محمد العلي «العقل»
عبد الكريم الجهيمان
|
دعوة يتمناها المصلحيون.. ولا يتبناها الاصلاحيون.. تقول كلماتها..
«اللهم امنحني حظاً يخدمني به أولو العقول.. ولا تمنحني عقلاً أخدم به أولى الحظوظ.. بين العقل وبين الحظ حاجز زمني نادرا ما يتداعى كسور برلين مثلا الذي تداعى بدعوة التوحد.. وكالسور العنصري الذي يقيمه الاحتلال الإسرائيلي والذي آمل أن يتداعى على وقع الهزيمة.. وعزيمة المقاومين..
محمد العلي بعقله الفاعل ترك الحظ جانباً دون أن يفكر فيه.. تمسك بخيار التميز.. واختط لنفسه نهجاً مستنيراً عبر مسيرته الفكرية لم يخدم به أصحاب الحظوظ من حوله.. لم يتزلف.. لم يخادع.. لم يجامل.. لم يهادن.. كان صوته العاقل اصلاحياً لا مصلحياً ذاتياً.. وأنانياً..
مصطلحه الفكري المشبع بروح الفلسفة أعطى مذاقاً من نكهة الحكمة والمتعة كاد أن يتفرد بها بين أقرانه ممن امتهنوا مهنة الحرف، والكلمة الشعرية، والنثرية، والقصصية..
عرفته كاتباً.. وتعرفت عليه إنساناً.. وتتلمذت على أستاذيته.. لمست فيه حكمة الحكيم.. وفلسفة «المعري».. وتأملات «السباعي».. وإنسانية المتأمل، المغرق في وحدته الروحية.. وتوحده المنهجي..
قرأت له عبر نصف قرن من الزمن ما يكفي لأن أضعه دون منافس على قمة المفكرين الذين ينتزعون أفكارهم من خلال تجارب حية.. تنبض بالحياة.. والصدق.. والعمق.. والمضمون..
محمد العلي.. لو أنصفه واقعه لكان أول المكرمين.. وأول من يُحتفى بهم في كل محفل.. ولكن لأن الحظ للقوي بمكسبه يلعب لعبته تماماً كالفيتو الأمريكي المسلط على رقاب البشر.. لأن الحظ تجاوزه واصطفى من هو دونه اقتدارا.. وقدْراً فكرياً.. فإن أستاذنا أبقى على عقله المتفتح دون تلويث.. بل ودون اكتراث.. دون شكوى لأنه العاقل.. والعاقل يكفيه عقله قدرا.. وجائزة.. وجواز مرور لشاطئ الحب..
محمد العلي بين عزلة المفكر.. وسجيته التي لا تعرف التعقيد.. وبين غربته داخل أسرته الصغيرة وقد كبرت وتباعدت.. وبين شريكة حياته وقد ألم بها المرض.. محمد العلي بين كل هذا يقف شامخاً بروحه يعطي لنا عبر سطوره دروساً مليئة بالفلسفة وبالواقعية التي ترسم من خلال مفرداتها خطاب حياة مليئاً بالصور.. والجماليات.. والتداعيات الإنسانية.. والمفارقات البشرية.. في عملية تشخيص لا يقدر عليها إلا من يتملكون قدرات ومواهب محمد العلي «العقل» و«العاقل» و«المفكر المبدع».. له مني كل مودة.. وله من قرائه.. وتلاميذه.. واصفيائه.. وأصدقائه كل تقدير وحب.. إنه يستحق كل هذا.. وأكثر..
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
