الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 9th August,2004 العدد : 71

الأثنين 23 ,جمادى الثانية 1425

الشخصية في المسرح المحلي
«الرجل الذي غدا ملح»

كان ولا يزال عنصر الشخصيات أو الشخصية في المسرح له أهمية بارزة، يكون دورها، أي الشخصية، مقتصراً على تجسيد أنواع من السلوك والعمق في الأبعاد الثلاثة الرئيسية وهي.. (الاجتماعية والنفسية والجسمية) والشخصية عند المؤلف تمثل نوعاً من السلوك والتصرفات، فهي محملة بأفكار وانفعالات وتصرفات المؤلف الذي يعطي للشخصية الأهمية الأولى على حساب القصة والحدث والبناء الدرامي، أي أننا كثيراً ما نلاحظ في النصوص المعروضة على المسارح وحتى المقروءة، أن هناك شخصية تجسد الوعي لدى المؤلف، تتحول إلى لسان حال تحمل الأفكار والتوجيهات والرغبات حيث نشاهد أن جميع شخصيات المسرحية تقول الأحداث وتتنامى حاملة الأحداث معها حتى تصل إلى لحظة الانفراج والنهاية إما أن تكون سعيدة أو مأساوية.. وللحديث عن الشخصية والبناء في المسرح لابد من الإشارة إلى أهمية الأبعاد الثلاثة التي ذكرناها وضرورة تحديدها حتى تكتمل صورة كل شخصية وتحدد سماتها العامة على نحو ينجح في الإيهام بأنها شخصيات حية بفضل محاكاتها لواقع الحياة فتصبح شخصيات مقنعة, والأبعاد الثلاثة للشخصية ليست منفصلة بعضها عن بعض، بل هي في الغالب متداخلة بعضها مع بعض، إذ نلاحظ في الحياة اليومية مثلاً مدى ما للبعد الجسمي من تأثير على البعد النفسي، فالشخصية المريضة أو المشوهة لها نفسية غير النفسية لدى الشخصية السوية، ومن هنا تأتي أهمية البعد الجسدي الذي يحدده المؤلف عادة في الإرشادات التي يكتبها للمخرج سواء في قائمة الشخصيات أو عند ظهورها على خشبة المسرح وهي إرشادات يجسدها المخرج وينفذها في أشخاص الممثلين عند اختياره لهم، ويستعين بفن الماكياج في إبرازها.
المسرحيات بعضها تعامل في بناء شخصياتها مع الأبعاد الثلاثة وبعضها لامسها وبعضها تعامل مع أحد أبعادها.. فبالنسبة للبعد النفسي وما له من أهمية واضحة بالنسبة للسلوك والتصرفات، يظهر فيه الرجل المفكر المتأمل غير الرجل الانفعالي المندفع والرجل الحسي غير الروحي والعصبي غير الهادي.. ولما كان للأسرة والبيئة الاجتماعية والطبقة التي تنتمي إليها الشخصية في المهنة التي يزاولها لها الأثر الكبير في السلوك البشري وطريقة التصرف في المواقف والتعامل مع الغير فإن البعد الاجتماعي له هو أيضاً أهمية في تحديد الصورة العامة للشخصية.
أما البعد الجسمي فقد لعبته بإبداع فني راقٍ بعض من المسرحيات التجريبية العالمية، حيث مثل الجسد اللغة الأولى في المسرح محاطاً بجماليات الإضاءة والموسيقى التصويرية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. حول أهمية الأبعاد الثلاثة في تصور ورسم شخصيات المسرحية وعلى مستوى المسرح المحلي.. هل نستطيع أن نقول إن كتابنا في المسرح المحلي قد حرصوا دائماً على تحديد كل هذه الأبعاد الثلاثة على قدم المساواة وإعطاء كل منها نفس الأهمية..؟
إن الجواب قطعاً بالنفي.. فشخصيات المسرحية المحلية في الغالب لم يكن فيها بناء يحمل البعد الاجتماعي لكل من شخصياتها إلا تناولاً سطحياً وكان أغلب الكتاب يحاولون الاقتراب من الشق الكوميدي في الدراما المسرحية على أساس أنه أقرب إلى نظر الناس المتلقين من خلال تجسيد صور معينة من واقع الحياة الاجتماعية.. أما التناول التراجيدي فقد لامس الكتاب في الأبعاد الثلاثة عند الشخصيات خاصة البعد النفسي.
إن تحديد الأبعاد الثلاثة للشخصيات ضرورة من الناحية الدرامية.. إلا أن هذه الأبعاد لم تكن واضحة فيما قدمته المسرحيات المحلية ولم تلق الاهتمام بتكوين بناء الشخصيات.. برغم تركيز المؤلفين في كتاباتهم على مسرحيات الشخصيات والنماذج البشرية.. فأغلب الشخصيات تظهر كسلوك وتصرفات ناقدة للواقع الاجتماعي من خلال التطرق إلى سلبيات المجتمع والأفراد، كذلك الإشارة إلى البعد الاجتماعي بما فيه أخلاقيات وعادات وتقاليد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved