رجل رحل ولم يرحل
د. محمد بن راشد الشرقي*
|
في يوم الخميس الموافق 24-6- 1427هـ غيَّب الموت المغفور له - بإذن الله - الأستاذ الفاضل والمربي الكبير عبد الرحمن بن إبراهيم البطحي أحد الرموز الثقافية في الجزيرة العربية إثر مرض عضال لم يمهله طويلاً ووري جثمانه الثرى في مقبرة (الطعيمية) في محافظة عنيزة ظهر يوم الجمعة الموافق 25-6-1427هـ بحضور عدد كبير من أقاربه وطلابه ومحبيه، وجمع من المثقفين من جميع أنحاء المملكة.
ولقد أحدثت وفاة الفقيد الكبير صدمة كبيرة لدى معارفه لما عُرف عنه من خلق عظيم، ورحابة صدر، واطلاع واسع، وإخلاص كبير في خدمة أبناء مدينته عنيزة.
عاش حياته في البحث والتقصي عن مصدر المعلومة تلو المعلومة. فعلاقته بالثقافة علاقة عضوية وذلك في سن مبكرة من حياته وصقلته مفكراً وكاتباً وأديباً وناقداً وفيلسوفاً متميزاً.
ولم يُعرف عنه أنه شاعر متمكن إلا بعد أن أصدر ملحمته الرائعة الشهيرة (هذي عنيزة) التي يفتخر فيها وبأفعال أهلها المتميزة.
تتلمذت على يديه في المدرسة العزيزية الابتدائية بمحافظة عنيزة، وكان يدرسنا مادتي الخط والحساب، ورغم أنها مهارات أساسية يجب تعلمها في هذه المرحلة، إلا أنه كان يُنمي فينا مهارات أخرى مثل المثابرة على القراءة، والاهتمام بالشعر، وتحمل المسؤولية وتعلم فنون الخط بأنواعه المختلفة.
عُرف عنه اجتماعاته اليومية مع جميع الشرائح الاجتماعية وتوجهاتها الفكرية المختلفة في منزله العامر (بالمسهرية) ثم في مزرعته (مطلة) في محافظة عنيزة هذه الاجتماعات أشبه بالمنتديات الثقافية وتُثار فيها الموضوعات في شتى مناحي الحياة المختلفة.
لقد ترك - رحمة الله عليه - فراغاً كبيراً بين أبناء بلدته عنيزة - بخاصة - والوسط الثقافي - بعامة - حيث كان نعم المربي، ونعم الناصح، والمثقف الموسوعي الشامل الذي سيجد السائل ضالته عنده عندما تواجهه إشكالية في مصدر أي معلومة أو الاستفسار عنها.
عنيزة مطالبة بأن تُكرِّم هذا الرجل، وأضم صوتي إلى صوت الأخ الأستاذ إبراهيم التركي الذي اقترح أن يكون هناك شارع أو مدرسة أو منتدى ثقافي باسمه، ولنا وطيد الأمل في سعادة محافظ عنيزة وزملائه النظر في هذه الاقتراحات، وما أخالهم إلا فاعلون!!
رحمة الله عليك يا أبا إبراهيم، رحلت ولم ترحل. بل ستظل ذكراك ماثلة أمام أعيننا دائماً سائلين الله أن يتغمدك برحمته ويسكنك فسيح جناته.
* الأستاذ المشارك بكلية المعلمين بالرياض
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
