الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 09th May,2005 العدد : 105

الأثنين 1 ,ربيع الآخر 1426

من الحقيبة التشكيلية
لعدم قدرتهم على تجاوز السابقين
تشكيل الحرف في التجربة المحلية استنساخ فاشل (22)
محمد المنيف

تحدثنا في الحلقة الماضية عن بعض الجوانب حول استلهام أو توظيف الحرف العربي في اللوحة التشكيلية نستخلص منها ما يلي:
أن الحروفية تعني تشكيل الحرف العربي وتجريده من العبارة والجملة المقروءة إلى حال أخرى استلهم الفنانون المعاصرون العرب فيها (الحرف) كعنصر جمالي يمكن تحويله إلى كائن مستقل عن الجملة أو المعنى وتجريده من محيط القاعدة الثابتة وتحريره من العبارة ليصبح له كينونته الجمالية المستقلة في عالم الفن التشكيلي في اللوحة أو المنحوتة ثم تساءلنا عن إمكانية نجاح الفنانين هل نجحوا في هذه التجربة.. أم أنها سحابة صيف بللت الأرض ثم اختفت ملامحها؟. كما تساءلنا عن هذه التجربة وهل هي تقليد للغرب وهل هم السابقون بالفعل في هذا التوجه؟ وألمحنا لبعض التجارب الغربية، ثم استشهدنا ببعض التجارب العربية ومنها تجربة الفنان الامريكي مارك تويني وبتجربة الفنان براك والفنان بيكاسو حيث استعانا بالأرقام والحروف كعناصر فنية.
***
أشرنا في ختام الحلقة الأولى إلى نماذج من الفنانين الرواد ممن كان لهم السبق في انطلاقة التجربة على المستوى العربي، ومع أننا قد قدمنا نماذج معاصرة انتهجت أسلوب التجريد أو الرمز، ورغم هذا التحديث والتطوير في توظيف الحرف العربي كشكل وعنصر جمالي إلا أن هناك من ساهم أيضا بإعادة الخط العربي إلى جذوره مستنبطا منها أسلوبا جديدا لرسم الحرف وتشكيله, إيقاعا، وألواناً وهندسة ديناميكية الحركة, مستخلصا منها شكلا هندسيا تبعهم العديد من فناني عصرهم كما أن هناك أيضا في عصرنا الحالي رغم ما مر بالفنون من تغير وتبدل شملت الحرف ذاته وأحالته إلى شكل مجرد من المعنى من لا زال يرى في وجوب التعامل مع الحرف العربي كما عرف عنه سابقا تراث يجمع الشكل والمضمون احتراما لقدسيته عودا إلى أنه كتب به القرآن الكريم، حيث يقول الدكتور علاء بشير في إحدى الندوات أن الحرف شكل منفرد أو مع أحرف أخرى لا تحمل معنى أو مضموناً لا ضرورة له وليس فيه في إغناء، فبعض الحروف جميلة أما بعضها فليست جميلة وهنا قد تعود النتيجة سلبية على العمل، أما ما يحمله الحرف من معنى ضمن جملة متكاملة فسوف يكون العمل رائعا لوجود الشكل الجميل للحرف وللمعنى معا..
الحرف في التجربة المحلية
أما عن تواجد الحرف وتشكيله في الساحة المحلية بالمملكة العربية السعودية فقد أخذ حقه من الترحاب والاستضافة في مختلف الأعمال وأجزم أن ليس هناك فنان في الساحة المحلية لم يكن له وقفة وتجربة مع الحرف ابتداء من رواد الساحة ومرورا بفناني المراحل اللاحقة وفي مختلف التقنيات التصوير الزيتي والرسم و الجرافيك والنحت، منهم من لازال متمسكا به ومنهم من تخلى عنه بذكاء مع ما أبقوه من إيحاء للحرف أو الجملة عودا لحاجة العنصر ضمن فكرة العمل، جاء ذلك التخلي في وقت مناسب نتيجة إحساسهم بأن هناك من رواد الساحة العربية من لم يجد في التعامل معه ما يمكن أن يضمن استمرارية التألق والبحث عن جديد. ولنا أن نتذكر هنا الفنانين الرضوي والسليم الذين بدأا توظيف الحرف في أعمالهم منذ السبعينات الميلادية وبهذا يمكن القول إنهما أسسا لهذا التوجه.
إضافة إلى نماذج يمكن اعتبار الفنانين فيها ممن ساهموا بطرح التجربة الحروفية على مستوى المملكة وأقيم لهم معرض جماعي عام 1409 هـ بإعداد وإشراف من الفنان عبد الرحمن السليمان وقت رئاسته للجنة الفنون التشكيلية بفرع الجمعية بالدمام وشارك في المعرض كل من عبد الحليم رضوي ومحمد السليم وعبدالله الشيخ وناصر الموسى وعبد الرحمن السليمان وسليمان باجبع وعبد الله حماس وعبد الله العليان ومحمد مسحلي وأحمد راضي السبت وعبد العزيز عاشور ويحيى شريفي وسليمان الحلوة وأحمد إلياس وأحمد المغلوث ومفرح عسيري وتركي الدوسري وعبد العظيم الضامن وعلي الطخيس إضافة إلى تواجد أسماء لاحقة أكملت منظومة مستلهمي الحرف العربي ممن لا تسمح المساحة لاستعراضهم، هذه التجربة مع ما شابها من تبعية لتجارب فنانين عرب سابقين منهم من ذكرناهم في سياق الحديث من البارزين على الساحة ومنهم من لا تسمح المساحة باستعراضهم مما يجعلنا نرى أن تجربة الفنان المحلي للحروفية كما يطلق عليها لم تأخذ حقها من الاهتمام فكانت شبه فاشلة؛ لعدم قدرة البعض على تحديد موقفهم من الأساليب الأخرى وإيجاد ما ينفردون به على المستوى المحلي والعربي وأصبحت استنساخاً ممجوجاً ومكرراً لتجارب السابقين.
هؤلاء الفنانون تعاملوا مع الحرف بأنماط مختلفة، منهم من جرده من معناه واعتبره عنصرا حراً ومنهم من جمع من خلاله بين المضمون والشكل.
أخيرا
هكذا أخذ الحرف العربي مكانته وموقعه في الساحة التشكيلية المحلية والعربية مع ما طرأ عليه وما شابه من تغيرات أحدثت الكثير من عدم الاستقرار أو تحديد الموقف أو الدفع به نحو الجديد نتيجة محاولات الفنانين لتوظيفه بسبل فمنهم من اعتمد على إعادة تأليفه في نمط شكلي أخذ الحرف الواحد فيه كوحده قائمة بذاتها أو بتوليف شكل منسجم بعدد من الحروف دون أن يشكل معنى أو جملة، أو أن يستنسخ ويكرر تناوله بإيقاع متوال مشحون بالحركة والحيوية.. منها ما أنجز على اللوحة بالألوان أو بالرسم والحفر ومنها ما نفذ على كتل النحت بالحجر أو الخشب أو الحديد إلا أن تلك المحاولات لا تخلوا من الشعور والخوف من الوصول إلى طريق مسدود قد لا يمنح الكثير من أولئك الفنانين وغيرهم استمرارية هذا الاتجاه وما نتج عنه من أنماط لم تكن ذات نفس طويل لتحقيق نتائج جديدة تبعث فيهم القناعة بأنه بالإمكان ضمان عمر أطول لمثل هذا التوجه وتوثيقه كموروث دون تجاوز لأصل الحرف ودوره ومعناه لإحداث أعلى درجة من الانسجام مع ما طرأ على الحضارة العربية الإسلامية من جديد متأصل ومتصل بالمنطلقات والثوابت التي لا يمكن تجاهلها أو طمسها ومن ثم طمس حقيقة جمال الحرف وإذابته.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved