الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 09th May,2005 العدد : 105

الأثنين 1 ,ربيع الآخر 1426

تكوين
عبدالله الجفري
محمد الدبيسي
في منتصف الستينيات الهجرية
من القرن الماضي.. دلف السيد عبدالله عبدالرحمن الجفري
إلى المدرسة الرحمانية بمكة المكرمة.. كان
من رصفائه في ذلك الحين.. (محمد سعيد طيب..!)
بعد حوالي عشرين عاماً في ذلك التاريخ.. افترق مسار الإثنين..
فصار لكل منهم.. وجهة هو موليها..!
** كان (للثاني).. مساقة المتوافر على قناعة الاختلاف..
واستئناس مناحات الحراك القَلِق.. والمحافل الأكثر جدلاً..!
انفسخ عن وداعة المدرسة المكية.. وانشق عن هدأة أجوائها
فعارك واعترك وناكف بجسارة.. في مسيرة عمر أوصله بعد خمسين عاماً.. من تلك الأجواء الطفولية الحالمة.. والعراكات الساخنة..
إلى أن يكون (رجل قانون..!).. دون أن يتواني عن اعتمار الأسئلة..
خارج إطار المتاح لها.. ووراء حدود نطاقاتها الجاهزة..!
** في حين استهل الأول.. استجابته..
لكيمياء تكوينه بأن يكتب.. فصار يكتب..
واستمر يكتب ولا يزال..!
** في سيرة عبدالله الجفري.. تجربة صحافية.. ثرية..
أتاحت له مواكبة التحولات الأدبية
والثقافية في الحجاز.. ونتائجها المبكرة..
في مرحلة مهمة من مراحل تشكلها..
قربته من رموزها فأخذ منهم وكتب عنهم..
أُشرِب في وعيه وفؤاده الافتنان بالزيدان.. إبان فتوته الأدبية..
وغزارة انتاجه.. وقيمة حضوره المؤثر..
فكتب عنه متأملاً ومستقياً زخم ذلك الحضور..
فأنجز (محمد حسين زيدان زوربا القرن العشرين)
** كان الجفري قريباً من أكثر فترات
الحراك الثقافي في الحجاز نشاطاً وانتاجاً..
وفي أهم أزمانه تأصيلاً للريادة..
بمعنى اختطاطها علامة لهوية المجتمع..
ومفصلاً في تكوّن فكره ونهضته.. وعنفوان رموزه..!
وبالرغم من تقاطع الخطوط الساخنة لهذه المناخات.. وافتراق خطها إلى متوازيات..
كانت أحياناً.. مشكلةً لاتجاهات الاضداد..
ظل الجفري (محايداً) و(منتمياً) في آن..؟
(حياده) راكم في تجربته العمل الصحفي في احترف والتزام..! وخبرة تشكلت
عبر أكثر من موقع.. فمن سكرتير
تحرير ثلاث مطبوعات صحفية إلى نائب رئيس تحرير صحيفة
دولية.. ومدير إقليمي لأخرى..!
استحقاقات وظيفية.. لم تسنفذ طاقاته ككاتب..؟
** عبر سيرة نوعية كهذه.. كوّن (الجفري) دراية واعية
بتفاصيل ومكونات الحراك الثقافي..
من خلال أكثر أدواته وتعبيراته وحساسية (الصحافة) أما الانتماء.. فصفة.. لا أُلصقها بكيان
(عبدالله الجفري) بداعٍ مناقبي أو افتعال فرادة..!؟
إذ يعبر إنتاجه الأدبي..عن صدقية الوصف..
ويتوافر على أثرى دلالته تعبيراً ووثوقية..!
كتب الجفري الخاطرة القصة والرواية.. والمقالة...!
وإن كان يجد ذاته ومقدراته في كل منها..
وإن عبر عن تمكن في مقاربة الصياغات والشروط المعيارية لكل هذه الأنواع..
فقد استنفذت النوعية في عمومها الأدبي.. كتابات الجفري..
فلم يرضِ صنيعه السردي النقاد..؟
فحاولوا إقصاءه في زاوية الحس الرومانسي.. وقواسم حقلها الدلالي الباحث عن الألفة وهدأة الشعور ودفء العلاقة..
والمستكن لدعة التداعي التعبيري في عاطفة متوقدة وتفان في سحر الخيال..؟
وهي تهمة يستوعبها (الجفري) باعتداد ذاتي.. وزخم امتلاء..
فلم يضره الانتقاد.. وإن أراد حشره في مزدوجة التصنيف..!
وبدا الكاتب المخضرم علامة في مسيرة هذا الاتجاه.. بقدرات وطاقات احترافية لم يخبُ وهج
تميزها يوما ما..ودون أن تتواضع قامة صوته لتبعات التصنيف إذ يعلن التأكيد على معنى الاعتداد بالذات.. والثقة بمكوناتها بقوله:
(لعلني تأثرت بعشق جديد.. بتلك الرسائل
التي كتبها أديب العربية وموسيقار الكلمة المجنحة مصطفى صادق الرافعي في كتابه الصغير جداً: أوراق الورد)
** فالجفري يعبر هنا عن انتمائه لرائد من رواد الرومانسية
في تناغم يؤكد الاعتداد بالرافعي مثالاً..!
ولكن فضاء انتماء الجفري الأوسع والأعم.. كان للكلمة.. في جذرها الإنساني..
وغايتها المثالية.. وصدقية الالتزام بها..!
وخارج كل أطر التصنيف. فالجفري.. يمتلك ناصية التميز الرفيع..
في هندسة الكلمة.. وتكوين إيقاعها الحميم.. ورسم أفقها الآسر في
كتابة (المقالة).. وجس نبض الخاطرة الفواحة..
بمفاصل وجدان مولع بها يعبر عن إنسانيته.. وثقافته..! وعن متحركات فضائه الجمالي..
ورؤاه المتجددة وحسه الفنان..!
كتب سباعي عثمان مقدمة لكتاب الجفري (نبض) الصادر عن تهامة سنة 1401هـ (.. هوية الجفري ضائعة بين عمق الرؤى
والاحلام.. ودفء الوجدان وشكل الشعر ومضمونه)
** و(ضياع) كهذا.. يجسد معنى (الانتماء) للكلمة.. في أفق كونها الوجودي.. وكينونتها القيمية.. وفي كسرها.. لكل أطر المعايير.. والتصنيفات..!
وفي تحقيقها لبعدها الجمالي الصرف.. وتأثيرها المبتغى..!
** وفي أكثر من مجموعة قصصية ورواية.. رآها سعيد السريحي دون المستوى الفني والشرط المؤهل.. لولوج حقل الكتابة السردية المعاصرة.. وبنوعية حساسيتها وتقنياتها..!
وعدّها الشنطي (واقعة أحياناً في براثن الإغراء بالثرثرة المجانية.. التي لا تكشف عن حقيقة الشخصية، بقدر ما توحي بالرغبة
في الإطراف والامتاع) واعتبر منصور الحازمي أبطال مجموعة (الضمأ).. للجفري (يملأون الدنيا بصراخهم عن الملل ورتابة الحياة وعبثها وتفاصيلها، وأنهم لايكفون عن التفكير)
وبالرغم من ذلك كان الجفري، تواقاً.. لتحرير رؤاه وتعبيراته من حسابات النقاد.. متجاوزاً بها الارتهان لقياسات النظرية..
إلى أفق يجسد تصوراً خلاقاً لرسالته كأديب.. وقناعاته كمثقف..!
تتجلى نماذجها الحفية بالقيمة، والمؤكدة عليها.. في مقالاته اليومية التي تجاوز عمرها ثلاثة عقود.. تزدهي بإصرار مسؤول على مس جوارح قرائه.. في استيعاب واستنطاق همومهم.. والتوازن في موازاة ثقافاتهم في (مجمل اتجاه).. يؤكد حقيقته المثالية
بالوعي بالناس.. بكل مايشي به هذا (الوعي).. من التماس الصادق مع المشترك(الأوكد) الذي يربط الكتابة بهدف.. والرأي بموقف..
والممارسة بمعنى..!


Md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved