الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 08th May,2006 العدد : 152

الأثنين 10 ,ربيع الثاني 1427

الوليد رجل الأعمال وخواطر أديب متقاعد

*محمد المنصور الشقحاء:
اعتدت بعد صلاة الظهر بين يوم وآخر، بعد تقاعدي بقوة النظام من العمل الحكومي الذي قضيت فيه أربعين عاماً من حياتي التي جاء ابتداء ركضها عام 1366هـ.
وخلافا لكل التوقعات جاز لي البقاء في مدينة الرياض الخلاقة والمتجددة التي جئتها مقيما عام 1421هـ رغم الرهانات أن مع التقاعد سوف أعود إلى الطائف المأنوس المدينة التي اكتسحت طفولتي وشبابي وهرمي بجبالها وناسها وشوارعها عشقا وبناديها الأدبي شهرة أدبية. أقول اعتدت بعد صلاة الظهر ركوب سيارتي لزيارة صندوق البريد ودخول محل تجاري لشراء بعض الصحف والمعلبات والخبز وقد أعدت أم خالد الشاي وأشعلت التلفزيون حتى أشاركها متابعة حلقة معادة من المسلسل العربي في القناة السعودية الأولى.
غير أنني اليوم زرت مركزا تجاريا في شارع عثمان بن عفان بداخله ركن للصحف والمجلات والكتب كنت أزوره صباح كل خميس عندما كنت على رأس العمل للبحث عن الجديد من الكتب والمجلات المتخصصة، ولفت نظري كتاب (الوليد) بسعره المناسب مع حجمه وحجم الشخصية التي يتحدث عنها.
اسم الكتاب الوليد (الملياردير. رجل الأعمال. الأمير) المؤلف ريز خان الكتاب بملاحقه (400) صفحة يتحدث عن تجربة الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود الذي كون ثروة أسطورية من خلال وعي اقتصادي واكب الأحداث وفرض معها فكره عليها.
يقول المؤلف (عندما التقيت بالأمير في تشرين الأول - أكتوبر 2002م احترت في وصفه. وذلك هو في الواقع رد فعل معظم من التقى به. إنه سريع البديهة، ومنظم بشكل مدهش، ومزيج فريد من الشرق والغرب. في العالم العربي، تتفوق صورة الأمير الوليد على سيرته، فيما تتفوق مثله على سيرته (نجاحه التجاري) على الصعيد العالمي) للعلم الكتاب صدر عام 2005م. المهم احترت في فهم هذه الوصلة من المقدمة وبصدق أيضا باقي التداعيات والثرثرة لتسويغ العمل أي الكتاب. المهم قبل اقتناء الكتاب توقفت عند تصريح الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز والناس مثلي يعانون المؤشر الأحمر يزداد هبوطا في تداولات الأسهم بسبب غياب هيئة سوق المال ومضاربة كبار المساهمين على أسهم شركات قائم على الورق بعضها حيث لم تقم مصانعها ولم ينزل منتجها للسوق في سوق دخله الجميع وربح فيه الجميع وخسر من خدعتهم المصارف بتسهيلاتها الوهمية صغار المضاربين.
صرح سموه بضخ عشرة مليارات من الريالات في السوق السعودي الذي يعاني من السيولة حتى يدفع إدارة هيئة المال إلى إعادة ترتيب أوراقها؛ وأورق خط تداول الأسهم في أماكن متذبذب وتحسن في أماكن من الشريط الذي أشاهده عبر القنوات التلفزيونية التي تتابع أسواق المال العربية. المهم من خلال هذا التصريح وما أجده في صحفنا عن تحركات الوليد الاستثمارية، غامرت بشراء الكتاب حتى أقترب أكثر من الرجل الأسطورة، وأنا أسترجع خيوط إحدى قصصي التي فيها يجد البطل (اسم القصة الشرى) أن حسابه في المصرف الذي عن طريقه يستلم راتبه آخر الشهر به مبلغ لم يحلم به فقام بسحب جزء منه وحسن به حياته وحياة أسرته غير مبالٍ بالعواقب.
يقول المؤلف (لم يزد الوليد الانتقال من قمة إلى قمة إلا سعيا وراء المشروعات الأكثر نجاحا) ودلل بشواهد معها أصبح الوليد حديث المجالس وربط هذا السعي بالمقدرة الخارقة التي استطاعت بوعيها التنموي أن تفرض طريقتها في التعامل لتكون المكاسب المتوقعة. ونجد الكتاب يأخذنا إلى الحديث عن الحس القيادي في بناء مبادرات اجتماعية جريئة من خلال ما ينشر في الصحف لكونها تقوم داخل دائرته (دائرة الأمير) ووفق إمكانياته على ضوء المتاح داخل مدينة الرياض وحدود المملكة العربية السعودية، وسياسية خارجية حذرة يأتي معها التراجع الخطوة الأسلم.
وفق قول: (إن الصعود الاجتماعي يتأثر بنشاط الفرد وذكائه في الوقت الذي يتأثر فيه بالظرف الاجتماعي).
يقول المؤلف (يشعر الأمير بالحاجة إلى دعم المجتمع المسلم على الصعيد الدولي، وليس المنطقة العربية فحسب - لم يقل وطنه) في نظري أن من يملك هذه الإمبراطورية المالية لن يعيقه التفكير في بناء دور أساس داخل مجتمعه في الإضافة لمقومات المجتمع المدني التي معها يقلص العجز في التأمين الصحي والتنمية البشرية في مجال التعليم الخيري المجاني المساهم في دعم الدور الحكومي.
وهذا يندرج تحت خطوات المؤسسات الأهلية التي تبقى ضمن إطار الصراع بين الدولة من جهة وبين المجتمع المدني بسبب الإبهام والغموض الذي يشوب أحاديثنا عن المجتمع المدني في خطاباتنا المختلفة في فلك قضية الديموقراطية لتحديد المواطنة بما تتضمنه من واجبات وحقوق أهمها الحرية بما يصاحبها من مسؤوليات.
كل الصفحات تتحدث عن الأسطورة الشريك والمشارك والمنقذ لكيانات منهارة بدخوله بنسب تختلف من مكان إلى آخر؛ ولكن لم نجد الوليد المنتج إذ لا نجد في الأسواق الاقتصادية تجارة وصناعة منتج يضاف للأسواق تفردت هذه الأسطورة بتأسيسه من الصفر. الكتاب يؤكد أن لدينا رجالا يهمهم البناء ويسعون من خلال الفرص التي جاءت أن يكون لهم الحظ الوافر من النجاح، لقد كانت سيرة رجل الأعمال الوليد بن طلال بن عبدالعزيز بنموذج إنساني قادم من الصحراء العربية التي عرفت بتقلبات الزمان معنى الوفاء للمكان. تصفحت كتاب (الوليد) كمجموعة قصص مما اعتدت في حياتي الأدبية وكنت أتمنى أن هذه القراءة ومعه روايات ودواوين شعر أخذت تنهال مختالة عبر فضاء أدبي واقتصادي اجتماعي متحول ومتجدد أرهقني الركض للحاق به بسبب تأخر ولادتها عقودا من الزمن.
يقول ديفيد هارفي في فصل منطق التحول والمضاربة لدى رأس المال من كتابه حالة ما بعد الحداثة (فإن الحياة الثقافية في المزيد والمزيد من المناطق تغدو في متناول رابطة النقود ومنطق دورة رأس المال) ويقول ريز خان (أخبرني أحد الموظفين هناك كيف يختبرون الأمير بتحريك التحف ومنافض السجائر، حتى ولو بمقدار إنش أو اثنين، فيتوجه الأمير تلقائيا تقريبا إلى هذه الأشياء ويعدل مكانها) إنها ملكة التحريك التي تأتي ضمن نقاط أيديولوجيا الخوف من التأسيس القائم على البناء فهل يتم تجاوزها إلى مرحلة البناء. المهم الكتاب شاهد عصر قد يعيد المؤلف النظر فيه لتكون سيرة الوليد رجل الأعمال هي الركيزة الحقيقية لهذه الأسطورة بعيدا عن الصفات الأخرى.


m7med2000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved