الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 7th June,2004 العدد : 62

الأثنين 19 ,ربيع الثاني 1425

الحوار الوطني ..قراءة أخرى
نورة الغامدي*
أصبح (الحوار الوطني) أحد أهم معطيات الحياة اليومية لقطاعات عديدة من المجتمع السعودي، وفيما بقيت قطاعات أخرى تترقب عن كثب ما يجري في الأروقة الرسمية عن مسار (الحوار الوطني) مما تعكسه أو تصوره لنا الجهات الإعلامية، إلا أننا ما زلنا نشعر ولا حرج في ذلك مطلقاً ان القطاعات المعنية بالحوار ما زالت بعيدة عن الأمر برمته لأسباب عديدة:
إما لأنها لا تعرف ما يجري على الساحة من أحداث وتغييرات مرتقبة؟ أو أنها تعرف ولا تجد في نفسها عزماً على اجراء الحوار؟ أو انها لا تجد في الأمر ما يقوى على بعثها من سباتها وإحباطاتها.
فالحوار يستلزم حواريين يعرفون للحوار آداباً وأهدافاً ومناهج وأشياء أخرى؟
فنحن بحمد الله وطن لا يعرف الطائفية أو التعددية لا في مجال الملل أو النحل أو الاحزاب السياسية.
لابد ان نعترف في صدق وإخلاص أننا بعد كل ما قيل ونشر عن (الحوار الوطني) ما زلنا في حاجة شديدة إلى دعم مركبة الحوار الوطني.
إن (الحوار الوطني) نتيجة للظروف التي تعيشها المنطقة بل العالم بأسره بعد أحداث سبتمبر المعروفة، ولا نكاد نعرف جذوراً يمكن أن تمتد أبعد من تاريخ تلك الأحداث، وحتى ان حاول البعض الاشارة إلى ارهاصات أو دعوات للتغيير جاءت على استحياء قبل ذلك التاريخ، وعيله جاءت الدعوة إلى الحوار الوطني في صيغة رسمية ولم تنبع من حاجة أو مطلب شعبي لأفراد المجتمع، ولذا لا يكاد المرء يشعر في حقيقة الأمر باستجابة حقيقية من المواطن البسيط الذي غاب وما زال غائباً عن تلك الدعوة الرسمية، استجابة شعبية حقيقية مثل التي سبق أن تحققت في مشهد تكافلي رائع عندما اقبلت جموع الشعب على التبرع لأبناء فلسطين في محاولة لدفع المعاناة عن ذلك الشعب الباسل، تلك الاستجابة إنما كانت نابعة من إحساس فطري عميق بحتمية المشاركة، وأن كل فرد من تلك الجموع المشاركة كان صاحب قراره دون مؤثرات من أية جهة، ولكن الأمر نفسه الذي لم يحدث إلى الآن، ولم نجد استجابة حقيقية من المواطن نفسه الذي لم يتردد لحظة واحدة في محاولة رفع المعاناة عن شعب يعيش مأساة إنسانية.
والسؤال الذي يطرح نفسه ولا نجد مفراً من الاجابة عنه ان كان الحوار معنياً بالمواطن البسيط فلماذا تدور اطرافه في الأروقة الرسمية والصالونات وعلى صفحات الجرائد والمجلات؟!
أتصور بوصفي مواطنة سعودية أن أمر ذلك الحوار وإن كان قد بدأ بدعوة رسمية كريمة، إلا أنه لن يكتب له البقاء أو الاستمرار الا بين احضان الشعب وطبقاته المتنوعة، طبقاته الكادحة والمثقفة، الشعب، والحكومة، والوزارة، والهيئات، الكل في مواجهة حقيقية لمشكلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، الكل صفاً واحداً في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل في ظل مصالحة اجتماعية حقيقية تغمرها روح التسامح بين افراد الاسرة السعودية، حيث الحب والصفاء واللقاء الذي يوحد صفوفنا في مواجهة الفقر والجهل والأمية ومعوقات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، معاً لنصنع لمجتمعنا حضارة حقيقية، والأمية ومعوقات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، معاً لنصنع لمجتمعنا حضارة حقيقية، وليست أمنيات خادعة تخلو من الإخلاص، وتذهب بنا إلى طرائق شتى إلا الطريق الصحيح الذي ينبغي ان نسلكه طريق المصالحة الاجتماعية بين افراد المجتمع، نعم إنها مصالحة تحقق معها الحرية المنشودة، تلك التي لا نخشى معها اهداراً للقيم الدينية أو الاجتماعية، حرية يشعر فيها المواطن بدوره الحاسم في صناعة قرار امته، حرية تسمح بتفجير الطاقات الخلاقة لأبناء الوطن، إذ لا نتصور ان بلدنا الحبيب هو وطن بلا عبقرية خلاقة في العلوم والفنون والآداب، حرية تشعر فيها المرأة بأنها ذات فاعلة وليست ظلاً لرجل، فلديها الإحساس الفطري بالمسؤولية ولكن ينقصها امر لا يتأتى مع غيابه أي شكل من أشكال الحوار، إنها تحتاج إلى حريتها في اختيار ما تقرأ وما تتعلم وفي أي المجالات تعمل، حرية تسمح لها باسهام فاعل في صناعة القرار: في بيتها، وفي مدرستها، وفي كليتها، في مجال عملها، وفي مدينتها وفي وطنها.
ألم أقل لكم يا سادتي انها روح المصالحة الاجتماعية أولاً المصالحة الاجتماعية التي تشعرنا بالانتماء إلى أنفسنا وإلى أوطاننا، إلى حيث نشعر إذا ألم بوطننا أمر من الامور، فإن ابناء الوطن يهبون عن بكرة ابيهم من اجل الاستجابة لنداء الوطن، او لدفع الضرر عن اي من ابنائه ولو كان اكثرهم فقراً وضعفاً، الجميع صفاً واحداً يداً بيد: المرأة والرجل، الطفل والشيخ، الفقير والغني، الصفوة والعامة، العالم والجاهل، الكل على قلب إنسان واحد في مواجهة تحديات ضارية لا تعرف رحمة ولا شفقة بالضعفاء، ولا تحتمل زيفاً أو خداعاً، أو ان تلهث وراء شعارات وتسميات جوفاء خاوية من أي حس شعبي.
المواجهة اذن هي المطلب الحقيقي لطبقات الشعب، المصالحة الاجتماعية بين افراد البيت السعودي هي الخطوة الأولى على طريق التنمية والتقدم، حيث التسامح والصفاء وروح الود ودفء اللقاء بيننا جميعاً.
وهناك أمر أود أن أشير إليه وانوه إلى مكمن الخطر فيه، ذلك الذي يتعلق بالاشارة المتكررة إلى أن ما يسفر عنه (الحوار الوطني) من حقوق يمكن أن تمنح للمرأة، وبسط الحرية لها في بعض المجالات لابد أن يكون في إطار ما يسمح به المجتمع، الحق ان هذا الكلام بمثابة حق يراد به باطل.
والمطلوب هو المشاركة الفعلية في الحقوق والواجبات في إطار مشروع من أجل النهضة بوطننا العزيز، هل من الممكن ان نتصور ان تلك المرأة بمساعيها العادلة والمستحقة في بناء بيتها ووطنها هي مجرد قنبلة موقوتة حتى إذا ما منحت قدراً من الحرية عبثت بقيم المجتمع؟!
هل يمكن ان تتحول ممارسة المرأة لحقوقها إلى فوضى أخلاقية وخروج على قيم المجتمع ؟! عفواً يا سادتنا، نحن نحتاج إلى بسط الحريات والمشاركة في تحمل المسؤولية والتبعات، إلى دور فاعل وحاسم للمرأة في المصالحة الاجتماعية ومن ثم في تنمية هذا البلد الأمين وصناعة حضارته، آنذاك سنجد أنفسنا نتبادل الحوار الوطني.


* كاتبة وروائية سعودية
وكيلة كلية التربية للبنات في بيشة

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
قضايا
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved