الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 08th May,2006 العدد : 152

الأثنين 10 ,ربيع الثاني 1427

هل المثقفة لدينا بائع متجول؟!
*سهام القحطاني:
ما العلاقة بين المثقفة والبائع المتجول؟!
أولا: البائع المتجول يبيع في الشارع العام والفرعي ولا تستطيع الدفاع عنه عندما تقبض عليه البلدية لأنه بدون تصريح يعني لا حقوق له دون ذلك التصريح، إضافة أن البائع المتجول في صندوقه الذي يشبه صندوق الدنيا كل أنواع الفاكهة وغير الفاكهة تجد البصل بجوار التفاح والعنب بجوار الثوم والفراولة بجوار البقدونيس وأحيانا الفلفل الرومي، وهكذا فجمل المتناقضات تصف بجوار جمل المتناغمات كالبنيان المرصوص لا يخلو من البشاعة لكنك في ذات الوقت لا تستطيع أن تجرده كليّة من الجمال على الأقل في إيقاعه الرمزي الذي يفصل بين مرتبتي النشاز والتلاؤم، والإضافة الثالثة مقدار المكيال وقيمة التسعيرة، وهنا نتجاوز نوع الحالة إلى نوع العلاقة بين البائع المتجول كطرف أول والمشترِي كطرف ثان، ممثل للسلطة والهيمنة فيتحكم في مقدار المكيال وقيمة التسعيرة، وهكذا يفقد كل من المكيال والتسعيرة تقويمها كمعيار ضابط! وتصبح القوة هي معيار علاقة البيع والشراء!! وسواء وافق معي قارئ هذا الموضوع على علاقة الشبه تلك أو امتعص من التقريب بينهما أو رفضها، تظل بعض الحقائق متوافرة بين الحالتين ولو كمعطى نسبي، في مجال حقوق الحالة وحقوق العلاقة.
الحديث عن حقوق المثقفة لدينا أشبه بالحديث عن البائع المتجول الذي لا حقوق له مع أن المارة ركبانا وأرجالا نساء ورجالا يعترفون به ويشترون منه بل ويوفر عليهم ولهم الوقت والجهد والمال أحايين كثيرة، ومع ذلك لا يقدّرون دوره وأهميته أو قل يخفون ويخافون من إعلان تقديره ودوره وأجد الثانية أقرب إلى منطق التعايش مع الواقع، كما هي أقرب إلى استراتجية الإقصاء المقصود للتخفيف من المنافسة المضادة للسوق الرسمي، وهذا بدوره يتيح فرص المزايدة في السوق السوداء على قيمة حقوق البائع المتجول وفق المؤشرات الحمراء والخضراء تصاعدا وتنازلا، لتظل أقصد السوق السوداء مَثمَر فعال لقانون الطوارئ!!
وهذا ما يصّعب (رسّمنة) الدور وتعديل المسؤولية كمعطين أساسين في وثيقة الحقوق (والشاطر يفهم) لا يختلف الحديث عن حقوق المثقفة لدينا عن الاستنباطات السابقة الذكر، وأكرر (الشاطر يفهم) فنحن عندما نلف عنق الحقيقة هذا لا يعني أننا نمارس معها فعل التغيير،بل يعني إصرارنا على تعطيل عضلة الحياة التي تمنحها نمو التطور وحينها يصبح الأمر (ما لجرح بميت إيلام)، هكذا تصورت ذلك البائع المسكين وهو يفرّ من أمام بعضهم تاركا عربته العرجاء العزلاء لتواجه مصيرها بمفردها.
وظل من خلف الشجرة يراقب مصيرها وهي تجرّ إلى مكان ما مجهول. والاختباء خلف الأشياء - أيها السادة - لا توفر قيمة التواجد المنظور والمواجهة المنظورة، لعلها قاعدة أولية على المثقفة أن تؤمن بها.
إن مفهوم الحق يتجاوز الشكل، وإن كان لا يهمشه أو يلغيه لكنه في كافة الأحوال ليس لا يعني فرض كفاية يغني عن الأوليات، المثقفة متواجدة شكلا لا أنكر هذا الأمر كما أنني لا أقيم الدور والمسؤولية من خلاله، إن وجود مثقفة سعودية واحدة في منتدى النقد الأول مقابل عشر رجال،لا يعني أن شكل التواجد ضابط تقييمي لتوافر حق المرأة من خلال الوسائط الثقافية، وقد يقول قائل إنه ليست لدينا ناقدات سعوديات، لكن أغلب من اشترك من الرجال ليس بنقاد بل (كتبه) في مجال النقد والكتابة في مجال النقد لا ترسّمن هوية الناقد، في حين أن لدينا مئات من الأستاذات على امتداد الجامعات السعودية تخصصهن في مجال النقد إن كان التقييم هوية المثقف في هذا المجال معطى (الكتبة)، وإن كان الجميع يعلم جيدا أن اختيار بعض المشاركين عبر الوسائط الثقافية، اختيار ليس نتيجة اقتدار اولئك البعض وتمييزهم عن غيرهم، بل نتيجة الصداقات والعلاقات التي تفرض هؤلاء عبر تلك الوسائط، على العموم هذا ليس بصلب الموضوع لكن الحديث يجر بعضه بعضا، أقول تواجد مثقفة سعودية واحدة في منتدى النقد الأدبي الأول يجعل من حقنا أن نسأل:
من هو المسؤول عن غياب المثقفات الأخريات عن هذا المنتدى
أم أن المطلوب من المثقفة أن (تتسول) الوسائط الثقافية وتجري وراء المسؤولين عنها لتظفر بفرصة؟!

يظل هناك فرق بين البحث عن الدور كحق من حقوق المثقفة والتسول على أبواب أصحاب الوسائط والمنابر الثقافية وحينها كل شيء مرتبط بنوع الغاية أقصد العامة لا الشخصية!! هل المثقفة تعاني لدينا أشكلة الأقلية؟
نعم أحسبها كذلك، بل وأحسبها فوق ذلك مواطنة من الدرجة الثانية في الوسط الثقافي، ليست أشكلة الأقلية هنا ناتج الكم، بل هو ناتج غياب القوانين التي تمنحها حقوقها بوجه عام وفي صناعة القرار الثقافي عبر الوسائط والمنابر الثقافية المختلفة خاصة،ولعل تغيّب المثقفة عن التعيين في مجالس الأندية الأدبية لهو كشف للمستور من النوايا التي ظلت تتشدق بتقديرها لدور المثقفة وأهميته وتفعيله، هؤلاء الذين استغلوا قضية حقوق المرأة المثقفة لأغراض ربحيّة خاصة، وعندما حانت لحظة الاختبار اختبأوا مثل الفئران في جحورهم، لكن معهم حينا بعض الحق، فالمصيدة أيها السادة بلا قطع جبن فرنسية غير قابلة للسكنى، وهذه من الأوليات أيضا التي لم تستوعبها المثقفة حتى الآن، والدليل على منطقي هذا قبول بعض المثقفات مبدأ اللجان النسائية، مع أن المصيدة تخلو من قطع الجبن، وسواء تعددت مناطق المثقفات في تأييد أو رفض هذه اللجان ومبررات تلك المناطق التي تعتمد على التوافق والتساير مع هذه المرة الانتقالية التي تحسبها كثير من المثقفات فترة إخصاب مثمرة ستنتج ثمانية، من الضان اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين، لكن يظل السؤال المتعلق بناتج الإخصاب الذكرين حرم أم الأنثيين،أم سيكون للذكر مثل حظ الأنثيين، نبئوني بعلم أيها العالمون والعالمات ممن يراهن على مستقبل حقوق المثقفة في القادمات من الأيام.. وإني معكم من المنتظرين والمنتظرات.
أنا هنا لا أفرض رأيا على أي مثقفة ولا وصاية على اختيارها لكنني أذكرها بقول الشاعر:
                                                
 ومن لا يُقدِّم رجله مطمئنة
                                                                      فيثبتها في مستوى الأرض يزلق

تظل نقطة أغلق بها هذا الموضوع، وهي إيمان المثقفة بذاتها وبحقوقها وهذه ركيزة أولى لكي تستطيع المثقفة نزع تلك الحقوق وبلورتها ضمن قوانين كافلة لممارستها رسميا، وما قبل ذلك هو تكرر لفرار البائع ومراقبة حال عربته من خلف الشجرة، لا توفر قيمة التواجد المنظور والمواجهة المنظورة، إن المثقفة تحتاج أولا إلى رابطة نسائية وتوفر هذه الرابطة هي القاعدة الأساسية التي سيطلق منها كل المشاريع المنشطة لحقوق المرأة عامة والثقافية خاصة، وهنا يدخل مفهوم آخر للمثقفة وهو مفهوم (الناشطة) الحقوقية التي على الاعتبار لسان المرأة عامة والممثلة للخطاب الإصلاحي لحقوق المرأة بمن فيهم المثقفة، وهذه مهمة تقع في تأسيسها أولا على المثقفة، ودون ائتلاف بينها وبين باقي أدوار المرأة ومسؤولياتها لا يثمر الزرع، أنا لا أنكر أن العمل في مجال حقوق المرأة ما زالت المثقفة لدينا بعيدة عنه وجاهلة به، رغم بعض مقالات في حقوق المرأة هنا وهناك، فهذا لا يعني أن المثقفة السعودية تقوم بدورها في هذا المجال.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved