الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 6th December,2004 العدد : 86

الأثنين 24 ,شوال 1425

تكوين
عيد الحجيلي
محمد الدبيسي
(عيد الحجيلي).. هكذا.. ليمر الإيقاع ..
لفظاً غير وارد الانسياب.. وربما لا يعني أحداً..؟
وإنَّ واقع الاسم (قامة تتلعثم)..
المجموعة الشعرية الصادرة هذا العام عن دار
شرقيات..! حضوراً.. عبر
مجموعة ربما تمر بدورها.. دون ضجيج.. وإن
تلظى هسيسها حاراً يعلوه جمر الكلام..
ربما يمر.. كما مر أخ له من قبل.. إذ كانت محاولة
(علي بافقيه) في (جلال الأشجار).. نحتاً جمالياً
في تجربة (التفعيلة) الحديثة.. غيبته المتابعة النقدية الانتقائية..
في إطار غياب الالتزام الثقافي المسؤول متابعةً وقراءةً وتقصياً..
ناهيك عن الالتفات الجاد لمثل هذه المحاولات المهمة
في مسار القصيدة الحديثة ..!
في سياق فوضى تأسيس وعي أدبي أو تخطيط ثقافي ..؟
وتبدو لي مدارات تقاربهما الحيثي.. أو تقاطعهما
الالتقائي.. في كون محاولتيهما تنتخبان مساراً مغايراً
للسمات المشتركة للنص (التفعيلي) لدى جيل كل منهما..
** فبعد أشتات ظهور متقطع في (ثقافة اليوم)
وفي هذه (المجلة).. لمَّ الحجيلي مقاطع صوته
الشعرية لينتخب (قامة تتلعثم) مما
كتب بين عامي 9398م.. زمن توافر
الوعي.. على صياغة تحوك رؤاها الشعرية
من تعقيدات الواقع العام.. وتغامر
بجرأة هادئة.. على التماس وجودها وفق
تماس حاد بما حققته (التفعيلة).. إبان تجاوزها
نسق الذات.. وأنماط التعبير السائدة.. بما يعد خروجاً عن إطار الشكل التناظري.. إلى محاكاة مضمونه الدلالي.. بمعنى مفارقة لنمطية الشكل
ومشاكلة المضمون.. الذي كان في أوضح حالاته..
تعبئة غنائية تستغرقها الذات، بوعي منحاز إلى واقعه، ومعطياته الثقافية..
** ومفارقة.. (الحجيلي) لهذا الخط.. كانت استيجاداً
لموقف مغاير للشكل والمضمون معاً.. ففي رؤاها الدلالية.. احتوى القلق الوجودي العام.. لعلاقة الشعرية بدائرة تخلقها.. وغرس أناها الخاصة.. كرؤية تحدد موقفها
إزاء سائد هذه العمومية.. لتنتقي منها أفقاً شعرياً لهذه الرؤية:
(سلام عليهم إذا نسجوا حلمهم وإذا نكثوا غزلهم وإذا عشقوا وإذا انتشروا في جيوب المدى جثثا ناصعة
كل شيء يرنق زئبقة القلب تحت عباءة هذا الخواء
لي عينان زائغتان وسبعون أذناً وعائلة من حروف النداء)
فمفارقة الصياغة الشعرية، لنمطية الحالة العامة.. إلى بصيرة احتواء التفاصيل الأدق والمتبدية لذائقة الشاعر والمحتكمة لثقافة
تبرز أولى سماتها في الإيقاع بمستوييه المتكاملين
العروضي واللغوي متمثلة تكثيف حالتي
التقابل والمفارقة، على أن هذه السمة ليست
إلا المستوى الشعري الأول.. في نص
(الحجيلي) إزاء سمات لغوية أخرى امتاز بها
نصه الشعري في تشكيل فضائه الجمالي المكتنز
بامتشاج الجملة الشعرية لحظة تأويلها
لقلق الرؤية واستجابتها الشعرية، للتعبير عن ذلك القلق..
** ففي (خيبات واجفة) العنوان الداخلي..
للمقاطع القصيرة من المجموعة .. الذي يقاسم (أجراس الصمت)
المحتوى النصي في المجموعة، مثلما يقاسمها تقنية التشكيل الفني
نطالع الومضات المكثفة في إشاراتها الرمزية..
والمستنفدة لطاقات التعبير في كبسولات
أشد ما تكون إيغالا في إبراز حالة التشظي والفجيعة..
ومخزون الانفعال في تجاوز المعطى التعبيري
إلى استنفاد طاقة الصياغة الشعرية في ثراء
دلالي يفرغ الجملة من معيارها الدلالي العادي..
ليشحنها بطاقة الدلالة المفارقة والمغايرة
في آن.. (كيف لي أن أسمعك؟ بيننا
يا صاح أفق ضبابي وأطياف شرك)
** وفي هذه الومضات.. تحقق شعرية
(الحجيلي) نطاقها الخاص.. المتمثل في
تشكيل الصورة المكتسبة بفيض
انوجادها القلق.. ليسارع في إثبات يقينها
الحقيقي وفقا لرؤيته، حيث الجمالي المشحون
بتفاصيله الثرة في مستوى التعبير..
** ففي نص (قارئ) يقول: (أحك رأس
القصيدة بالنظرة الجائعة فجأة
لمح القمل ينساب من أذن الذاكرة)
ليجاوز نمطية التشكيل الذهني إلى
الرسم شعرياً بسياق فجائي.. يستغرق
أمد (النتيجة) التي تبدو مآلاً فجائعياً..
(لمح القمل ينساب من أذن الذاكرة)
وتكرر معمارية هذه الدلالة الشعرية في أغلب
النصوص، موصولة بمعطيات واقعه الوجودي الشعري.. ولتبرز الفجائية كعنصر دينامي موحٍ
في تشكيل الخط الجمالي للجملة الشعرية..
وفي اختطاط دقيق لتموجها كلحظة تأمل..
لا تذوب إيماضاتها الجارحة للذائقة التقليدية..
لتبني تصورها الشعري على هذا النحو:
في نص (شاعرة):
(بين هدأة مرآتها ولهاث الرؤى
الصاخبة ترقب العمر يسقط قافية قافية)
كما يشكل عنوان هذا الجزء من المجموعة (خيبات واجفة) توازياً دلالياً بعنوان جزئها الأول (أجراس الصمت) في توخي معنى القلق السالب وفورة الاضطراب النفسي،
الذي يستجيب للحقل الدلالي للمجموعة (قامة تتلعثم)..
استجابة.. تتجلى دلالاتها النصية.. في إيقاع الدلالة الشعرية لحظة تخلقها.. مما يشي باتصال العلاقة في فحوى الدلالة الانتمائية بين العنوان والنصوص..
** ويمثل الاشتغال على تقنية الخط السطري
واستنفاد رمزيته كعلامة في اشعال دلالة
الرؤية الشعرية في مكمن مثير من مكامنها:
(كلما ضحكت غيمة مرجأة أطفأ البرق في فمها العذب سيجارة مغرمة .... ....
غيمة تلك أم مطفأة ..)؟؟
ويفصح كذلك عن انتماء النص لزمنه
وحيزه الوجودي.. في افضاءات
تأملية وسؤالية حادة تفضي إليها اجمالا
العديد من المقاطع الشعرية.. في انتقاء جمالي
للمفردة وربطها بالمكونات الدلالية..
التي تسعى الشعرية إلى تشكيلها.. ولعل اختراق الخطاب الشعري
في هذه المجموعة لسمت المألوف من تقنيات (التفعيلة) المعاصرة
وحضورها في ذائقة التلقي.. والسمات البنائية العامة في مشهدها..
صوب المغايرة، في انتقاء المفردة الشعرية
وعناصر الربط الصياغي في الجملة.. ومن ثم
توظيف إيقاعها في خط شعري نوعي..
يقوض تداعي حركتها الداخلية إلى منحى
مجازي يختط مساره الرمزي بعناية
واعية.. تشرع لدلالة اسمها (قامة تتلعثم)..
حالة قلق مرتهن لزمنه المتغير.. الذي
تتناغم معه الذائقة الشعرية هنا تصوراً وتشكلاً
لتنشئ نصها الموازي انبثاقاً من البعد الإشاري.. لل(قامة) وأسبقيتها ابتداءً، ومن ثم اسناد الفعل المتحقق (تتلعثم) إليها باستحقاقاته الدلالية
التي تعني اضطراب الوجود الشعري وقلقه الدائم..؟
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved