الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 08th May,2006 العدد : 152

الأثنين 10 ,ربيع الثاني 1427

نساء (بنات الرياض):
أنوثة تبحث عن هويتها بمعايير مغايرة
* أحلام الزعيم:
(بنات الرياض) هي (العلكة) التي أصبحت في أفواه الجميع، الكل يمضغها فيزيد حجمها وسمعتها طولا؛ إذا كان لـ(بنات الرياض) كل هذا الصخب فإن السبب الأول والأخير يعود للإعلام الذي جعلها مادته الفريدة للجدل وليس لنا أن نلوم رجاء الصانع على تضخيم روايتها لأن الإعلام تكفل بذلك وقام به على أكمل وجه.
بداية مع العنوان الذي كان موضوع الاتهام الأول ومحطة اللوم لعلة شموله الخير والشر، نجد أنه يحمل نقطتين، الأولى الاسم بحد ذاته وهو ذكاء من الكاتبة رجاء الصانع حيث أجادت الترويج لروايتها ونجحت في جذب الأنظار لكتابها وهذا في رأيي المتواضع يعد هنا ميزة فكل كاتب يسعى لجذب القارئ لكتابه ولا يعد هذا خطأ، وإن كانت رجاء الصانع حددت (الرياض) فقد ذكر من قبلي أن (نجيب محفوظ) بذاته كتب في ثلاثيته (بين القصرين/ قصر الشوق/ السكرية) الثلاثية الذهبية له والروايات الأضخم له التي مثلت بأجزائها الثلاثة، وربما هذا تلميح مني لشركات الإنتاج التلفزيوني فقد تعتبر هذه الرواية (لقطة) لهم!! ولا يخفى أيضاً تحديد (غازي القصيبي) في أحد كتبه المعنونة عن قبيلته نفسها، ولم يكن هذا محط نقد في الأول والثاني.
بالنسبة للأمر الثاني في العنوان هو الشمولية حيث ذكرت (بنات الرياض) وليس (بنات من الرياض)، وطبعا الفرق جلي لدى الجميع، وهذه هي نقطة الجدل الثائرة والساخنة دائما، وأعتقد لو أننا تناولنا النص بحيادية وعقلانية لوجدنا أكثر من سبب وأكثر من وجهة نظر لهذا الشمول بالعنوان (بنات الرياض).
شخصيات القصة الأربع (قمرة، سديم، لميس، ميشيل) كل واحدة مختلفة عن الأخرى ولا تمت بصلة طبع للأخرى! (قمرة) النجدية التي استشاط زوجها غضبا عندما طُلب منه أن يقبلها أمام الناس في حفل الزواج، والذي حقد عليها أكثر عندما أظهرت المتعة الجنسية وهي تسلم حصنها لزوجها في اليوم السابع بعد الزفاف.
هذان الأمران كانا كفيلين أن تبدأ أيام الشقاء في حياتها التي داهمتها فيها خيانة زوجها العلنية، ثم انتهاء دورها الرئيسي السريع بطفل وورقة طلاق!
أما سديم فهي فتاة طبقة المخمل الفاتنة الجمال التي سملت نفسها لزوجها قبل يوم الزفاف فتخلى عنها، ثم عاشت حياة الحب مرة أخرى على يد شاب تعرفت عليه في لندن العجوز، فارسها الثري الذي تحكمه قوانين التجارة وقوانين وضعه الدبلوماسي من الارتباط بها رغم ضخامة الحب الذي استفحل في قلبيهما وفي قلوب القراء، لتنتهي سديم بزواج تقليدي بحب من طرف واحد!! (لميس) بنت (جدة غير) رمتها أقدارها في الرياض ربما لتكون إحدى بطلات القصة! طبعاً رجاء لمحت وصرحت حول المفارقات الواسعة بين الرياض وجدة، لميس غاية كثير من الفتيات اللاتي يتمنين أن يفزن بحياة تشبه حياة لميس التي نجحت في حبها وزواجها وطبها!
أما (ميشيل) فهي الأقل حدوثاً وهي ناتج
التخصيب (السعودي - الأمريكي) التي كان دورها ينحصر في استنكارها لحالة التخلف - من وجهة نظرها - المستفحلة في مجتمعها لدرجة ترهقها، التخلف الذي توجته بقصة حب فاشلة لأن أمها (أمريكية)، بهذا العرض السريع للشخصيات الأربع التي لا ننسى أن نضيف إليها شخصية (أم نوري) التي أخذت المرتبة الثانية في الرواية هي التي تعترف أمام الجميع بابنها (الناعم)! وحياتها وحيدة بعد أن ذهب الناعم ليمارس نعومته بأمريكا.
الحاصل أن حالة كل شخصية تختلف عن الأخرى وأنه باستطاعتنا أن نضع تحليلا جديدا بعيدا عن مفردات الخير والشر التي يتناولها النقاد وبعيدا عن العموم والخصوص الذي بات من مراسم التحدث عن (بنات الرياض) لدى العامة، باستطاعتنا أن نقول إن نظرة رجاء الصانع لبنت من بنات الرياض ستكون مصنفة إما لحالة (قمرة، سديم، لميس، ميشيل) وأنها لو رأت صنفا أكثر من هذا في بنات الرياض لاختصرته بشخصية خامسة تضاف للرواية وبهذا توصل لنا رجاء الصانع المقصد من عنوانها (بنات الرياض) في مقصد تصنيفي بحت على وزن شخصيات الرواية وهذه (وجهة نظر)!!
نعود للنص نفسه وهو شاهد على جيل بدأ يظهر وسيظهر بقوة أكبر بمعايير مغايرة، فعلى الرغم من أن رجاء الصانع تجاوزت بنصها أشياء كبيرة كاللغة الفصحى تجعل رصيد الرواية الأدبي (سهم أحمر) يخرجها في مرات كثيرة من دائرة الأدب المرموق، وربما فضلت رجاء الصانع هذه الصيغة لتكون أقرب من أبناء جيلها، ولا ننسى أن رجاء الصانع حاولت أن ترفع من قيمة سهمها الأدبي بوضع مقولة أو عبارة لكاتب سواء عربياً أو أجنبياً قبل كل فصل من الرواية وطبعاً لكتاب منوعين مثل (القصيبي، أحلام مستغانمي، نزار قباني، فاروق أبوجودة.. وغيرهم) ولا أدري هل كانت بهذا الشكل تقلد (القصيبي) الذي يضع بيتاً من أبيات المتنبي الشعرية قبل كل فصل؟!
نحتاج للمكاشفة والحيادية، ربما بشكل وصورة ولغة أجمل، إلا أن المكاشفة تنقصنا في نصوصنا، الغرض من النص ليس نشر الرذيلة وإنما معرفة مكامن الخطأ وأين يتربص بنا، نحتاج للنص الأدبي الذي يرينا الحقيقة كاملة دون أن تختل معايير الأدب واللغة ولا تتوارى فيها المعاني بصورة تذهبها عن صراحتها، علينا ألا ننظر لكل الأمور بمنظور (بعضنا) في قياسه للفيلم الأمريكي الذي يرى البعض أنه يستمر لمدة ساعة ونصف الساعة في تعليم الجريمة، أما نصف الساعة الأخيرة فيأتي الحق ورجل (الشرطة) المثالي يهدم كل ما تم بناؤه من الجريمة على مدى ساعة ونصف الساعة من الفيلم، الأمر أبسط من ذلك.
أما كلمتي الشخصية لرجاء الصانع: لو ملكت الوقت الكافي لكتابة رواية لكتبت رواية أنصحك أن تكتبيها أنت، وأن تخبرينا عن رجال يتكلمون من الأسفل للأعلى، فلتسميها ما شئت، أكانت (رجال الـ....) أو أي اسم آخر وستجدين الكثير من الأصوات بدأت في النمو.
 
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved