الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 8th December,2003 العدد : 38

الأثنين 14 ,شوال 1424

قصة قصيرة
خبرتني العصفورة ..
صالح أحمد القرني
«ما يصح إلا الصحيح»
قالها شيخ في التلفزيون ذات مساء
حضر أبو ليلى «مناورة» كلامية بين المنتفخ والحضري حول قفص مصنوع من الحديد المذهب.. والذي يراه للمرة الأولى، يقول: ما شاء الله أو يصكه بعين إذا كان متخصصاً في إحراق روعة الجمال.. نظر أبو ليلى إليهما نظرة تعتليها السخرية وتحمل بين ثناياها التوبيخ للاثنين وقال لهما:
الله اللي وزع العقول!!
ثم انسحب عنهما بهدوء رائع وأعطاهما «مقفاه» إلى متجر الطيور الجميلة ليشتري هدية لابنته ليلى بمناسبة النجاح.. دخل المتجر وجال بنظره يمنة ويسرة رأى الأنواع الجميلة من العصافير ذات الألوان الأخاذة التي تأسر شاهديه من النظرة الأولى.. سأل عن أسعارها وجدها متفاوتة... تناول قفصاً مذهباً جميلاً به عصفورتان.. سأل التاجر عن هذا الزوج المؤنث..
بكم هذا الزوج؟
اعتبرها هدية بسيطة للأمورة..
لا لا ما يصير.
يا شيخ اعتبرها هدية لليلى هاذي زي بنتي.
شكراً يا «أبو زينة»
تناول القفص منه ثم خرج من عنده فرحاً بهذه الهدية التي ستسلي ليلى وتملأ عليها وحدتها... وخاصة بعدما توفت من كانت تحكي لها أروع القصص والحكايات وأجمل المواقف التي تحدث لوالديها.. إنها جدتها الودودة..
دخل عليها في غرفتها التي تشبه «الملاهي» من كثرة الألعاب والمسليات الموجودة بداخلها.. وجدها مظلمة أشعل المصباح.. اتجه إلى النافذة فتحها لتشرق الشمس من جديد بداخل الغرفة.. أشعة الشمس تلامس خدها المتورد الجميل.. ويعبث الضوء بعينين سوداويين.. نظر الأب من النافذة ليشاهد مدرسة البنات.. يجول بناظريه في فناء المدرسة.. تنغرز النظرات هنا وهناك.. يطير بنظرة سريعة إلى دورة المياه ويتساءل ما الذي يحدث هناك؟!! قفزت ليلى من السرير عندما رأت القفص المذهب.. وتقول لأبيها:
ولماذا يا أبي لا تفرفر كثيراً؟
.....
هلي هي ذكر وأنثى؟
لا، يا ليلى إنهما عصفورتان
عصفورتان.. يعني لا حرج!!
كلكن إناث، فلتفعلن ما تشأن!
أخذت ليلى تتحدث إلى العصفورتين وتطرح الأسئلة«....» كما تمادت إلى أن تقفل الباب عليها وتخلع ملابسها.. ألقت نظرة على العصفورتين وجدت أنهما في حركة دائمة وسريعة.. سمعت طرق الباب ارتدت ما خلعته.. وفتحت الباب لتجد أمها توبخها بسبب إقفال الباب وإلقاء الشكوك المبطنة.. ثم دعتها إلى الغداء وانصرفت.
تأخرت ليلى عن والدتها ... اقتربت من القفص.. اتجهت إلى النافذة.. تمنت أنها لم تنجح حتى تستمر وقتاً أطول بالمدرسة مع الفتيات هناك حيث اللعب والمرح وأشياء لا توصف.. لحقت بوالدتها.. تناولت العشاء معهما.. فتحت التلفاز نقلت القنوات الفضائية... لتجد أخباراً.. مقابلات.. حوارات، شيخ يتحدث عن مشكلة اجتماعية وفي أثناء الحديث يقول: «ما يصح إلا الصحيح» أقفلت التلفاز .. اتجهت صوب الفراغ تداعب ما تبقى من الالم وتتحسر على مافات.. وباتت ليلتها تلك تحادث العصفورتين عما تبقى بالذاكرة من غباءات مقصودة وحماقات غبية!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved