الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 8th December,2003 العدد : 38

الأثنين 14 ,شوال 1424

محمد العلي استجاب لدعوتي مرتين.. وخذلني في الثالثة!!
محمد القشعمي

عرفته من خلال مشاركتنا في الأسبوع الثقافي السعودي بالمغرب عام 1397هـ 1976م أي منذ قرابة ثمانية وعشرين عاماً، وقد شارك بصفته صحفياً، إذ كان رئيساً للقسم الثقافي بجريدة «اليوم»، فقد زرت زميلي وصديقي محمد العجيان رئيس تحرير الجريدة بالدمام وقتها، وكنت أعمل بمكتب رعاية الشباب بالاحساء وعرفني على الأستاذ محمد العلي وقال: بأنه سيذهب إلى المغرب مع وفد الأسبوع الثقافي.. وهكذا سافرنا معاً بوفد رسمي لايقل عن 150 فرداً فيهم المحاضر والشاعر والفنان والكاتب والإداري وأعضاء فرقة الفنون الشعبية.
نزلنا في فندق «هلتون الرباط» وتوثقت علاقتنا ببعض وأصبحنا مع الأستاذ علي الرابغي نتحرك سوياً في تنقلاتنا بين مدن المملكة المغربية «الرباط الدار البيضاء مراكش فاس طنجة».
في إحدى فعاليات الأسبوع كان هناك أمسية شعرية في المركز الثقافي بالدار البيضاء وكان فارس الأمسية الشاعر الدكتور زاهر عواض الألمعي.
وبعد أن ألقى بعض القصائد أذكر منها قصيدة يمتدح فيها وكلاء الوزارات عند زيارتهم لبلدة «رجال ألمع» سئل عن الشعر الحديث بالمملكة ومذاهبه فاعتذر لعدم معرفته بتيارات الحداثة، فأنقذ الموقف مقدم الشاعر وكان وقتها الأستاذ المذيع منصور الخضيري قائلاً للسائل: إن هناك بين الحضور شاعراً وصحفياً سعودياً ملماً بما يتعلق بالموضوع فيمكن أن نستدعيه للصعود إلى المنصة ليشارك في الاجابة وليسمعكم شيئاً من شعره الحديث، وهكذا كان.
فبمجرد أن صعد بعد تردد إلى حيث يجلس الشاعر الألمعي أجاب على استحياء بما سئل عنه.. وألح عليه الحضور وبتشجيع من الخضيري أن يلقي بعض قصائده وأذكر منها قصيدة «لا ماء في الماء» وكذا «العيد في الخليج» ونماذج من أشعار تيار ما يسمى بشعراء الحداثة في المملكة وقتها.. مما أطال فترة الأمسية، وعند ختامها سرنا مشياً على الأقدام إلى فندق «حياة ريجنسي» فتبعنا مجموعة من الأدباء الشباب المغاربة وهم يتحاورون مع الأستاذ العلي ويناقشونه ويتبادلون معه العناوين.
بعد يومين وفي الحفل الغنائي الكبير الذي أقيم في مدينة مراكش.. كان من مقدمي البرامج كوكبة من المذيعين أذكر منهم د. عائض الردادي ومنصور الخضيري وعبدالعزيز شكري ومطلق مخلد الذيابي وغيرهم، يتبادلون تقديم الفقرات، وكان الجمهور يستقبل الفنانين بالتصفيق أحيانا والتصفير حيناً، وكانت اللهجة السعودية توقعهم بالاحراج أحياناً، إذ كان مفهوم بعض العبارات تعني شيئاً غير المقصود، والشيء الذي هز العلي واستفزه عندما صرخ أحد الحضور قائلاً: يعيش البترول وصفق له الجميع.
أستأذن محمد العلي المذيع لتقديم إحدى الفقرات فأذن له فوقف أمام المكرفون قائلاً:
أيها السادة.. وأنشد مطلع قصيدة تقول:
فلنتينا.. يا زهرة الفولغا
يا بعثة الأرض إلى الفضاء..
وأنت تعبرين الكون
في مركبة الهواء.
هل أبصرت عيناك شيئاً..
اسمه «الصحراء»؟!
كثبان رمل أحمر
يدعونه «الدهناء»..
غابات نخل..
اسمها «القطيف» و«الأحساء».
وبلدة ناعسة الجفنين..
اسمها «شقراء»..
تلك بلادي يا فلنتينا
قائلاً: هذا شعر لشاعر من بلادي اسمه سعد البواري.. فصفق له الجميع.
وبعد عودتنا من المغرب كثر ترددي على الدمام، فانتقل في هذه الأثناء الصديق العجيان إلى الرياض وكلف الأستاذ العلي بالعمل رئيساً لتحرير الجريدة «اليوم» وتوثقت علاقتي به.. وفي نهاية عام 1397هـ أقيم معسكر عمل اجتماعي بالاحساء شارك به أكثر من مئة شاب يمثلون ثماني دول عربية ومجموعة من مختلف مناطق المملكة،وكان من ضمن البرامج أنشطة ثقافية مختلفة منها ندوة ثقافية بعنوان «دور الشباب في بناء الوطن» شارك بها الأساتذة الدكتور خالد السيف عميد الطلبة والشؤون التعليمية بجامعة الملك فيصل ومحمد العلي رئيس تحرير جريدة «اليوم» ومنصور الخضيري مدير إدارة النشاط الاجتماعي والمعسكرات بالرئاسة.
وأذكر أن الأستاذ منصور الخضيري اضافة لعمله بالرئاسة العامة لرعاية الشباب كان مذيعاً غير متفرغ بالإذاعة، مما شجعه من واقع خبرته ومعرفته به أثناء العمل مما حمله على تسجيل لقاء إذاعي مشتملاً على مراحل حياته العلمية والعملية منذ طفولته بقرية العمران بالاحساء وحتى مغادرته لطلب العلم بالنجف الأشرف بالعراق وحتى عودته مدرساً بثانوية الدمام، وبدايته مع الشعر والصحافة.. الخ وكان عنوان هذا البرنامج الإذاعي «مع المشاهير».
بعد شهر أو شهرين وبالتحديد في 18/1/1398هـ دعوته مرة أخرى للمشاركة في الموسم الثقافي للمكتب واستجاب لدعوتي مشكوراً حيث ألقى محاضرة ثقافية بعنوان «الحس الاجتماعي في الشعر العربي» وكانت أول محاضرة ثقافية في جامعة الملك فيصل بالاحساء، إذ كانت الجامعة حديثة عهد وكان مكتب رعاية الشباب لا يملك مكاناً فسيحاً يمكنه من اقامة أنشطة جماهيرية به، مما جعله يستفيد من امكانية الجامعة، أذكر أن من بين حضور تلك الأمسية «المحاضرة» الشاعر السوري علي دمر رحمه الله إذ كان مدرساً في احدى مدارس قرى الأحساء » الجفر»، وما أن بدأ النقاش بعد نهاية المحاضرة وتطرق الحديث إلى الشاعر المتنبي فأجاب العلي بجواب غير مرضٍ، مما جعل علي دمر يقول بصوت جهوري «عجيب» فلفت الأنظار.
انتقل عملي بعد أشهر إلى مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بحائل، فدعوت الشاعر محمد العلي مرة أخرى ليشارك في النشاط الثقافي هناك فوافق، وبعد أيام وأثناء الإعداد للمحاضرة اتصلت به لتأكيد الدعوة فاعتذر، ومرة أخرى دعوته ليشارك بعض الشعراء أذكر منهم الشاعرين إبراهيم الدامغ وعلي الدميني ووضعت اسمه معهم ووزعت الدعوات ومع ذلك لم يحضر بالرغم من إلحاح بعض أبناء حائل على دعوته أذكر منهم الاخوة جار الله الحميد وحمود السلوة.
وهذه الذكريات مضى عليها الآن أكثر من عقدين ونصف وما زالت ذكراها عالقة في الذهن.. وبقي محمد العلي صديقاً واستاذاً منذ عرفته وما زال.. لم يتغير، صريحاً صادقاً مع نفسه ومع الغير، غير مجامل ولا متناقض فهو يقول «لا» عندما يستدعي الموقف ذلك ونعم في وقتها المناسب، وهومن القلائل المتمسكين بالمثل العربي القائل: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب».
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved