الاقتصادية عالم الرقميمجلة الجزيرة نادي السياراتالرياضيةالجزيرة
Monday 08th January,2007 العدد : 181

الأثنين 19 ,ذو الحجة 1427

رؤية
محمد الدبيسي
الخطراوي وأسرة الوادي المبارك
الرائد لا يكذب أهله..!!

3-3
ويستطرد بعد ذلك في إيراد نماذج شعرية كثيرة تشكل هذا المعنى.. وتؤكد عليه.. تتمثل في النصوص الشعرية التي عرضها للشعراء من أسرة الوادي المبارك.. ولنماذج نقدية من إنتاج النقاد بينهم.. فيما ترجم قبل ذلك لكل واحد منهم وعرض إنتاجه الأدبي ومؤلفاته..! بما يمكن أن يتجاوز موضوع الكتاب.. إلى عمل موسوعي مصغر لأدباء المدينة الذين ترجم لهم وأورد نماذج من كتاباتهم.. مما يخرج بالكتاب أحيانا عن ناظمه الموضوعي وإطاره التاريخي.
وقد برر في المقدمة السبب في كثرة هذه النماذج فقال:
(أما ما يبدو من كثرة إيراد النماذج.. فإنني أراه أمراً ضرورياً لنجاح الدراسة.. وقدم بذلك جهداً في التجميع وبناء الكيان ودرس الوقائع.. كما أكون بما قدمت قد أرخت لجمع من الأدباء والعلماء.. يستأهل كل واحد منهم دراسة خاصة به) ص3
فهذا هو الناظم المنهجي الذي تتألف منه الدراسة إيراد النماذج وتجميعها لإقامة كيان الكتاب وهيكله العام درس الوقائع والتأريخ لها والترجمة لجميع الأدباء والعلماء.. فلم تكن أسرة الوادي المبارك.. بمعزل عن الواقع الثقافي بالمدينة المنورة آنذاك.. فقبلها تشكلت جماعتان أدبيتان.. هما (جماعة الحفل الأدبي) و(نادي المحاضرات).. وقد أشار إليها وعرض إلى أسماء مؤسسيها، وكذا صدرت قبل الأسرة (جريدة المدينة المنورة) و(مجلة المنهل)، ونشطت الحركة العلمية في مجالات كثيرة غير الأدب كالتفسير والفقه والعقيدة.. كما نشطت حركة التعليم بمستوياته المختلفة.
وقد أشار إليها المؤلف في فصول أخرى اشتملها الكتاب.. فأرَّخ للعلماء البارزين في تلك العلوم.. وهم من سماهم (العلماء والأشياخ).. (هكذا ورد في فصل خاص) ص261.. وكذا.. أدباء من خارج الأسرة.. ترجم لهم.. وأورد نماذج من إنتاجهم في حوالي خمسين صفحة.!
وهو ما يتسق مع الرؤية التي اختارها الخطراوي.. والتي تؤكد على ما أشرنا إليه في مقدمة هذه الورقة من تماهي (الذات بالموضوع) دون أن تضيع في لحمة هذا التماهي التمايزات الأصيلة لذات المؤلف في تقرير وتقدير المضامين والوقائع التي تشكل لحمة موضوعية.. تتأسس عليها ومنها فكرة الكتاب ومفاصله الرئيسة.. واستيعاب معطياته ونماذجه بما يحقق للقارئ إلماما عاما بالحراك الثقافي لتلك الفترة من التاريخ.
المستوى الثقافي (الموضوعي)
وهو المسافة الواصلة بين المستويين السابقين الأخلاقي والمنهجي وتحققهما على نحو يجعل من هذا الكتاب مهماً في إطاره الموضوعاتي لأسباب هي:
1- أنه يؤرخ للحركة الثقافية في المملكة بشكل عام.. والحجاز الإقليم الثقافي الرائد في تلك الحركة التي تأسست على ثراه الطاهر في مكة المكرمة والمدينة المنورة.. الانبثاقات والركائز الأولى للأدب والثقافة.
2- أنه يشكل وحدة في منظومة المشروع الثقافي العام للخطراوي..
3- أنه يوثق ويرصد جزءاً من التاريخ الثقافي في المدينة المنورة.. إذ استوعب وفقاً لمخططه التفصيلي المناخ الثقافي بالمدينة المنورة إبان ولادة الأسرة وما تلاها..!
الروافد الثقافية، أهداف الأسرة ومبادئها.. منجزاتها وإسهاماتها.. توجهاتها الأدبية واتجاهاتها الفنية، ونلحظ دقة الفصل بين العام والخاص (الأدب والفن).. والذي ترجمه تطبيقا في الموضوعات التي عرض لها وعلق عليها.
- علاقة الأسرة بالمرأة بالمدينة..
- الأسرة والأنشطة الرياضية والمسرحية والموسيقية..
- علاقة الأسرة بالواقع الإداري بالمدينة المنورة..
- الأسرة.. وتأثيرها في الأجيال اللاحقة..!
ويمكننا ومن خلال هذا العناوين أن تتبين المستوى الثقافي.. كما يتجلى في المتون التوضيحية والتفسيرية.. التي استوفت الفعاليات الثقافية العامة وطبيعة الواقع الأدبي بالمدينة.. بما يشكل صورة متكاملة.. لجزء من تاريخ الحركة الثقافية والأدبية بالمدينة المنورة.. يتتبع مساراتها.. ومساقاتها.. والفاعلين فيها.. يصنفهم وفقاً لاهتماماتهم العلمية، ويستدر ذاكرته الخصبة ليسجل انجازاتهم.. ومدى أهمية إنتاج كل منهم.. بعد أن يورد أمثلة له.
إننا لا نكاد نعثر في مدوناتنا الأدبية على أسماء مثل: (أمين طرابلسي ومحمد الطيب إدريس ومحمد العروسي وعبدالمجيد الجبرتي وأحمد عباس فلاتة وعبدالرحمن الإفريقي وحسين قاضي) برغم نبوغها وإسهامها في الحركة الثقافية بالمدينة في زمن ولى، لا نعثر على أي ذكرٍ لها في تلك المدونات..
ولكن المؤلف وبحكم مجايلته لها.. قد وثَّقَ حضورها وإسهامها.. وحرر عطاءها أمام القراء.. بحكم تناغمه بشكل من الأشكال وتماسه المباشر معها، فالذاكرة هنا.. مرجع أساسي استثمر الخطراوي مخزونه في تأليف هذا الكتاب.
وهو ما ينسجم مع الدور الثقافي الموضوعي الذي توخى هذا الكتاب إبرازه.. وما ينسجم كذلك.. مع الرؤية التي تنتظم جهود هذا الأديب الباحث وتسير إسهاماته الثرية في ساحتنا الثقافية..
وقد لا يبدو ثمة حدود معيارية دقيقة تفصل بين المستويات التي توخيت الحديث عنها إذ قد تتلاقى كل تلك المستويات وتتقاطع في متون الكتاب.. ومن هنا.. فإن ما عرضته في هذه السطور.. لا يشكل في نظري على الأقل قراءة فاحصة متأنية لهذا الكتاب.. ولا يستوعب نطاقات ذات الكتاب وذرى وتخوم الموضوع..
فالكتاب وبمستوياته النظرية التي أسلفت الإشارة إلى بعض مظاهرها وتحققاتها التطبيقية.. ينتظم وينسجم مع منظومة المشروع الثقافي للخطراوي.. الذي انتحى في جانب من جوانبه إلى إعادة قراءة السياقات الثقافية لهذه المدينة ومفاصل دورها وتأثيرها في خطابنا الثقافي الوطني..
سيما وهي مدينة لا نكاد نحدد حضورها أو وجودها ومركزيتها المؤثرة في مرحلة أو حقبة تاريخية محددة.. بل تتقاطع وتتفاعل وتتلاقى مكوناتها وتجليات ثقافتها عبر كل المراحل بشكل يدعو إلى التنقيب عن أثر تلك الثقافة وفحص طبيعتها الحيوية ويستدعي أهمية دورها الفاعل الذي تصدى لمثله الخطراوي في هذا الكتاب.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
أوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved