الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 8th December,2003 العدد : 38

الأثنين 14 ,شوال 1424

محمد العلي ... النخلة المنتمية..!!
غربة
هاهنا، حيث لا يرى الحب والشوق طريقاً إلى قلوب العباد ويفرُّ الصباح خوفاً من الأعين حتى كأنها من قتاد وتلوح النجوم كالجثث الشوهاء، حفَّتْ بها ثيابُ حداد حيث ينسى البحر الطروب تثنيه، فيغريك أنه من جماد هاهنا، حيث يأنف الزهر أن يُبدي شذاه، أن يغتلي في رماد كل شيء ظام: إلى شعلة رعناء تنفي عنه ظلام الرقاد أهنا تربتي؟ أهذي التي انسلت رهافاً من غمدها أجدادي ومشت بالضحى يدفقه القرآن تسقي الدنيا كؤوس الرشاد؟! أهنا، حيث أدمنت نكبة الإنسان من كأس حاضري وتلادي سوف أحيا؟ أعيش؟ دون انتظارٍ لفراقٍ أو شهقة لمعاد؟! يا حياة اركضي فقد ذبل النور وشل العناد صوت الحادي لن تنال قبراً كبيراً يضم الناس في غير هذه الأبعاد.
***
أهنا، بعد روعة القمم الخضراء تروي تطلعي واتقادي وعيوني سكرى، تعبُّ بلا وعيٍ رحيق الحياة من أولادي ورفاقي الذين غربلتُ هذا الدهر حتى زرعتهم في فؤادي وانسياب الفرات كالشاعر الهيمان لم يجن نشوة الميعاد فتلوث به الأحاسيس وانقضى هديراً مجنحاً بالعناد؟! ذكرياتي اخطري، فأنت بقايا الكأس من عمر نشوة وحصاد سوف أحنو عليك، أصنع من أسرابك الجامحات مائي وزادي سوف أجلوك واحة تتغ نى في ذراها قصائدي بالعباد ودروباً، أمشي بها مثقل العينين بالزهر من ربيع جواد وطيوراً، أفرُّ فوق جناحيها بعيدا عن غربتي في بلادي.
***
ذكرياتي لا يخجلنَّك إن كنت.. عذاباً حيناً لقلبي الصادي ها هي الذكريات، أكمام أزهار لديها طبيعة الأضداد زوديني بالحلو منك وبالمر.. إذا ما أردت من إسعادي: بحداء يشدّ خطوي إلى الشمس، ويذكي على الطموح اتقادي ونعيب يعدو ورائي يرميني بآهات أعرق الحساد وليالٍ قد كان يجبن حتى الفجر عن شلِّ ما بها من سهاد نتعاطى فيها وقد أنصت الليل كما نشتهي كؤوس الضاد أو نخوض الأنام: هذا جديبٌ أبكم ذهنه وذلك شاد وأعيدي حتى الجباه التي لاحت عليها كواكب من سواد وعثانينها الطوال وقد راحت تغذِّي العيون بالإلحاد وارفقي بي ان تذكري أملاً نهباً، سيبقى شعراً بلا إنشاد.
***
صوِّري لي: النديّ يزخر بالأسماع سالت لشاعر صيَّاد يتغنى بالشعب حتى ترى ما بين ألفاظه قبور الأعادي ويثني بالدين فالأرض لا ترضى بمحرابها سوى الزهاد وينادي بكل ما يبعث التصفيق والحب من جموع الجراد ثم ماذا؟ لا شيء.. قد نسي السامر، واستوحش النداء المنادي.
***
صوري لي أني أسير ببغداد ورأسي خلو من الأصفاد خطواتي مريضة الجري يلقي فوقها «الظالمي» شر ضماد وضياء، يثير فيّ الأعاصير رغابا سريعة الانقياد وأمامي «منارة الشعر» يرمي نزواتي بنقده الجلاّد صوريها، وكيف عدنا، فلاح «البحر» غضبان فارع الإزياد طفحت فوق الدراري يحلّيها ضباب حلو مضل هاد ثم رحنا وللوقار ضجيج فوق أجسامنا نضيء النادي.
***
وتكلم يا أنت، يا قبر،
يا مذياع، يا أبكمّا على أعواد
قل: هنا أوبة الربيع، هنا دجلة عادت إلى ربا بغداد.
***
من قصيدة: أنين متقطع
حين جاء الخريف تلفت جاري
ونادى
ثم راح يطيل النظر
لثرثرة النهر
حتى أفاق
حينما سمعت جارتي المفردات الجمان
هيأت وجهها للمرايا
المرايا التي هيأت نفسها حقباً
لترى: ما الوجوه؟
نظر البحر رهوا إلى نفسه
جس زرقته.. ومداه
وتفقد حتى النوارس من حوله
فتمطى بزهو وأغفى
يعرف الموج فارسه كالجواد
أعيناه فوق الضفاف؟
أم على الذروة الصاعدة؟
تشجع وقل: أين أنت؟
في سماء الحديقة
مطر غامض واحتضار
وسربا فسربا تفر العصافير ظامئه
والمياه العميقة
يثكلها الانتظار
للضباب بلاغته الشاردة
ولأعناق كل النخيل انتماءاتها
وهنا وهناك
زورق واحد للضباب
وهوى واحد للنخيل
حينما سمع النشرة الموجزة
قال مستأسداً للسحابة:
أينما تمطرين
وحين انتهت مفردات المذيع
تنحنح منسرباً للقرى
للمزامير أجنحة مائلة
والظلام المدجن
حتى الشغاف
كان يرنو إليها
بيتم ويبكي


محمد العلي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved