Culture Magazine Monday  09/07/2007 G Issue 206
فضاءات
الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1428   العدد  206
 
حكايات
إحياء إمارة الشعر العربي!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

الأمة العربية هي الأمة الوحيدة بين سائر الأمم التي عنيت بالشعر، وكرمت الشعراء، وافتخرت بهم، وأعلت منزلتهم ومكانتهم، وحفظت أشعارهم واحتفلت بإبداعاتهم على امتداد التاريخ العربي.

ولعل الشاهد على الاهتمام بالشعر والشعراء هو أن الملوك والسلاطين والأمراء في كل عصر ومصر قربوا الشعراء، بل واستوزروهم وجعلوهم من جلسائهم مستشاريهم.

وقبل ذلك اهتمت القبائل العربية بشعرائها لأنهم كانوا لسان هذه القبائل وفرسانها في معظم الأحيان، وكانت كل قبيلة تفتخر وتبتهج عندما ينبغ شاعر فيها.

وقد قيل قديماً: إن الشعر هو ديوان العرب، وقيل: إن العرب ليس عندهم علم أصح من الشعر، بدليل أن للشعر العربي ستة عشر بحراً بأوزان عديدة وتفعيلات عديدة لها موسيقى جميلة عذبة تطرب الآذان المرهفة وهذه البحور لا يوجد مثلها في أي لغة في العالم تنوعاً وعدداً، كما أن هناك عشر معلقات أو سبع معلقات في رأي البعض.. لا تزال حتى الآن محل الاحترام والتقدير والدراسة. وهناك ناحية أخرى فقد قيل: إن من الشعر لحكمة، وهذا أمر ملحوظ على امتداد الأيام والعصور حيث إن كثيراً من الشعراء قالوا شعر الحكمة الذي يتمثل به العرب في حديثهم وأدبهم.. ربما أكثر من تمثلهم واهتمامهم بالأمثال الدارجة بين الناس.

وقد اشتمل الشعر العربي على أغراض عديدة لم تعرف اللغات الأخرى سوى بعض منها. اشتمل الشعر على الحكمة، والوصف، والفخر، والغزل، والمديح، والرثاء، والحماسة والهجاء إلخ. وهناك كثير من الشعراء برعوا في قول الشعر في هذه الأغراض أو بعضها.

وقد برز كثير من الشعراء العرب الكبار كشعراء المعلقات قديماً. ثم تلاهم شعراء كبار على رأسهم أعظم الشعراء على الإطلاق وهو المتنبي.. وأبو فراس الحمداني ثم جرير والفرزدق والأخطل في العصور الوسيطة ثم ظهر كثير من الشعراء في عصر النهضة كأمير الشعراء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم في مصر، وإيليا أبو ماضي وإلياس أبو شبكة وبدوي الجبل وغيرهم في لبنان وهناك الرصافي في العراق.. ثم ظهر السياب ونازك الملائكة والبياتي، وكذلك نزار قباني ومحمود درويش، وهناك كثير من الشعراء وغيرهم على امتداد الوطن العربي.

ومن شدة اهتمام العرب بالشعراء رأى أرباب الأدب والشعر في عصر النهضة أن يوجدوا إمارة للشعر وأميراً للشعراء. وانتخبوا أحمد شوقي أميراً للشعراء بعد طول جدال وأخذ ورد.

وقد كان حافظ إبراهيم شاعر النيل أكثر المنافسين لأحمد شوقي الذي كان مدعوماً من الخديوية في مصر، وأخيراً تمت تسوية الأمور، وأُقيم مهرجان قال فيه حافظ إبراهيم متنازلاً عن الإمارة لشوقي!

أمير القوافي قد أتيت مبايعاً

وهذي وفود الشرق قد بايعت معي

وبعد وفاة شوقي لم تعد هناك إمارة للشعر ولا أمير للشعراء! وإنها لبادرة طيبة من سمو الشيخ محمد بن زايد آل هيان ولي عهد إمارة أبو ظبي دعوته إلى إحياء إمارة الشعر وانتخاب أمير للشعراء.

وهذا دليل حبه للشعر العربي وتكريمه للشعراء العرب، وذلك بعد نجاح لفكرة سموه الأولى بإقامة مهرجان للشعر الشعبي (شاعر المليون).

- ولعل الدول العربية تتبنى هذا المشروع الرائع الذي طرحه ولي العهد الإماراتي مع تمنياتنا أن يكون لقب أمير الشعراء لمدة خمس سنوات فقط لا مدى الحياة لأن هناك شعراء كثرَ في العالم العربي يطمحون إلى الوصول لهذا اللقب، ويجب أن يكون للشعر أمير في كل فترة فالقمة تتسع للجميع.

نأمل أن نرى هذه المبادرة وقد أصبحت واقعاً ملموساً خلال فترة قصيرة. ففي ذلك حفز للشعراء وللإبداع الشعري في العالم العربي.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7641» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة