نصٌ لأكثر النساء بقاء في ذاكرتي
غادة عبد الله الخضير
|
** تبقى الأشياء كما هي..
ويتوقف الزمن..
ابتسامة لا تشيخ..
ودمعة بنفس الحجم.. والمسافة..
وتفاصيل.. شامخة تأخذ منا الوقت.. والحنين.. والذكرى..
إنها الصورة: تلك التي تلدها اللحظة وتتكفَّل بها الذاكرة..
الصورة الأولى:
شجرة زيتون..
شجرة تين..
بينهما..
رجل أُسميه (أبي) علَّمني موته الزهد في الأشياء..
وامرأة أُسميها (أمي) علَّمتني أن الحزن يأتي في هيئة الصبر..
من سقى شجرة الزيتون وقتها..؟
ومن قطف ثمرة التين من ارتفاعاتها..؟
ومن يرسم تلك الابتسامة التي.. شرعت للزهد والحزن والصبر..؟
الصورة الثانية:
أنثى أُسميها (مريم)..
وورود جورية زاهية اللون.. يغرقها مطر يغسل.. الورد.. واليد.. والقلب الذي لا يرى..
ولقطة تصف الطريق الطويل المبتل..
غابت مريم.. وما غابت..
وذبل الجوري.. وما ذبل..
وجف المطر.. وما جف..
وبقي الطريق طويلاً..!!
الصورة الثالثة:
هنا من أين أبدأ..؟
المرآة التي تعكس الضوء..
السرير الغارق بالكتب..
كوب القهوة الذي جمَّدت الصورة درجة حرارته..
مواربة الباب الذي يطل على الشمس..
شقوق الجدار.. وصمود لوحة وحيدة تجمَّد فيها الزمن أيضاً..
ستائر مسدلة انكشف جزء منها ليضيء المكان..
صورة فارغة من الملامح، لكنها تمجِّد الأشياء في بقاءاتها؛ رموز تجعل فقط للزمان رائحة..
تجعل فقط للمكان: خفقة قلب..
الصورة الرابعة:
نصف صورة..!!
والنصف أحياناً.. إثبات قوي للنصف الذي كان..!!
والنصف الذي كان يترك معه غالباً أنصاف الأشياء لا اكتمالاتها..
ولهذا يصبح نصف الصورة المتبقي باهتاً لا معنى.. لشيء فيه..
هذه اليد.. كانت على كتف مَنْ؟
هذه الابتسامات كانت لمن؟ ولماذا؟
وهذا الرأس الذي يميل نحو اللا شيء.. من أسرف في استئصال أمانه؟
نصف صورة..!!
عبثٌ إبقاؤها بعد كل هذا العمر..
الصورة الخامسة:
لأكثر النساء بقاء في ذاكرتي..
صورة حاسمة..
قاطع بها الأسود.. كجديلتي شعرها..
حاسم بها الأبيض.. كلون بشرتها تماماً..
صورة يزورها الغياب.. مرتين..
عند النسيان.. وعند الموت..
الصورة الأخيرة:
على أي مشاهد الحياة ستقفين..؟
وأي الألوان سيصطاد ضوءك؟
وأي ذاكرة ستتكفَّلين بحملها على عاتقك؟
لكي ترصدي الابتسامة في اللحظة..
وللزمن أن يقدم قراءته كيفما شاء..
ghadakhodair@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
