Culture Magazine Monday  09/07/2007 G Issue 206
تشكيل
الأثنين 24 ,جمادى الثانية 1428   العدد  206
 

نايل ملا: هذه القضية منحتني الكثير وأنا أهم من الخواجة جونز

 

 

إعداد : محمد المنيف

لقاء اليوم مع اسم حرك الساكن في الساحة قبل ست سنوات، في عام 2001م تحديداً بقضية دخل بها لأول مرة إلى ساحة القضاء فلفت بها أنظار من لا علم لهم بالفن التشكيلي مضيفاً اهتماما جديدا بهذا الفن من قبل العامة قبل المثقفين، ذلك هو الفنان نايل ملا رمز مبدع واسم فاعل وصاحب مبدأ ونهج تشكيلي حقق به مكانته المحلية والعالمية، عمل على تنظيم الكثير من المسابقات والمعارض الجماعية، ولجان التحكيم، وساهم في صناعة بيت التشكيليين وملون السعودية، وقدم العديد من الوجوه التشكيلية التي أثبتت وجودها على الساحة، هذا إلى جانب تحقيقه للعديد من الجوائز المحلية والدولية.

وفي جانب اللوحة عمل منذ العام2000م على مواصلة تقديم مشروعه (تقاسيم شرقية)، ذي البحث الطويل والدؤوب والذي حاز حتى الآن على ثلاث جوائز مهمة، وهي جائزة المفتاحة عام 2001م، وجائزة السفير عام 2001م، وجائزة بينالي طهران الدولي عام 2005م، عمد حالياً على إيقاف المشاركات بهذه اللوحات بعد آخر مشاركة بمعرض روسيا الأخير، حرصا منه على عدم فقدانها، أو تلفها، وصفها العديد من النقاد والمحللين العرب المحايدين بأنها ذات قيمة فنية عالية، اعتبرها أحدهم أنها تمثل حلم عالمية الفن العربي كمدرسة تشكيلية جديدة ذات صبغة عربية عالمية متفردة تأثر بها البعض من الأسماء والمواهب على الساحة.

* ماذا عن المهرجان العربي الأول للوحة الصغيرة ؟

- لا زلت أجاهد لتحقيق فكرتي المتمثلة في إقامة المهرجان العربي الأول للأعمال الفنية الصغيرة من خلال روشان جاليري صاحب الصولات والجولات المشهود بها له، وتعد فكرة إقامة هذا المهرجان هي الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي، حيث يأتي بمشاركة أكثر من260 مشاركاً ومشاركة من داخل وخارج المملكة يقدمون قرابة الـ1500 عمل فني ما بين تصوير ونحت وأساليب وتقنيات مختلفة ومبتكرة في عالم المنمنمات. وقد تم الحصول على موافقة وزارة الثقافة والإعلام ليكون المهرجان تحت مظلتها، وذلك بدعم مشكور من سعادة الدكتورعبدالعزيز السبيل، وكيل وزارة الثقافة والإعلام، الذي تفاعل بشكل إيجابي، وأبدى تعاوناً كبيراً لإنجاح هذا المهرجان، وكلنا أمل في أن يقام أخيراً في شهر سبتمبر القادم دون أية معوقات، بعد أن تعثرت إقامته للعديد من المرات بسبب الإخفاق في تحقيق الدعم المادي المطلوب لتنفيذه والذي يكلف أكثر من المليون ريال، حيث استضافة أكثر من ستين شخصية من خارج المملكة، بالإضافة إلى وجود العديد من البرامج المصاحبة لفعالياته، وكذا تكاليف المطبوعات من دليل وغيره، إذ إن الشركات والمؤسسات الراعية لا زالت للأسف الشديد في غياب عن دعم النواحي الثقافية سيما الفن التشكيلي، وهو مما يؤخرعجلة التقدم به، في حين تعمل على دعم كافة الأنشطة من رياضة وطرب وبرامج فضائية ومهرجانات قد تكون غير ذات جدوى على المجتمع، ومن ثم فهي مأساة مزمنة، مقدماً هنا ومن خلال الجزيرة الثقافية اعتذاري الشديد لكافة المشاركين والمشاركات على كل هذا التأخير غير المقصود.

* وعن تقييمه المرحلة الحالية ؟ - قال، أرى بأن الفن التشكيلي السعودي قد تجاوز مرحلة ما يسمى ب ( ظاهرة ) أو(تجربة) كما كان يحلو لبعض النقاد والمحللين العرب إطلاقها وترديدها في مقالاتهم وقراءاتهم حين التطرق للفن التشكيلي السعودي، باعتباره أنه لم يتبلور بعد للوصول إلى ما يمكن أن يطلق عليه بالحركة التشكيلية، فالفن التشكيلي السعودي قد تعدى بالفعل تلك المرحلة وأخذ مكانته والدليل على ذلك تحقيق العديد من الإنجازات والمشاركات والحضور في المحافل العربية والدولية، وإن كان ذلك ليس بمعيار لإطلاق مفهوم الحركة التشكيلية، إذ إن ثمة أسس وأهداف ومعايير ينبغي أن يبنى عليها تأسيس الحركات التشكيلية، ومع الوزارة الجديدة، فالأمل معقود في بناء حركة تشكيلية سعودية سليمة الأسس، متعافية الجوانب، سيما مع ولادة الجمعية التشكيلية السعودية المرتقبة، والتي ينتظر منها أن تشكل مفصلاً هاماً في إعادة بناء الفن التشكيلي، أوالحركة التشكيلية إذا جاز التعبير. وإن كنت أود الإشارة هنا إلى أمر هو في غاية الأهمية، وهو افتقار الفن التشكيلي السعودي إلى النقد الفني، وهو المصاحب والملازم لبناء أي نوع من الفنون، ومن ثم أتقدم باقتراحي إلى وزارة الثقافة والإعلام والمتمثل في ضرورة استقدام نقاد متخصصين في الفن التشكيلي لمواكبة كل ما يحدث في الساحة التشكيلية، وتفعيل الجمود وتحريك الساكن، فالناقد مفقود، والنقد غير موجود، وإذا ما وجد فهو لا يرتقي لما يسمى بالنقد الفني المتخصص لأنه غالباً ما يأتي إما انطباعياً هجائياً أو تجريحياً، خارجاً عن إطار النقد العلمي المدروس، فاستقدام المتخصصين والخبراء والمستشارين وارد في كل المجالات والتخصصات ولنا في الرياضة نموذج يحتذى به، كما لنا في الأديب الناقد والمنظر الدكتور الشنطي خير مثال على إثراء الساحة الأدبية السعودية، بالرغم من أنه لم يكن أصلاً مستقدماً لهذا الهدف. لكن الاستفادة منه كانت كبيرة ومؤثرة خلال فترة تواجده بالمملكة. فلماذ لا يتم تجربة تفعيل الحركة النقدية التشكيلية بمثل هذه الطريقة طالما انه لا يوجد نقاد متخصصون في هذا المجال؟ إلى جانب إتاحة الفرصة للابتعاث للراغبين في دراسة النقد الفني المتخصص في الفنون التشكيلية.

* وحول رأيه في تأثير العولمة التشكيلية على الأعمال الفنية المحلية قال ؟

- العولمة أصبح لها تأثير واضح على الإنسان بصفة عامة سواءً كان مباشراً أو غير ذلك، والقرية التشكيلية العالمية التي ينهل منها البعض مباشرة، كما أعترف لي العديد منهم، بأنهم يلجئون إلى ( النت ) بحثاً وتعرفاً على أعمال مفاهيمية، أو غيرها من الأساليب الأخرى، وهو أمر مؤسف حين تجدهم يقدمون إما اعمالاً مكرورة، أومقتبسة، أومنقولة، وهم في حقيقة الأمر يجهلون كينونتها. وهنا تكمن مخاطر العولمة حين تقدم أعمالاً بعيدة كل البعد عن مفاهيم بيئتك وهويتك. وهو أمر يسيء إليهم تماماً لفقدانهم مصداقية العمل، وتفضحهم أمام الآخرين.

* إلى أين سيصل الحال بالمد التشكيلي النسائي اليوم ؟

- هو أمر محمود ومشجع ويدعو للغبطة والسرور، وإن كنا ننتظر منهن هذه المنافسة الشريفة منذ زمن، وأن يكون لهن دور أكبر في المساهمة الفعالة للارتقاء معاً بالفن التشكيلي السعودي، وقد غيرهذا المد النسائي من نظرتي السابقة حين رددت في حوار قديم مع الكاتب والناقد السيد الجزايرلي والذي نشر يوماً ما بجريدة اليوم، بأن 50% من التشكيليات السعوديات مدعيات و40% مجتهدات و10% مبدعات، والآن أرى النظرة وقد تغيرت، بعد أن تم اعتماد بعضهن على أنفسهن بعيداً عن رسامي الأسواق، والركض لمنافسة الرجل والتفوق عليه. وسوف تكون مرحلتهن هي القادمة، متى ما حصلن على الفرص المتاحة.

* وعن القضية التي أدخلت الفن التشكيلي المحكمة وإلى أين انتهت ؟

- يقول الفنان نايل ملا، القضية باختصار شديد هي كانت (مؤامرة) لا أقل ولا أكثر، تولدت نتيجة حصولي على الجائزة الثانية لمسابقة السفير التشكيلية والتي نظمتها وزارة الخارجية السعودية في العام 2001م، وللأسف الشديد أن هذه المهزلة أطلقها زميل يحمل وظيفة (دكتور) يعلم النقد لطلابه بإحدى الجامعات، كما جاءت بمباركة درامتيكية من إحدى الصحف، أما بطل المؤامرة فهو أحد المستصحفين المتسلقين على الصحافة التشكيلية،،. عموماً خرجت تلك الصحيفة بتفجير القضية ونشرها مدعومة بآراء عدد من المحسوبين على الساحة التشكيلية وبمانشيتات عريضة بأن (نايل ملا قد سرق الفنان الأمريكي جاسبير جونز) وهذا الأخير لم يسبق لي أن تعرفت عليه لا من بعيد ولا من قريب، ولم يسبق لي أن اطلعت على أعماله على الإطلاق، بل تعرفت عليها بعد نشر القضية، إذ اتضح بأن الأسلوب المشترك بيننا تمثل في تناول المربع في العمل الفني، وهذا المربع اشتغل وعمل عليه الكثيرون من الفنانين في العالم بدءاً من الفنان المسلم منذ عصور مضت، متسائلاً هنا: لماذا لم يكن هذا الأمريكي هو من اقتبس المربع من الفنان العربي والمسلم؟ أم أنها عقدة الخواجة!!. فأنا أجزم بأن ما أقدمه من فن يفوق فن هذا الجونز، بل أعتبر نفسي ولا فخر بأنني أهم منه. كما أنهم تناسوا ما يسمى بتوارد الخواطر أو التناص في العمل الفني أوالأدبي أياً كان,. فالقضية برمتها مفبركة وملفقة، فهي لم تكن لا بالنقد ولا بالتحليل ولو كان كذلك لتقبلته بصدر رحب ولدافعت عنه بشدة، فجاءت المؤامرة مقصودة ومبيتة سيما حين فضح الصحفي نفسه فجاء ما بين السطور في خبره الأول (بعد بحث استغرق وقتاً طويلاً تم اكتشاف هذه السرقة)، هو أمر مضحك ومحزن في آن واحد! ثم توالت الحبكة الدراماتيكية والتي لعبتها الصحيفة مع مخرجها الفني حين تم تعمد قلب لوحتي ليتقارب الشكل والأسلوب مع لوحة جونز، ولو طلبوا رأي هذا الجونز وهو حي يرزق لرفض ذلك التشابه، أو حتى التأثر لتباعد الرؤية والطرح والفلسفة بين الأسلوبين. كل ذلك أدى إلى إثارة حفيظتي فعمدت على رفع قضية من خلال أحد المحامين إلى محكمة جدة ضد الصحيفة وذاك الصحفي على أن تطال المحاكمة بقية الأسماء التي ساهمت في تأكيد السرقة، كون القضية مفتعلة وهي تدخل في طور الزور والبهتان، وقد تم قبولها بالفعل واعتبرت في وقتها اول قضية في الفن التشكيلي تبحث في المحاكم العربية، العديد من وسائل الإعلام، وكان لصحيفة الجزيرة آنذاك دور إيجابي في تبني القضية وكشف حقيقتها للآخرين من خلال فرد مساحات متتالية لها استقطبت آراء العديد من الفنانين والمهتمين والأكاديميين المحايدين الذين أكدوا بأنها ليست سرقة أو حتى اقتباس أو تأثر، حيث لم يثبت حتى تاريخه أولئك المدعون حقيقة إدعاءهم الباطل، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهم توقفوا عند ذلك الإتهام فقط. وكان بإمكاني استئناف القضية من جديد من خلال قنوات أخرى كوزارة الثقافة بعد ما تخلى المحامي عنها لأسباب وحجج واهية، أخجل من ذكرها هنا، لكني احتسبت الأمرعند المولى القدير، فتناسيت الأمر برمته، وانشغلت بإنجازاتي التي تحققت بعد هذه القضية لأنها زادتني إصراراً وعزيمة، ومنحتني شحنة أكبرعلى مواصلتي لقافلتي، مخلفاً كل أولئك وراء ظهري، والذين لم أعد أسمع لهم جعجعة ولا طحنا. إذ هكذا تكتب نهاية المفلسين والمغرضين تجاه المبدعين. وعلى إثر تلك العزيمة والإصرار حققت ولله الحمد جائزتين دوليتين ببينالي القاهرة وطهران، لأن بداخلي يكمن الفن الحقيقي، والإبداع حتى النخاع، ففني ولد مبكراً منذ طفولتي، وتزامن معي، برغم عدم دراستي له في المعاهد أو الأكاديميات. ولكن يظل الفن النقي هو السائد والمنتصر دائماً، والأيام دواليك.

لإبداء الرأي حول هذا اللقاء أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6461» ثم أرسلها إلى الكود 82244

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة