الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 09th May,2005 العدد : 105

الأثنين 1 ,ربيع الآخر 1426

واجهتنا الحضارية

في كل مرة يعانق سمعي مصطلح (الثقافة) أستحضر فوراً صورة وزير دعاية النازي هتلر حين كان يضع يده على مسدسه.. كلما ذكرت أمامه عبارة (مثقف)، وكأنما هذا الشقي والمشقي نوع من (الفيروسات القاتلة)، أو (الجراثيم الموبئة) يتحتم على كل ذي سلطة وصاحب صلاحية أن يجرِّب على ظهره سياطه، ويؤلب السفهة والحمقى للتطاول، وسلقه بألسنة وأقلام ونوايا حاقدة ولا عزاء للمثقفين!!
وربما كان من نصيب كل من انتسب لهذا العالم المشرق والمحرق أن يحترق بنيرانه ويتلظى من سعير الضريبة الباهظة، وفي مجتمعنا كما يعلم معالي الوزير أن أغلب المثقفين موظفون في الحكومة، وهذا قيد ثقيل تئن من حمله كواهل المثقف!! ومن هنا تأتي أهمية دور وصناديق الأدباء والمثقفين التي تحمي محتاجهم من ذل الديْن، ومهانة السؤال وتمكِّن مقتدرهم من مواصلة عطائه ونتاجه وتؤوي ضعيفهم من باحات التشرد، ومعالي الأستاذ إياد مدني علامة ناصعة في سماء ثقافتنا قبل تسنمه ذروة المناصب الوزارية، وأنا على يقين أنه يعرف أكثر مما نعرف ويقدّر أضعاف ما نقدّر، ويستطيع فوق ما نتصوَّر.. أريد من معالي الوزير أن يجعل من ثقافتنا واجهة حضارية لإعلامنا بدلاً من تخويل الإعلام ليغدو كواجهة للثقافة وأريد من معاليه أن يقوم بزيارات متأنية لجميع المناطق، يعيش مع أهلها أياماً يسمع من العامة عن موروثهم ويتداول مع المثقفين الرأي حول احتياجهم، ويشاهد بأم عينه ما هو قابل للعمار وما هو آيل للاندثار!! أريد منه أن ينتقي من وزارته لجنة مؤهلة تعد استبانات وتوزعها على الصحف والمجلات لتسمع من الكتَّاب وجهات نظرهم في مؤسساتنا الثقافية، فالأمة لن تجتمع على ضلالة؟! أريد من معاليه أن يستفسر عن ركود بعض المراكز الإعلامية في بعض المناطق، والتي لا يمكن أن تتحرَّك لحضور مناسبة أدبية، إلا بدعوة رسمية، وإذا حضرت فعلى مضض وفي عجل، ومع الأسف أنها لا تُعنى بمثقفيها كما يجب، فمحطات التلفزة في ربوع بلادنا لا تحب تبني المواهب والصحافة.. تريد أن يصل المبدع إليها حبواً ولا تبذل جهدها نحوه مشياً أو ركوباً!! فالحراك الثقافي يا معالي الوزير لا معنى له إذا لم يصل للناس، ولن يصل للناس إلا من خلال وسائل إعلام يقوم عليها رجال يحبون الثقافة، ويتمتعون بالوعي ويتلذذون بالكلمة.. أما الأميون فلا بواكي لهم ولا مؤاخذة عليهم!! أريد من معالي الوزير أن يصدر القرار بتحجيم هذه الرقابة الجائرة على الكتب الوافدة، فنحن في القرن الحادي والعشرين، وبضغطة على مؤشر جهاز الحاسب تصل في ثوانٍ لمكتبة الكونغرس والبنتاجون، وتختار ما تشاء من كتب، وما تشتهي من مواضيع، معالي الوزير: إنني على ثقة من أنك لن تخذل مثقفي هذا البلد، لأنك أحدهم ولن تسيء بإذن الله، بل ستحسن وبزخم، لأنك إذا ما سمعت عبارة (مثقف) تسجد لله شاكراً..؟!
* نريد أن نملأ الثقافة بالحياة.. لاأن نملأ الحياة بالثقافة..!


د. علي بن محمد الرباعي الباحة

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved