اثرخفيف
ادوارد بين القلم والسيف (2-2)
علي العمري
|
يرى إدوارد سعيد في «جوزيف كونراد» مثالاً ممتازاً لفهم النوايا الإمبريالية للمستعمر حيث ليس الهدف الوحيد هو الربح السريع بل أيضا المكث الطويل والتغلغل داخل دماء الشعوب والأخذ بزمامها هكذا يرى سعيد في كونراد «أهم شاهد على الإمبريالية الأوروبية» لأنه: «فهم أكثر من كل الناس الآخرين كيف أصابت الإمبراطورية بالعدوى على نحو ماكر ليس فحسب الناس الذين خضعوا لها ولكن أولئك الذين خدموها» ص62.
أما البير كامو فهو لا ينجو في نظر ادوارد سعيد من وطأة النظرة الاستعمارية فالجزائر حيث ولد كامو وعاش لزمن كانت مستعمرة فرنسية وتظهر في روايات كامو كمسرح يظهر الفروق الواضحة بين المستعمِر والمستعمَر وتمنح الأفضلية والتفوق لعنصر المستعمِر، لقد كان كامو معارضاً كبيراً لاستقلال الجزائر ص67.
إن سعيداً وهو يقرأ الأدب في ظل تاريخه الاستعماري يعطي للأدب دوراً مهماً في الحراك الاجتماعي فهو يرفض فصل الأدب عن العالم.
حينما سأل بارساميان إدوارد سعيد عن الروائي والكاتب «نايبول» كيف يرى كتاباته عن الإسلام والبلدان الإسلامية التي زارها رأى سعيد أن «لنايبول» الحق في أن يكتب ما يشاء شريطة أن يعي تماماً الشيء الذي يريد الكتابة عنه وأن يكون أكثر أمانة وصدقاً، لا أن يتخير عدواً واحداً ليجابهه، ولا أن يكون انتهازياً يهاجم الإسلام ليبيع أكبر عدد من نسخ كتبه إذ التيار السائد في الغرب هو مهاجمة الإسلام والبلدان الإسلامية كعدو جديد كان لا بد من صناعته بعد سقوط الشيوعية.
أما عن الحركات الإسلامية المنتشرة في العالم الإسلامي فهي بحسب سعيد تأتي نتيجة فشل التجربة اللادينية وعدم قدرتها على تحمل مسؤولية التحديث في العالم الإسلامي، كما أن ما يشهده العالم الإسلامي من إحياء وعودة إلى الجذور الإسلامية هو تعبير طبيعي عن الذات في ظل النهوض الكبير من الأمية الذي يشهده العالم الإسلامي، إنه نوع من البحث عن الذات في ظل عالم حديث، وهناك أيضا سبب مهم وهو أن الأولوية السياسية في العالم العربي التي كانت لدولة الأمن والقمع لمجابهة المشروع الاسرائيلي في المنطقة زاد من النقمة لدى الشعوب التي وجدت في جذورها الإسلامية ما يغذي غضبها وسخطها.
ويلفت إدوارد سعيد النظر إلى ضرورة أن يكون المثقف مستقلاً قادراً على الحركة بلا قيود تمليها المصلحة وحسابات الربح والخسارة وحتى تجد السلطة من يقوِّم اعوجاجها وتلك مهمة صعبة بالطبع، فلكي تكون مستقلا عليك أن تبذل الكثير وأن تكون متيقظاً حتى استقراء الأحداث التي عادة ما تأتي عبر شبكات الإعلام لتبث أغراضها الإديولوجية إما واضحة أو مخفية فلن ترى ولن تسمع خطاباً إعلامياً بريئاً لذا عليك مهمة فك الشفرة وفهم أبعاد الرسالة كما أن عليك ضرورة البحث المستمر عن مصادر بديلة دائماً.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
