفعل وركبه الخوف فإنه سيظل عجينة في ألسنتهم يلوكون سمعته، ويتحدثون عن خوفه من الظلام.
هذه الرواية تحتوي على مجموعة أساطير ترددها الجدات، ويحكينها للصغار لأجل النوم أو للتسلية في الليالي الطويلة الباردة التي يتكلم عنها الكاتب بدون أي نوع من أنواع التسلية المتوفرة حالياً، فكانت الجدات هن مقدمات برامج السهرة الليلية، وكانت القصص والأساطير والخرافات هي البرامج المتنوعة والتي كانت تعرض للجميع كل ليلة.
لذا فإن هذه الرواية هي سجل لأكثر من عشرة من أساطير العجائز و «سريب» هي أول عمل أدبي عن بنغازي: عن الأساطير والصابري وسيدي حسين ونصف بونفيص وحوش الغولة والزريريعية (منطقة سكن الكاتب) ودكاكين حمد ومقهى العروي وشارع أحمد رفيق. وعن أشعار محمد الشلطامي وراشد الزبير وحسن السوسي وقصص أحمد العنيزي ورمضان أبو خيط والأجيال التي رسمت طريق الحرير، وهكذا سوف يجد القارئ في سريب مدينة بنغازي بكل تشكلاتها وصخب علاقاتها ووعيها.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
المحررون
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved