Culture Magazine Monday  09/07/2007 G Issue 206
الملف
الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1428   العدد  206
 

شيءٌ من ذكرياتي
د. صالح بن علي أبو عرَّاد*

 

 

كم هو جميلٌ ورائعٌ أن يُطلب من الإنسان أن يكتب عن ذكرياته مع أحد إخوانه الذين عرفهم وتعامل معهم في مسيرة حياته، ولكن المؤلم والمحزن أن يأتي هذا الطلب في وقتٍ لا يزال الإنسان يعيش فيه هول الصدمة لفراق ذلك الأخ، فيكون محزوناً وغير قادرٍ على ترتيب أفكاره وتصوير مشاعره. وعلى الرغم من أن مصابنا جميعاً بفقد الأخ الشاعر الأديب الأستاذ علي عمر عسيري كبيرٌ جداً إلا أننا نرضى بقدر الله تعالى، ونحتسب ما أصابنا عنده سبحانه، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا فإنا لله وإنا إليه راجعون.

أما أخي الأديب الشاعر الأستاذ علي عمر عسيري (رحمه الله تعالى وغفر له) فقد عرفته منذ ما يزيد على ربع قرنٍ من الزمان عندما كنت أتردد في بداية عام 1403هـ على مقر نادي أبها الأدبي فأراه في مكتب (أمين سر النادي)، وهو شابٌ يمتلئ حيويةً ونشاطاً. ومع تكرار الزيارات للنادي توثقت الصلة والمعرفة التي نتج عنها تنظيم (الأُمسية الشعرية الأولى) لنادي أبها في مدينة (تنومة) بتاريخ 22- 8-1403هـ، وكان أخي الأستاذ علي عمر أحد فرسانها، وألقى عدة قصائد كان من أبرزها مقطوعة شعرية رائعة بعنوان: (تهويمةٌ في سماء تنومة) جاء فيها قوله:

نحن في تهويمةٍ جذلى على مغنى (تُنومة)

ضَمَّنا فيها وفاءٌ وصداقاتٌ حميمة

أهلها أهلُ مبراتٍ وأخلاقٍ وشيمة

نحن يا أحبابنا أبناءُ أرضٍ وعمومة

بيننا ودٌ على القربى وفي الحُسْنِ خُصومة

***

أَقْسَمت (أبها) بأن الحُسنَ أهداها أديمه

كفري يا (ديرتي) إذ لستِ في الحُسنِ يتيمة

***

أين من واديكِ هذا العارضُ استسقى غيومه؟

أين من عاليكِ هذا الشامخُ استدنى نُجومه؟

فأشارت بيننا في الحُسنِ والمجدِ أَرومه

كُلُ شِبرٍ في بلادي جَنةٌ مُثْلى وسيمه

***

ومع مرور الأيام جمعتنا إرادة الله تعالى في هيئة تحرير مجلة (تجارة الجنوب) عند بداية صدورها عن الغرفة التجارية في أبها عام 1403هـ عندما كان (رحمه الله تعالى) مشرفاً على التحرير وكنتُ مُحرراً ثقافياً بالمجلة، فعرفت فيه الجد والاجتهاد والدقة وسعة الاطلاع والطموح، إضافةً إلى الذائقة الأدبية المُتميزة والحس الصحفي المُتزن.

وليس هذا فحسب، فبعد عدة سنوات جمعني به عملٌ تلفزيوني كنت قد اقترحت فكرته على محطة تلفزيون أبها عندما كان (يرحمه الله تعالى) مديراً لها، وكان عبارةً عن برنامج تربوي بعنوان (أوراق تربوية)؛ فما كان منه إلا أن رحب بالفكرة، وأبدى استعداده لتنفيذها وتصويرها، وتم عرض حلقةً واحدةً منه، إلا أن خلافاً حصل في بعض وجهات النظر فتوقف عرض بقية الحلقات من البرنامج، ومن ثم تم نقله إلى محطة تلفزيون القصيم بعد ذلك.

ومع إيماننا التام بقضاء الله وقدره، ورضانا بحكمه جل في عُلاه، ويقيننا بأن كل من عليها فانٍ، وأن كل نفسٍ ذائقة الموت؛ إلا أن مصاب أبناء المنطقة فيه يُعد مصاباً جللاً يتجاوز موضوع الموت الذي هو نهاية كل حي؛ فقد كان الأستاذ علي عمر عسيري (رحمه الله تعالى وغفر له) أحد الرموز الثقافية في المنطقة، وصاحب عطاءاتٍ متنوعةٍ وإسهاماتٍ مُتميزةٍ في الميدان الثقافي والإعلامي، وهو إلى جانب ذلك صاحب شخصية تفرض على الآخرين احترامها وتقديرها ولا سيما أنه كان (كما عرفناه ولا نُزكي على الله أحداً) معتزاً بدينه، محافظاً على مبادئه، متميزاً في عطائه، مُحباً لوطنه.

وهنا أجد أن من المناسب التوجه بالدعوة الصادقة إلى مبادرة (تكريمية إذا صح التعبير) للفقيد؛ كأن يتولى نادي أبها الأدبي تنظيم ندوة أو لقاء أدبي إعلامي يتحدث في مجمله عن سيرة الفقيد الأدبية، وخبراته الإعلامية والعملية، وجهوده المختلفة في مختلف القطاعات والدروس المستفادة منها، أو نحو ذلك مما يُترجم الوفاء ببعض حقه، والاعتراف بجليل قدره، والتقدير لمكانته غفر الله له ولأموات المسلمين.

* أستاذ التربية الإسلامية المساعد ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين في أبها abo_arrad@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة