الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 07th August,2006 العدد : 165

الأثنين 13 ,رجب 1427

المطلة والطلل
سعد البواردي *

أطل من مطلته الشامخة على مشارف عنيزة طويلاً.. ثم رحل..
مطلته بغيابه يتيمة تبكيه أشبه بالطلل..
تبكيه ونبكيه معاً.. لا لأنه رجل بجسده..
نبكيه وتبكيه معناً لأن الفقد بروحه وطموحه جلل
خسارتنا بفقده تتجاوز حدود من يموتون بلا حياة
لأنه الحي بكل عناوين الحياة جاءت الصدمة.. وعز الفراق..
فيه كل المعاني الجميلة خسرناها لأنها رحلت معه..
فيه كل التطلعات الجميلة فقدناها لأنها فقدت بفقده..
فيه فلسفة حياة متجددة قد لا نراها في غيره..
وفيه ثقافة انسان عزَّ نظيرها في الآخرين..
فيه حب.. فيه تواضع.. فيه كرم.. فيه قلب مفتوح لا يعرف الكراهية ولا الحقد..
فيه ذاكرة تستوعب التاريخ تفصل بين الغث والسمين..
نأت ساقاه بثقل حمل مداركه.. فما استطاعت حمله طويلاً..
هوت بجسده مرة.. وهوت بجسده أخرى.. وما زال هو شامخاً بعقله يتحدى السقوط..
ولأن إرادة القدر أقوى من إرادة النبوغ والفكر كان لابد لإرادة القدر أن تسجل نصرها.
رحل.. وما رحل..
أسلم روحه لبارئه.. وما أسلم حياته لهزيمة الأحياء
كان الأقوى في حياته.. وما زال الأقوى بعد وفاته..
إنه عنوان شموخ تتداعى أمامه عوامل النسيان..
التاريخ في حياته وبعد رحيله يتحدث عن ظاهرة اختارت الصمت في حدود عقلانية الصمت..
لم يأسره بريق الشهرة والظهور لأنه الأقوى في داخله من كثيرين دونه شهرة وظهوراً..
صمته كان من ذهب..
ذهب.. ولم يذهب.. إنه في ذاكرة العارفين به أشهر من نار على علم..
أبا ابراهيم.. لن نقول وداعاً.. بل إلى لقاء.. فكلنا على الدرب راحلون..


* الرياض

الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved