الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 6th December,2004 العدد : 86

الأثنين 24 ,شوال 1425

هؤلاء مرُّوا على جسر التنهدات
علوي طه الصافي
هذه هي الصفة التي سمعت الناس يطلقونها عليه قبل أن ألتقي به شخصياً في جدة عدة مرات سواء في اثنينيته الأسبوعية في منزله، هذه الاثنينية التي ارتبط اسمها بيوم الاثنين، حيث يتحول وقت حضورها بعد صلاة العشاء إلى ملتقى الوجوه الأدبية والثقافية والصحفية والاجتماعية، ويتم فيها الاحتفاء بتكريم رائد من رواد حركتنا الأدبية الذين كانت لهم بصماتهم المؤثرة على صفحات تاريخ هذه الحركة، وممن واكبوا مسيرة النهضة الشاملة في بلادنا ليس هذا فحسب، بل الاحتفاء بتكريم رموز الفكر في الأقطار العربية سواء من خلال دعواتها الخاصة لهم، أو من خلال زياراتهم الشخصية للمملكة.
وقد يمتد التكريم ليشمل مجموعة من المفكرين الذين حضروا للاشتراك في ندوة أدبية أو نقدية إلى جدة، كما حدث لأعضاء ندوة (قراءة جديدة لنقدنا الأدبي القديم) هذه الندوة التي أقيمت بدعوة ورعاية نادي جدة الأدبي، وقد حضر حفل تكريم الاثنينية إلى جانب أعضاء الندوة الداعية الإسلامي العالمي الشيخ (أحمد ديدات) شفاه الله، حيث ألقى كلمة ليلتها عن الدعوة الإسلامية.
وحين تعرفت عليه، وسمعت المقدمات التي يلقيها في حفلات تكريم (اثنينيته) قلت في نفسي إن هذه المقدمات أدبية يمتلك صاحبها ناحية الكلمة الإبداعية، والعبارة المثقفة، والتسلسل الفكري، مقدمات لا عجمة فيها، ولا نشاز، فلماذا لا يظهر هذا الأديب على مستوى الإسهام بإصداراته الخاصة؟
وازدادت قناعتي حين جلست معه أن فكره يخترق كل معالم ومفاصل ومغاليق الحركة الأدبية في بلادنا منذ بداياتها والحركات في الوطن العربي.
وروح الأدب ليست غريبة عنه، فقد فتح عينيه على مكتبة والده الأديب (محمد سعيد خوجة) إلى جانب حضوره مجلس والده الأدبي وهو مجلس صباحي في صحيفة (أم القرى) التي كان رئيساً لتحريرها، ومديراً لمطبعتها، ثم مجلسه الذي كان يقيمه مساء كل يوم في دارته، بالإضافة إلى الحفل الكبير المعروف بحفل التعارف الذي كان يقيمه في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك بمنى على شرف المفكرين والأدباء والشعراء من ضيوف الرحمن الذين يفدون للحج من كافة أنحاء العالم الإسلامي.
ولم يتوقف دوره عند حضور مجلس والده الأديب وسماع ما يدور من نقاش وجدل في مختلف المعارف والعلوم الإنسانية، بل كان لشغفه بالمجالس الأدبية كان يرتاد متنقلاً بين مجالس الأساتذة أحمد إبراهيم الغزاوي، ومحمد عمر توفيق، وحسين عرب، وإبراهيم فودة، ومحمد حسن فقي، وعلي النفيسي، وعلي فدعق، وربما غيرهم.
ولم يكتف بحضور الندوات والمجالس الأدبية داخل المملكة، بل ارتاد بعضها في الوطن العربي مثل ندوة الأستاذ عباس محمود العقاد كل يوم جمعة، وندوة الدكتور طه حسين كل يوم أحد.
وهكذا تشبعت روحه، واستنشقت نسائم الأدب، وتمددت في ذاكرته أطيافه، وبقي مشدوداً إليه، لكنه كان مسؤولاً مسؤولية كاملة عن أعماله الخاصة التي ورثها عن أبيه، ووجد نفسه مطالباً بتسيير هذه الأعمال الخاصة وتنميتها!!
وكان حنينه للأدب وهو الأديب لحمة وسدى يشده إليه بعنف بحكم الاطلاع والنشأة والاحتكاك، بحيث لم يخل مجلس أو منتدى أو ملتقى أدبي من وجوده بملابسه الحجازية الأصيلة المكونة من الطاقية والجبة حاملاً في يده (الباروكة).
وجد نفسه أنه مطالب ذاتياً بتقديم شيء للأدب فتمخض تفكيره عن فتح باب منزله ليكون صالوناً ومجلساً يجمع الأدباء، كأنه بهذه الفكرة يستعيد عملياً تلك الصالونات والمجالس الأدبية في التاريخ العربي والإسلامي التي قرأ عنها والصالونات والمجالس التي كان يغشاها كما أسلفنا، فكانت (الاثنينية) التي ارتبطت باسمه الأستاذ (عبدالمقصود خوجة) والتي أصبحت ملمحاً ثقافياً ليس في المجتمع الحجازي فحسب، بل في المملكة.
هذه (الاثنينية) التي قال عنها في ورقته التي قدمها في (الملتقى الأول للمثقفين السعوديين بالرياض في الفترة 1113 شعبان 1425هـ الموافق 25 27 سبتمبر 2004م) هذا الملتقى الذي أقامته ورعته (وزارة الثقافة والإعلام السعودية) للمرة الأولى.
قال عن (الاثنينية) باختصار لو تحدثنا عنها لأطلنا، ولا ينبئك مثل خبير: (وقد دخلت (الاثنينية) التي أشرف باقتعاد مقعدي بين روادها الأفاضل عامها الثالث والعشرين، مساهمة بكل حب كمنتدى يشرف بخدمة العلم والثقافة والأدب في بلادنا، وكان لها قصب السبق كأول منتدى أدبي على نطاق العالم يسجل بالصوت والصورة، وينشر ما دار فيه ضمن سلسلة كتب، وموالاة ذلك عاماً بعد آخر، والمساهمة في نشر كتب وإبداعات بعض الرموز ممن حالت ظروفهم دون الدخول إلى عالم النشر والتوزيع، وتضمين تلك الإصدارات في شبكة (الإنترنت)، وبالإمكان الدخول إلى موقع (الاثنينية) www.alithnainya.com للاطلاع على نشاطات هذا المنتدى الأدبي بالتفصيل، وهو موقع ضخم يضم حوالي (35) ألف صفحة، بالإضافة إلى أكثر من (1300) صورة فوتوغرافية ملونة حتى الآن، والبقية تأتي إن شاء الله بإضافة ما سيطبع عاماً بعد عام) انتهى.
وقد صدق الأستاذ (عبدالمقصود خوجة) فيما قاله فلم يكن كلامه للمباهاة والدعاية والإعلان لمنتداه لأنني أمتلك في مكتبتي المتواضعة مجلدات للاثنينية، إلى جانب مجموعتي شعر مجلدة للشاعر الدبلوماسي اليمني الأستاذ (أحمد محمد الشامي) والشاعر المعروف (زكي قنصل)، ودواوين شعر للأستاذين (يحيى السماوي) الشاعر العراقي، و(أحمد سالم باعطب) الشاعر السعودي.. وهذه مجرد أمثلة لما أجمله صاحب (الاثنينية)، ومنعه حياؤه من ذكر الأسماء بُعداً عن المن والأذى.
وما يجعلنا نحيي الأستاذ (عبدالمقصود خوجة) ونشيد بموقعه المهم والمؤثر على خارطة تاريخ أدبنا وثقافتنا المعاصرة أنه يسعى كما قرأت في الصحف إلى تحويل منتداه الأسبوعي على أهميته إلى عمل يبقى ويخلد في شكل مؤسسة ثقافية لها كيانها القانوني بحيث يمكنها في المستقبل أن تكون لها جائزة في وقت بلادنا في مسيس الحاجة لوجود وانتشار الجوائز داخل المملكة بشكل خاص. ولا ندري ما يدور في ذهن الأستاذ (خوجة) من مشاريع أدبية وثقافية مستقبلية داعين الله له التوفيق والنجاح والسداد.


alawi@alsafi.com
ص.ب (7967) الرياض (11472)

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved