الاقتصادية عالم الرقميمجلة الجزيرة نادي السياراتالرياضيةالجزيرة
Monday 08th January,2007 العدد : 181

الأثنين 19 ,ذو الحجة 1427

أرض الداخل
(السريالية كوشم ناري في جلد الزمن)
محمد علي شمس الدين

ارتبطت السريالية في أوروبا بالحداثة، ومع انتهاء عصر الحداثة تلوح بوادر وداع السريالية كمدرسة فنية وطراز سلوك في وقت واحد، وقد كانت ملأت اوروبا وأمريكا وفاضت عنهما حتى شملت العالم، بما في ذلك الثقافة العربية، فما من رسام أو شاعر أو مسرحي أو روائي معاصر إلا وخالطت ابداعاته خيوط سريالية مفتوحة على لذعة الجنون والغرابة والمشاكسة تعيد النص الإبداعي إلى ما قبل رقابة العقل عليه أو تطلقه من اسر الوعي، لتجعل منه نصّا حلمياً.
ويسألون اليوم في العالم الجديد: وماذا بعد؟ لكن الأرجح أن عناصر من السريالية المدرسية ستواصل عملها في النص الإبداعي الما بعد حداثي Post Midernist برغم التغيرات الحاصلة: الغرابة، المشاكسة، الغموض ولو بمطارح واسئلة جديدة...الخ.
فإنه على امتداد الحقب والأجيال تنتهي المدارس وتبقى المناخات يقول الروائي المصري الفرنكوفوني المقيم في باريس (على عمر ناهز التسعين) البير قصيري: العالم الجديد اليوم لا يحترم إلا الغامض.
إن نهايات المدارس الفنية، لا تحصل دون ذكريات طريفة، فلسفادور دالي، اللاعب السريالي البارع في الرسم، كان يعابث جنونه الإبداعي احياناً فيقول: (لو كنت مجنونا حقاً، لألقيت بنفسي تحت عجلات القطار).
قد حاول كراوس الكشف عن الطاقة الجوفية للغة، وهي طاقة بدائية لا يستطيع اللغويون الكشف عنها، ولا يستطيع سبر أغوارها علماء النفس والشعراء الغواصين على الأعماق...إلخ، فاللغة هي أم الفكر لا وليدته، ولا بد للكائن من أن يترك نفسه بين يديها كطفل، تتصرف به كما تشاء.
فالإبداع والتوليد لا يكونان إلا في بئر اللغة الخام، والأرض الحقيقية هي أرض الداخل، التي لا ترى إلا بإغماض العينين.
وحين أصدر كارل كراوس أول نشرة سريالية عام 1899، وكان بعنوان (مشعل) كان يقترح شمساً جديدة لعالم جديد، كان يقول إن الشمس تشرق حتى حينه على العالم، ولا بد من توليدها من غياهب الداخل.
كان يقول: لا بد من العبث بما هو متداول ومألوف.
كان يقول: لا بد من هذا (التخريب) الإبداعي.
ونسأل: لماذا؟
لكي ينتصر الاستعمال الجديد للغة.
ومن الجمل الطريفة التي كتبها معابثاً، على سبيل المثال:
الغيرة، ما هي؟
نباح كلب يلفت اللصوص.
ثقافة السترة غير ثقافة الرأس
اغفر لهم يا الله، إنهم يدرون ماذا يفعلون
أنا اعرف لغة الآخرين فقط.
أما لغتي فلا اعرفها
أنا والجمهور دائماً على اتفاق
لقد عقدنا معاً معاهدة وهي:
لا هو يفهم على
ولا أنا افهم عليه
والآن، إلى اين وصل هذا المركب الثمل (Bateau Ivre)بتعبير رمبو؟
هل كل ما صهل من أحصنة مجنونة في سهول العالم، انتهى إلى حظائره في التاريخ؟
هل كانت السريالية مجرد وشم ناري في جلد الزمن
والسؤال الكبير:
بعد العقل جاء الجنون
بعد الجنون
ماذا بعد؟
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
أوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved