الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 09th May,2005 العدد : 105

الأثنين 1 ,ربيع الآخر 1426

الخصوصية العربية والعقل الأسير
أ.د. عبدالرحمن العيسوي
عن مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية صدر للدكتور محمد احمد النابلسي كتاب بعنوان (الخصوصية العربية والعقل الأسير نحو سيكولوجيا عربية) يقع الكتاب في 164 صفحة من الحجم الكبير، وفيه يربط المؤلف بين العلوم النفسية والسياسية والعلوم الإنسانية عامة فقد تكون العلوم النفسية موغلة في القدم وقد يكون التراث الإنساني غنياً من الناحية الوصفية لكن تحول هذه الظواهر الموصوفة إلى علوم هو تحول حديث، إذا اضطر فرويد في بداياته إلى مناقشة هذا التحول في أوائل كتاباته والمعنون ب(نحو علم نفس علمي).
فصحيح أننا نجد وصفاً دقيقاً لمرض الفصام في النصوص الهندية القديمة، كما هو صحيح أن مصطلح الهستيريا يعود إلى عصر أبي قراط، عداك عما يحتويه تراثنا العربي من خطوات تجريبية في الميدان، لكن دخول معاناة النفس الإنسانية في ميدان وضمن مسؤوليات العاملين في علوم الشفاء هو دخول تأخر لغاية منتصف القرن الماضي.
في عالمنا العربي كان دخول هذه العلوم، بثوبها العلمي، دخولاً خجولاً إذ تأخر الإعلان عنه لغاية تضافر جهود وطموحات أستاذين كبيرين هما: مصطفى زيور ويوسف مراد. عندها فقط ظهرت إلى شمس هؤلاء الرواد الأوائل عملوا على إيجاد سيكولوجيا في العالم العربي ثم حاولوا لاحقاً استخدام الدكتور محمد عثمان نجاتي بالمشاركة في الجمعية العالمية لعلم النفس عبر الحضاري، لكن هذه المشاركة توقفت بسبب العدوان الثلاثي على مصر في عالم 1956.
منذ ذلك الحين ومع اتساع المد القومي توالت الدعوات إلى إرساء سيكولوجيا عربية إلا أن غالبية هذه الدعوات انطلقت من دراسة الشخصية العربية فاتّسمت بعمومية ذات طابع فلسفي ينسجم مع امتزاج دراسة الفلسفة بدراسة العلوم النفسية حتى بدت هذه الدعوات وكأنها إصرار على إخراج هذه العلوم من عمليتها المكتسبة حديثاً بل إنها بدت وكأنها نوع من أنواع الاحتجاج علمية عربية. فالمدقق في هذه الدعوات يمكنه ملاحظة اشتراكها في عدد من العثرات المنهجية ومنها:
أولاً: هل يمكن لشخص مهما بلغ حماسه وسعة اطلاعه أن يقوم منفرداً بتحليل شخصية أمة كاملة متكاملة في حين يتجه الباحثون المحدثون إلى اعتماد مبدأ (مجموعة بالينت)، حيث يقوم أعضاء المجموعة بتصحيح مسار العلاج الذي يعتمده هذا المعالج؟
ثانياً: هل يمكننا المزج بين المنهج وبين الموضوع في ميدان العلوم الإنسانية وخصوصاً النفسية، في حين تقوم دراسات عالمية عبر حضارية بالعمل على تصنيف المواضيع حسب الثقافات؟
ثالثاً: هل يمكننا اعتماد المنهج دون إدخال تعديلات عليه، في حين يصرّ النفسانيون الإنجليز على إعادة تقنين الاختبارات الأمريكية قبل تطبيقها في عياداتهم؟
رابعاً: هل يمكن لمدرسة علمية ذات امتداد عبر عربي أن تقوم على جهود أفراد وجماعات من تلامذتهم؟
إن الفرد وتلامذته قد ينجحون في إرساء تيار بحثي في اتجاه معين، لكنهم يفشلون حكماً في التأسيس لمدرسة علمية بالمعنى المقصود بشعار
(سيكولوجيا عربية).
خامساً: هل يعقل أن ندرك تمايزنا واختلافنا بمعزل عن الآخر خصوصاً وأن الذات تتموقع نسبياً متعمدة على الآخر؟
فهل يمكن الكلام عن سيكولوجيا عربية بدون مشاركة عربية في الدراسات والتجارب عبر الحضارية؟
سادساً: هل يمكن لمدرسة علمية أن تقوم على أيدي غير المتخصصين أو أصحاب الاختصاصات الموازية؟
سابعاً: في غياب المؤسسات العربية الجامعية هل يتورط الأفراد في مشاريع هي ألصق بالاحتجاج النرجسي منها بالموضوعية العلمية؟
لا أستطيع وزملائي في مركز الدراسات النفسية أن ندّعي شرف فكرة الدعوة إلى سيكولوجيا عربية بل إننا لم نجرؤ على هذه الدعوة فقد اكتفينا بعنوان (نحو علم نفس عربي) للمؤتمر الأول تجاوز ما استطعنا إدراكه من عثرات الدعوات المطروحة عن طريق توجيه الخطاب إلى الزملاء العرب كافة، متخذين لذلك المنابر الثقافية والفكرية المعروفة في عالمنا العربي فإذا ما اكتملت لدينا سلسلة من هذه الآراء جمعناها في هذا الكتاب الذي نأمل في المركز أن يشكل قناة اتصال متخصصة مع الزملاء العرب.
فصول هذا الكتاب سبق لها وأن نشرت في مجلات:
1دراسات عربية
2الثقافة النفسية
3الدفاع الوطني
4 المعرفة
وغيرها من المجلات العربية كما أن بعضها كان قد ألقى في مؤتمرات مختلفة منها:
1 المؤتمر العالمي لحل الصراعات (القاهرة)
2 اتحاد الكتاب العرب
3 مؤتمر الكويت لاضرابات الشدة عقب الصدمية
4 نحو علم نفس عربي) و(مدخل إلى علم نفس عربي).
وهكذا، فإن مجمل محتويات هذا الكتاب هي أفكار أولية لا يمكنها أن تتشكل في قالب فكري علمي إلا من خلال توسيع حلقة النقاش حتى تشمل وجهات النظر المختلفة بعيداً عن الأسر العقلي وعن التمرد النرجسي.
العنوان: الخصوصية العربية والعقل الأسير.
المؤلف: محمد أحمد النابلسي.
الناشر: مركز الدراسات النفسية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved